تفسير سورة سورة القلم من كتاب أيسر التفاسير
المعروف بـحومد
.
لمؤلفه
أسعد محمود حومد
.
ﰡ
﴿نا﴾
(١) - يُقْسِمُ اللهُ تَعَالَى بِحَرْفِ النُّونِ، وَبِالقَلَمِ وَمَا يَكْتُبُ النَّاسُ.
(وَقِيلَ إِنَّ المَقْصُودَ ب (ن) هِيَ الدَّوَاةُ لأَنَّهَا عَلَى شَكْلِ حَرْفِ النُّونِ، وَقِيلَ إِنَّ المَقْصُودَ بِالقَلَمِ القَلَمُ الذِي أَجْرَاهُ اللهُ بِالقَدَرِ).
(وَجَاءَ فِي الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: " إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللهُ القَلَمَ فَقَالَ لَهُ اكْتٌبْ.
فَقَالَ: يَا رَبِّ وَمَا أَكْتُبُ.
قَالَ: اكْتُبِ القَدَرَ وَمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى الأَبَدِ "). (رَوَاهُ التِّرْمَذيُّ وَأَحْمَدُ).
وَمَا يَسْطُرُونَ - وَالذِي يَكْتُبُونَ بِالقَلَمِ.
(١) - يُقْسِمُ اللهُ تَعَالَى بِحَرْفِ النُّونِ، وَبِالقَلَمِ وَمَا يَكْتُبُ النَّاسُ.
(وَقِيلَ إِنَّ المَقْصُودَ ب (ن) هِيَ الدَّوَاةُ لأَنَّهَا عَلَى شَكْلِ حَرْفِ النُّونِ، وَقِيلَ إِنَّ المَقْصُودَ بِالقَلَمِ القَلَمُ الذِي أَجْرَاهُ اللهُ بِالقَدَرِ).
(وَجَاءَ فِي الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: " إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللهُ القَلَمَ فَقَالَ لَهُ اكْتٌبْ.
فَقَالَ: يَا رَبِّ وَمَا أَكْتُبُ.
قَالَ: اكْتُبِ القَدَرَ وَمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى الأَبَدِ "). (رَوَاهُ التِّرْمَذيُّ وَأَحْمَدُ).
وَمَا يَسْطُرُونَ - وَالذِي يَكْتُبُونَ بِالقَلَمِ.
(٢) - لَسْتَ يَا مُحَمَّدُ، بِنِعْمَةِ اللهِ وَفَضْلِهِ عَلَيكَ، بِمَجْنُونٍ، كَمَا يَقُولُ الجَهَلَةُ المُشْرِكُونَ مِنْ قَوْمِكَ، الذِينَ جِئْتَهُمْ بِالهُدَى فَاتَّهَمُوكَ بِالجُنُونِ.
و (مَا أَنْتَ بِمَجْنُونٍ) - جَوَابُ القَسَمِ.
و (مَا أَنْتَ بِمَجْنُونٍ) - جَوَابُ القَسَمِ.
(٣) - وَإِنَّ لَكَ مِنْ رَبِّكَ أَجْراً عَظِيماً، وَثَواباً جَزِيلاً لاَ يَنْقَطِعُ وَلاَ يُبِيدُ، عَلَى قِيَامِكَ بِإِبْلاَغِ رِسَالَةِ رَبِّكَ إِلَى الخَلْقِ، وَعَلَى صَبْرِكَ عَلَى أَذَاهُمْ.
غَيْرَ مَمْنُونٍ - غَيْرَ مَقْطُوعٍ أَوْ غَيْرَ مَجْذُوذٍ.
غَيْرَ مَمْنُونٍ - غَيْرَ مَقْطُوعٍ أَوْ غَيْرَ مَجْذُوذٍ.
(٤) - وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ، وَلَعَلَى دِينٍ عَظِيمٍ، فَقَدْ كَانَ صَلَواتُ اللهِ عَلَيهِ كَمَا رَوَتْ عَائِشَةُ أُمُّ المُؤْمِنينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا (خُلُقُهُ القُرْآنُ).
ﮠﮡ
ﰄ
(٥) - فَسَتَعْلَمُ يَا مُحَمَّدُ، وَسَيَعْلَمُ مُخَالِفُوكَ وَمُكَذِّبُوكَ.
ﮣﮤ
ﰅ
(٦) - مَنْ هُوَ المَفْتُونُ الضَّالَّ عَنِ الهُدَى: أَنْتَ أَمْ هُمْ؟
المَفْتُونُ - الضَّالُّ عَنِ الحَقِّ وَالهُدَى.
المَفْتُونُ - الضَّالُّ عَنِ الحَقِّ وَالهُدَى.
(٧) - إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ حَادَ عَنِ الطَّرِيقِ السَّوِيِّ المُؤَدِّي إِلَى سَعَادَةِ الدَّارَينِ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى إِلَى سَبِيلِهِ القَوِيمِ، وَطَرِيقِهِ المُسْتَقِيمِ.
(٨) - وَكَمَا أَنْعَمْنَا عَلَيْكَ بِالخُلُقِ العَظِيمِ، وَالشَّرْعِ المُسْتَقِيمِ، فَأَقِمْ عَلَى طَاعَةِ رَبِّكَ، وَلاَ تُطِع المُكَذِّبِينَ، وَلاَ تُدَارِهِمْ، وَلاَ تلاَيِنْهُمْ، طَمَعاً فِي أَنْ يَتَّبِعُوكَ.
(٩) - وَدَّ المُشْرِكُونَ لَوْ تَتْرُكُ بَعْضَ مَا أَنْتَ عَلَيهِ مِمَّا لاَ يَرْضَوْنَهُ، مُصَانَعَةً لَهُمْ، فَتَلِينُ لَهُمْ وَيَلِينُونَ لَكَ.
(وَهَذَا شَيءٌ غَيرُ جَائِزٍ لأَنَّ تَرْكَ بَعْضِ الدِّينِ كُفْرٌ).
وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ - أَحَبُّوا لَوْ تُلاَينُهُمْ وَتُصَانِعُهُمْ.
(وَهَذَا شَيءٌ غَيرُ جَائِزٍ لأَنَّ تَرْكَ بَعْضِ الدِّينِ كُفْرٌ).
وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ - أَحَبُّوا لَوْ تُلاَينُهُمْ وَتُصَانِعُهُمْ.
(١٠) - وَلاَ تُطِعِ المِكْثَارَ مِنَ الحَلْفِ بِاللهِ، الذِي يُكْثِرُ مِنَ الحَلْفِ فِي الحَقِّ وَفِي البَاطِلِ، وَهُوَ فِي نَفْسِهِ مَهِينٌ وَمَحْتَقَرُ الرّأْيِ.
حَلاَّفٍ - كَثِيرِ الحَلْفِ فِي الحَقِّ وَالبَاطِلِ.
مَهِينٍ - حَقِيرٍ فِي الرَّأْي.
حَلاَّفٍ - كَثِيرِ الحَلْفِ فِي الحَقِّ وَالبَاطِلِ.
مَهِينٍ - حَقِيرٍ فِي الرَّأْي.
(١١) - كَثِيرُ الهَمْزِ وَالاغْتِيَابِ وَالطَّعْنِ فِي النَّاسِ، كَثِيرُ السَّعْيِ فِي النَّمِيمَةِ، وَنَقْلِ الأَحَادِيثِ المُؤْذِيَةِ، التِي تَقْطَعُ الأَوَاصِرَ، وَتُسِيءُ إِلَى العَلاَئِقِ بَيْنَ النَّاسِ.
هَمَّازٍ - عَيَّابٍ للنَّاسِ أَوْ مُغْتَابٍ لَهُمْ.
مَشاءٍ بِنَمِيمٍ - يَمْشِي بِالسَّعَايَةِ وَالإِفْسَادِ بَيْنَ النَّاسِ.
هَمَّازٍ - عَيَّابٍ للنَّاسِ أَوْ مُغْتَابٍ لَهُمْ.
مَشاءٍ بِنَمِيمٍ - يَمْشِي بِالسَّعَايَةِ وَالإِفْسَادِ بَيْنَ النَّاسِ.
(١٢) - كَثِيرُ البُخْلِ، مُفْرِطٌ فِي إِمْسَاكِ مَالِهِ عَنْ أَنْ يَجُودَ بِهِ عَلَى الفُقَرَاءِ وَالمُحْتَاجِينَ، وَعَنْ أَنْ يَبْذُلَ فِي وُجُوهِ الخَيْرِ وَمَصَالِحِ الأُمَّةِ، وَهُوَ فَوْقَ ذَلِكَ مُتَجَاوِزٌ حُدُودَ مَا شَرَعَ اللهُ، كَثِيرُ الارْتِكَابِ لِلآثَامِ، لاَ يُبَالِي بِمَا ارْتَكَبَ مِنْ سَيِّئَاتٍ، وَلاَ بِمَا اجْتَرَحَ مِنْ إِجْرَامٍ.
الأَثِيمُ - الذِي مِنْ طَبْعِهِ أَنْ يفْعَلَ الآثَامَ.
الأَثِيمُ - الذِي مِنْ طَبْعِهِ أَنْ يفْعَلَ الآثَامَ.
(١٣) - وَهُوَ فَوْقَ ذَلِكَ فَظٌّ غَلِيظُ القَلْبِ، مُتَمَيِّزٌ بِالشُّرُورِ والآثَامِ، فَلاَ يَمُرُّ بِقَوْمٍ إِلاَّ عَرَفُوا أَنَّهُ رَجُلُ سُوءٍ، (كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي تَعْرِيفِ زَنِيمٍ).
زَنِيمٍ - مَعْرُوفٍ بِالشُّرُورِ وَالآثَامِ - وَهُوَ المُلْتَصِقُ بِنسَبِ غَيْرِهِ وَهُوَ أَيْضاً ابْنُ الزِّنَى.
عُتَلٍّ - فَاحِشٍ لَئِيمٍ - أَوْ غَلِيظٍ جَافٍ.
زَنِيمٍ - مَعْرُوفٍ بِالشُّرُورِ وَالآثَامِ - وَهُوَ المُلْتَصِقُ بِنسَبِ غَيْرِهِ وَهُوَ أَيْضاً ابْنُ الزِّنَى.
عُتَلٍّ - فَاحِشٍ لَئِيمٍ - أَوْ غَلِيظٍ جَافٍ.
(١٤) - وَإِذَا أَنْعَمَ اللهُ عَلَيهِ بِالكَثِيرِ مِنَ المَالِ وَالبَنِينِ.
﴿آيَاتُنَا﴾ ﴿أَسَاطِيرُ﴾
(١٥) - فَإِنَّهُ لاَ يَشْكُرُ اللهَ عَلَى أَنْعُمِهِ وَآلائِهِ، وَلَكِنَّهُ يَكْفُرُ وَيَعْتُو عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ، فَإِذَا تُلِيتْ عَلَيهِ آياتُ اللهِ فَإِنَّهُ يَقُولُ عَنْهَا: إِنَّهَا مِنْ قَصَصِ الأَقْدَمِينَ وَأَسَاطِيرِهِمْ.
أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ - أَباطِيلُهُم المَسْطُورَةُ فِي كُتُبِهِمْ.
(١٥) - فَإِنَّهُ لاَ يَشْكُرُ اللهَ عَلَى أَنْعُمِهِ وَآلائِهِ، وَلَكِنَّهُ يَكْفُرُ وَيَعْتُو عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ، فَإِذَا تُلِيتْ عَلَيهِ آياتُ اللهِ فَإِنَّهُ يَقُولُ عَنْهَا: إِنَّهَا مِنْ قَصَصِ الأَقْدَمِينَ وَأَسَاطِيرِهِمْ.
أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ - أَباطِيلُهُم المَسْطُورَةُ فِي كُتُبِهِمْ.
(١٦) - وَيَتَهَدَّدُ اللهُ تَعَالَى هَذَا العتُلَّ الزَّنِيمَ الذِي لاَ يَشْكُرُ اللهُ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيهِ مِنْ أَمْوَالٍ وَبَنِينَ، بِأَنَّهُ سَيُبَيِّنُ أَمْرَهُ لِلنَّاسِ حَتَّى يَعْرِفُوهُ، كَمَا يَعْرَفُ الفِيلُ بِالسَّمَةِ عَلَى الخُرْطُومِ.
(وَقِيلَ إِنَّ السَّيْفَ حَطَّمَ أَنْفَهُ يَوْمَ بَدْرٍ فَعَرَفَ النَّاسُ مَنْ هُوَ هَذَا العَبْدُ الكَافِرُ بِأَنْعُمُ اللهِ، الذِي أَرَادَ اللهُ تَعَالَى إِذْلاَلَهُ وَتَحْقِيرَهُ، جََزَاءً لَهُ عَلَى عُتُوِّهِ، وَتَكَبُّرِهِ عَلَى اللهِ، وَهُوَ الوَلِيدُ بْنُ المُغِيرَةِ).
سَنَسِمُهُ - سَنُلْحِقُ بِهِ عَاراً لاَ يُمْحَى كَالوَسْمِ عَلَى الأَنْفِ.
(وَقِيلَ إِنَّ السَّيْفَ حَطَّمَ أَنْفَهُ يَوْمَ بَدْرٍ فَعَرَفَ النَّاسُ مَنْ هُوَ هَذَا العَبْدُ الكَافِرُ بِأَنْعُمُ اللهِ، الذِي أَرَادَ اللهُ تَعَالَى إِذْلاَلَهُ وَتَحْقِيرَهُ، جََزَاءً لَهُ عَلَى عُتُوِّهِ، وَتَكَبُّرِهِ عَلَى اللهِ، وَهُوَ الوَلِيدُ بْنُ المُغِيرَةِ).
سَنَسِمُهُ - سَنُلْحِقُ بِهِ عَاراً لاَ يُمْحَى كَالوَسْمِ عَلَى الأَنْفِ.
﴿بَلَوْنَاهُمْ﴾ ﴿أَصْحَابَ﴾
(١٧) - رُوِي أَنَّ أَبَا جَهْلٍ طَلَبَ مِنْ قُرِيشٍ، حِينَ خُرُوجِهِمْ إِلَى قِتَالِ المُسْلِمِينَ فِي بَدْرٍ، أَنْ يَأْخَذُوا مَعَهُمْ حِبَالاً لِيَشُدُّوا بِهَا وَثَاقَ الأَسْرَى مِنَ المُسْلِمِينَ، الذِينَ سَيَقَعُونَ فِي أَسْرِهِمْ، لأَنَّهُمْ كَانُوا لاَ يَشَكُّونَ فِي أَنَّهُمْ هُمُ الغَالِبُونَ.
وَيُبَيِّنُ تَعَالَى أَنَّهُ اخْتَبَرَ كُفَّارَ مَكَّةَ بِمَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّعَمِ الوَاسِعَةِ، وَبِمَا رَحِمَهُمْ بِهِ مِنْ وَاسِعِ العَطَاءِ، لِيَنْظُرَ حَالَهُمْ أَيَشْكُرُونَ النِّعَمَ، وَيُؤَدُّونَ حَقَّهَا، وَيَتَّبِعُونَ دَاعِيَ اللهِ وَرَسُولِهِ، أَمْ يَكْفُرُونَ بِاللهِ، وَيُكَذِّبُونَ رَسُولَهُ، فَيَصُبُّ اللهُ عَلَيهِم العَذَابَ مِنْ عِنْدِهِ، كَمَا اخْتَبَرَ أَصْحَابَ البُسْتَانِ الذِينَ مَنَعُوا حَقَّ اللهِ فِيهِ، وَعَزَمُوا عَلَى أَلاَّ يُؤَدُّوا زَكَاتَهُ لِلْبُؤَسَاءِ وَالفُقَرَاءِ، فَعَاقَبَهُمُ اللهُ تَعَالَى عَلَى فِعْلِهِمْ بِأَنْ دَمَّرَ بُسَتانَهُمْ شَرَّ تَدْمِيرِ، فَقَدْ حََلَفَ أَصْحَابُ البُسْتَانِ ليَقْطِفُنَّ ثِمَارَهُ فِي غُدَوَةِ اليَوْمِ التَّالِي، حَتَّى لاَ يَعْلَمَ بِهِمْ سَائِلٌ وَلاَ فَقِيرٌ.
بَلَوْنَاهُمْ - امْتَحَنَّاهُمْ.
الجَنَّةِ - البُسْتَانِ.
مُصْبِحِينَ - دَاخِلِينَ فِي وَقْتِ الصَّبَاحِ.
الصَّرْمُ - قَطْفُ الثَّمَارِ.
(١٧) - رُوِي أَنَّ أَبَا جَهْلٍ طَلَبَ مِنْ قُرِيشٍ، حِينَ خُرُوجِهِمْ إِلَى قِتَالِ المُسْلِمِينَ فِي بَدْرٍ، أَنْ يَأْخَذُوا مَعَهُمْ حِبَالاً لِيَشُدُّوا بِهَا وَثَاقَ الأَسْرَى مِنَ المُسْلِمِينَ، الذِينَ سَيَقَعُونَ فِي أَسْرِهِمْ، لأَنَّهُمْ كَانُوا لاَ يَشَكُّونَ فِي أَنَّهُمْ هُمُ الغَالِبُونَ.
وَيُبَيِّنُ تَعَالَى أَنَّهُ اخْتَبَرَ كُفَّارَ مَكَّةَ بِمَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّعَمِ الوَاسِعَةِ، وَبِمَا رَحِمَهُمْ بِهِ مِنْ وَاسِعِ العَطَاءِ، لِيَنْظُرَ حَالَهُمْ أَيَشْكُرُونَ النِّعَمَ، وَيُؤَدُّونَ حَقَّهَا، وَيَتَّبِعُونَ دَاعِيَ اللهِ وَرَسُولِهِ، أَمْ يَكْفُرُونَ بِاللهِ، وَيُكَذِّبُونَ رَسُولَهُ، فَيَصُبُّ اللهُ عَلَيهِم العَذَابَ مِنْ عِنْدِهِ، كَمَا اخْتَبَرَ أَصْحَابَ البُسْتَانِ الذِينَ مَنَعُوا حَقَّ اللهِ فِيهِ، وَعَزَمُوا عَلَى أَلاَّ يُؤَدُّوا زَكَاتَهُ لِلْبُؤَسَاءِ وَالفُقَرَاءِ، فَعَاقَبَهُمُ اللهُ تَعَالَى عَلَى فِعْلِهِمْ بِأَنْ دَمَّرَ بُسَتانَهُمْ شَرَّ تَدْمِيرِ، فَقَدْ حََلَفَ أَصْحَابُ البُسْتَانِ ليَقْطِفُنَّ ثِمَارَهُ فِي غُدَوَةِ اليَوْمِ التَّالِي، حَتَّى لاَ يَعْلَمَ بِهِمْ سَائِلٌ وَلاَ فَقِيرٌ.
بَلَوْنَاهُمْ - امْتَحَنَّاهُمْ.
الجَنَّةِ - البُسْتَانِ.
مُصْبِحِينَ - دَاخِلِينَ فِي وَقْتِ الصَّبَاحِ.
الصَّرْمُ - قَطْفُ الثَّمَارِ.
ﭜﭝ
ﰑ
(١٨) - وَلَمْ يَسْتَثْنُوا فِي حَلْفِهِمْ، وَلَمْ يَقُولُوا: إِنْ شَاءَ اللهُ (أَوْ إِنَّهُمْ لَمْ يَسْتَثْنُوا حِصَّةَ المَسَاكِينِ كَمَا أَوْصَاهُمْ أَبُوهُمْ).
﴿طَآئِفٌ﴾ ﴿نَآئِمُونَ﴾
(١٩) - فَأَحَاطَ أَمْرُ رَبِّكَ بِتِلْكَ الجَنَّةِ لَيْلاً، وَهُمْ نَائِمُونَ.
طَافَ - أَحَاطَ بِهَا نَازلاً.
طَائِفٌ - بلاَءٌ عَظِيمٌ أَوْ نَارٌ مُحْرِقَةٌ.
(١٩) - فَأَحَاطَ أَمْرُ رَبِّكَ بِتِلْكَ الجَنَّةِ لَيْلاً، وَهُمْ نَائِمُونَ.
طَافَ - أَحَاطَ بِهَا نَازلاً.
طَائِفٌ - بلاَءٌ عَظِيمٌ أَوْ نَارٌ مُحْرِقَةٌ.
ﭧﭨ
ﰓ
(٢٠) - فَأَصْبَحَتْ تُشْبِهُ فِي سَوَادِهَا اللَّيْلَ البَهِيمَ المُظْلِمَ (أَوْ أَنَّهَا أَصْبَحَتْ كَالبُسْتَانِ الذِي تَمَّ قِطَافُ ثِمَارِهِ).
الصَّرِيمُ - اللَّيْلُ الشَّدِيدُ السَّوَادِ - أَوِ البُسْتَانُ المَقْطُوفُ ثَمَرُهُ.
الصَّرِيمُ - اللَّيْلُ الشَّدِيدُ السَّوَادِ - أَوِ البُسْتَانُ المَقْطُوفُ ثَمَرُهُ.
ﭪﭫ
ﰔ
(٢١) - وَنَادَى بَعْضُهُمْ بَعْضاً فِي الغَدَاةِ.
﴿صَارِمِينَ﴾
(٢٢) - وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: اذْهَبُوا غُدْوَةً لِقَطْفِ ثِمَارِ بُسْتَانِكُمْ، إِنْ كُنْتُمْ مُصِرِّينَ عَلَى قَطْفِهَا.
(٢٢) - وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: اذْهَبُوا غُدْوَةً لِقَطْفِ ثِمَارِ بُسْتَانِكُمْ، إِنْ كُنْتُمْ مُصِرِّينَ عَلَى قَطْفِهَا.
﴿يَتَخَافَتُونَ﴾
(٢٣) - فَانْطَلَقُوا إِلَى بُسْتَانِهِمْ، وَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِصَوْتِ خَافِتٍ، لِكَيلاَ يَسْمَعَ الفُقَرَاءُ وَالبُؤَسَاءُ مَا يَتَحَدَّثُونَ بِهِ.
يَتَخَافَتُونَ - يَتَكَلَّمُونَ بِصَوْتٍ مُنْخَفِيضٍ.
(٢٣) - فَانْطَلَقُوا إِلَى بُسْتَانِهِمْ، وَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِصَوْتِ خَافِتٍ، لِكَيلاَ يَسْمَعَ الفُقَرَاءُ وَالبُؤَسَاءُ مَا يَتَحَدَّثُونَ بِهِ.
يَتَخَافَتُونَ - يَتَكَلَّمُونَ بِصَوْتٍ مُنْخَفِيضٍ.
(٢٤) - وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ: لاَ تُمَكِّنُوا اليَوْمَ مِسْكِيناً مِنَ الدُّخُولِ إِلَى بُسْتَانِكُمْ.
﴿قَادِرِينَ﴾
(٢٥) - وَغَدَوْا إِلَى بُسْتَانِهِمْ، وَهُمْ مُصَمِّمُونَ عَلَى مَنْعِ المَسَاكِين مِنَ الدُّخُولِ إِلَى البُسْتَانِ، وَعَلَى حِرْمَانِهِمْ مِنْ حَقِّهِمْ، وَهُمْ يُظُنُّونَ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَى ذَلِكَ.
عَلَى حَرْدٍ - عَلَى مَنْعٍ.
(٢٥) - وَغَدَوْا إِلَى بُسْتَانِهِمْ، وَهُمْ مُصَمِّمُونَ عَلَى مَنْعِ المَسَاكِين مِنَ الدُّخُولِ إِلَى البُسْتَانِ، وَعَلَى حِرْمَانِهِمْ مِنْ حَقِّهِمْ، وَهُمْ يُظُنُّونَ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَى ذَلِكَ.
عَلَى حَرْدٍ - عَلَى مَنْعٍ.
(٢٦) - فَلَمَّا رَأَوْا بُسْتَانَهُمْ مُحْتَرِفاً، وَمَعَالِمَهُ مُتَغَيِّرَةً، وَلاَ أَثَرَ فِيهِ لِلْخُضْرَةِ وَالنُّضْرَةِ ظَنُّوا أَنَّهُمْ ضَلُّوا الطَّرِيقَ إِليهِ، وَأَنَّهُمْ سَلَكُوا طَرِيقاً آخَرَ.
إِنَّا لَضَالُّونَ - الطَّرِيقَ وَمَا هَذِهِ جَنَّتنَا.
إِنَّا لَضَالُّونَ - الطَّرِيقَ وَمَا هَذِهِ جَنَّتنَا.
(٢٧) - وَلَمَّا تَأَكَّدَ أَنَّ البُسْتَانَ هُوَ بُسْتَانُهُمْ، وَقَدْ هَلَكَ فِيهِ كُلُّ شَيءٍ، قَالُوا إِنَّهُ بُسْتَانُهُمْ وَلَكِنَّهُمْ أُنَاسٌ لاَ حَظَّ لَهُمْ وَلاَ نَصِيبَ (مُحْرُومُونَ).
(٢٨) - فَقَالَ لَهُمْ أَعْدَلُهُمْ وَأَفْضَلُهُمْ (أَوْسَطُهُمْ) : أَلَمْ يَكُنِ الأَفْضَلُ لَكُمْ أَنْ تَشْكُرُوا اللهَ عَلَى أَنْعُمِهِ عَلَيْكُمْ، فَتُسَبِّحُوهُ، وَتَنَزِّهُوهُ؟
أَوْسَطُهُمْ - أَرْجَحُهُمْ عَقَلاً وَأَحْسَنُهُمْ رَأْياً.
لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ - هَلاَّ تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ.
أَوْسَطُهُمْ - أَرْجَحُهُمْ عَقَلاً وَأَحْسَنُهُمْ رَأْياً.
لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ - هَلاَّ تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ.
﴿سُبْحَانَ﴾ ﴿ظَالِمِينَ﴾
(٢٩) - فَنَدِمُوا عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ بَعْدَ فَوَاتِ الأَوَانِ، وَسَبَّحُوا رَبَّهُمْ، وَاعْتَرَفُوا بِأَنَّهُمْ كَانُوا ظَالِمِينَ، حِينَمَا أَرَادَوا مَنْعَ المَسَاكِينَ حَقَّهُمْ مِنْ ثَمَرِ البُسْتَانِ.
(٢٩) - فَنَدِمُوا عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ بَعْدَ فَوَاتِ الأَوَانِ، وَسَبَّحُوا رَبَّهُمْ، وَاعْتَرَفُوا بِأَنَّهُمْ كَانُوا ظَالِمِينَ، حِينَمَا أَرَادَوا مَنْعَ المَسَاكِينَ حَقَّهُمْ مِنْ ثَمَرِ البُسْتَانِ.
﴿يَتَلاَوَمُونَ﴾
(٣٠) - فََأَخَذَ بَعْضُهُمْ يَلُومُ بَعْضاً عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَتَّهِمُ الآخَرِينَ بِأَنَّهُم السَّبَبُ فِيمَا كَانَ.
يَتَلاَوَمُونَ - يَلُومُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً.
(٣٠) - فََأَخَذَ بَعْضُهُمْ يَلُومُ بَعْضاً عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَتَّهِمُ الآخَرِينَ بِأَنَّهُم السَّبَبُ فِيمَا كَانَ.
يَتَلاَوَمُونَ - يَلُومُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً.
﴿ياويلنا﴾ ﴿طَاغِينَ﴾
(٣١) - وَمَا كَانَ مِنْ بَعْضِهِمْ إِلاَّ أَنِ اعْتَرِفُوا بَالخَطِيئَةِ وَالذَّنْبِ، وَقَالُوا: إِنَّا اعْتَدَيْنا وَجَاوَزْنَا الحَدَّ حَتَّى أَصَابَنَا مَا أَصَابَنَا.
(٣١) - وَمَا كَانَ مِنْ بَعْضِهِمْ إِلاَّ أَنِ اعْتَرِفُوا بَالخَطِيئَةِ وَالذَّنْبِ، وَقَالُوا: إِنَّا اعْتَدَيْنا وَجَاوَزْنَا الحَدَّ حَتَّى أَصَابَنَا مَا أَصَابَنَا.
﴿رَاغِبُونَ﴾
(٣٢) - لَعَلَّ اللهَ أَنْ يُعْطِينَا خَيْراً مِنْهَا بَدَلاً ِتَوْبِتنَا وَاعْتِرَافِنَا بِذُنُوبِنَا وَتَكْفِيرِنَا عَنْ سَيِّئَاتِنَا، وَإِنَّنَا رَاجُونَ عَفْوَهُ، وَطَالَبُونَ الخَيْرَ مِنْهُ.
رَاغِبُونَ - طَالِبُونَ مِنْهُ الخَيْرَ وَالعَفْوَ.
(٣٢) - لَعَلَّ اللهَ أَنْ يُعْطِينَا خَيْراً مِنْهَا بَدَلاً ِتَوْبِتنَا وَاعْتِرَافِنَا بِذُنُوبِنَا وَتَكْفِيرِنَا عَنْ سَيِّئَاتِنَا، وَإِنَّنَا رَاجُونَ عَفْوَهُ، وَطَالَبُونَ الخَيْرَ مِنْهُ.
رَاغِبُونَ - طَالِبُونَ مِنْهُ الخَيْرَ وَالعَفْوَ.
(٣٣) - وَهَكَذَا يَكُونُ عَذَابُ الدُّنْيَا الذِي يُنْزِلُهُ اللهُ بِمَنْ خَالَفَ أَمْرَهُ، وَبَخِلَ بِمَا آتَاهُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ، وَأَنْعَمَ بِهِ عَلَيهِ وَمَنَعَ المَسَاكِينَ حَقَّهُمْ، وَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ وَأَشَقُّ، لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ شَيئاً عَنْ نَارِ جَهَنَّمَ والعَذَابِ فِيهَا.
﴿جَنَّاتِ﴾
(٣٤) - وَلِلَّذِينَ يَتَّقُونَ رَبَّهُمْ، فَيُؤَدُّونَ مَا أَوْجَبَهُ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ طَاعَاتٍ، وَيَجْتَنِبُونَ مَا نَهَاهُمْ عَنْهُ، جَنَّاتٌ يَنْعَمُونَ فيهَا بِمَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ.
(٣٤) - وَلِلَّذِينَ يَتَّقُونَ رَبَّهُمْ، فَيُؤَدُّونَ مَا أَوْجَبَهُ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ طَاعَاتٍ، وَيَجْتَنِبُونَ مَا نَهَاهُمْ عَنْهُ، جَنَّاتٌ يَنْعَمُونَ فيهَا بِمَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ.
(٣٥) - قَالَ كُفَّارَ مَكَّةَ لِلْمُسْلِمِينَ سَاخِرِينَ: إِنَّ اللهَ فَضَّلَنَا عَلَيْكُمْ فِي الدُّنْيَا، فَلاَ بَدَّ أَنْ يُفَضِّلَنَا عَلَيْكُمْ فِي الآخِرَةِ، فَإِنْ لَمْ يَحْصلِ التَّفْضِيلُ فَلاَ أَقَلَّ مِنَ المُسَاوَاةِ. فَرَدَّ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ قَائِلاً: أَنُسَاوِي بَيْنَ المُؤْمِنِينَ المُطِيعِينَ رَبَّهُمْ وَبَينَ المُجْرِمِينَ الذِينَ كَفَرُوا بِاللهِ، وَكَذَّبُوا رَسُولَهُ، وَأَقَامُوا عَلَى المَعَاصِي وَالآثَامِ؟ كَلاَّ، لاَ يُمْكِنُ أَن تَقَعَ هَذِهِ المُسَاوَاةُ.
(٣٦) - مَاذَا حَصَلَ لَكُمْ مِنْ فَسَادِ الرَّأْيِ حَتَّى ظَنَنْتُمْ هَذَا الظَّنَّ، وَحَكَمْتُمْ مِثْلَ هَذَا الحُكْمِ؟
﴿كِتَابٌ﴾
(٣٧) - أَمْ إِنَّكُمْ تَسْتَنِدُونَ فِي ظَنِّكُمْ هَذَا إِلَى كِتَابٍ نَزَلَ إِليكُمْ مِنَ السَّمَاءِ تَدْرُسُونَهُ وَتَتَدَوَلُونَهُ؟
(٣٧) - أَمْ إِنَّكُمْ تَسْتَنِدُونَ فِي ظَنِّكُمْ هَذَا إِلَى كِتَابٍ نَزَلَ إِليكُمْ مِنَ السَّمَاءِ تَدْرُسُونَهُ وَتَتَدَوَلُونَهُ؟
(٣٨) - وَهَذَا الكِتَابُ يَتَضَمَّنُ حُكْماً مُؤَكَّداً بِأَنَّ لَكُمْ مَا تَخْتَارُونَ وَمَا تَشْتَهُونَ، وَأَنَّ الأَمْرَ مُفَوَّضٌ إِليكُمْ لاَ إِلَى غَيْرِكُمْ؟..
لَمَا تَخَيَّرُونَ - الذِي تَخْتَارُونَهُ وَتَشْتَهُونَهُ.
لَمَا تَخَيَّرُونَ - الذِي تَخْتَارُونَهُ وَتَشْتَهُونَهُ.
﴿أَيْمَانٌ﴾ ﴿بَالِغَةٌ﴾ ﴿القيامة﴾
(٣٩) - أَمْ مَعَكُمْ عُهُودٌ مُؤَكَّدَةٌ مِنَّا، لاَ نَخْرُجُ مِنْ عَهْدَتِهَا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، أَنَّكُمْ سَتَصِلُونَ إِلَى كُلِّ مَا تَشْتَهُونَ وَتَطْلَبُونَ وَتَحْكُمُونَ.
(٣٩) - أَمْ مَعَكُمْ عُهُودٌ مُؤَكَّدَةٌ مِنَّا، لاَ نَخْرُجُ مِنْ عَهْدَتِهَا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، أَنَّكُمْ سَتَصِلُونَ إِلَى كُلِّ مَا تَشْتَهُونَ وَتَطْلَبُونَ وَتَحْكُمُونَ.
(٤٠) - سَلْهُمْ مَنِ الضَّامِنُ وَالكَفِيلُ بِتَنْفِيذِ هَذَا الوَعْدِ؟
زَعِيمٌ - كَفِيلٌ أَوْ ضَامِنٌ بِأَنْ يَكُونَ لَهُمْ ذَلِكَ.
زَعِيمٌ - كَفِيلٌ أَوْ ضَامِنٌ بِأَنْ يَكُونَ لَهُمْ ذَلِكَ.
﴿بِشُرَكَآئِهِمْ﴾ ﴿صَادِقِينَ﴾
(٤١) - أَمْ لَهُمْ أُنَاسٌ يُشَارِكُونَهُمْ هَذَا الرَّأْيَ، وَيَقُولُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ وَالمُجرِمِينَ، فَإِنْ كَانَ الأَمْرُ كَذَلِكَ فَلْيَأْتُوا بِهَؤُلاَءِ الشُّرَكَاءِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ فِيمَا يَقُولُونَ؟
(٤١) - أَمْ لَهُمْ أُنَاسٌ يُشَارِكُونَهُمْ هَذَا الرَّأْيَ، وَيَقُولُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ وَالمُجرِمِينَ، فَإِنْ كَانَ الأَمْرُ كَذَلِكَ فَلْيَأْتُوا بِهَؤُلاَءِ الشُّرَكَاءِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ فِيمَا يَقُولُونَ؟
(٤٢) - فَلْيَأْتُوا بَهَؤُلاَءِ الشُّرَكَاءِ لِيُعَاوِنُوهُمْ حِينَمَا يَشْتَدُّ الهَوْلُ، وَيَعْظُمُ الخَطْبُ، يَوْمَ القِيَامَةِ، وَحِينَئِذٍ يُدْعَى هَؤُلاَءِ المُشْرِكُونَ إِلَى السُّجُودِ، تَوْبِيخاً لَهُمْ عَلَى تَرْكِهِم الصَّلاَةَ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا، فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ، فَتَزْدَادُ حَسْرَتُهُمْ وَنَدَامَتُهُمْ.
يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ - تَعْبِيرٌ يَعْنِي اشْتِدَادَ الأَمْرِ يَوْمَ القِيَامَةِ.
يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ - تَعْبِيرٌ يَعْنِي اشْتِدَادَ الأَمْرِ يَوْمَ القِيَامَةِ.
﴿خَاشِعَةً﴾ ﴿أَبْصَارُهُمْ﴾ ﴿سَالِمُونَ﴾
(٤٣) - وَحِينَ يُدْعَى هَؤُلاَءِ إِلى السُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ ذَلِكَ، تَكُونُ أَبْصَارُهُمْ خَاشِعَةً ذَلِيلَةً، وَتَعْلُوهُمْ ذِلَّةٌ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ، وَقَدْ كَانُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا مُتَكَبِّرِينَ مُتَجَبِّرِينَ، وَلَمَّا دُعُوا إِلَى السُّجُودِ فِي الدُّنْيَا، وُهُمْ أَصِحَّاءِ سَالِمُونَ فِي أَبْدَانِهِمْ، وَامْتَنَعُوا عَاقَبَهُمْ اللهُ بِأَن جَعَلَهُمْ غَيْرَ قَادِرِينَ عَلَى السُّجُودِ حِينَمَا يَتَجَلَّى الرَّبُّ سُبْحَانَهُ، وَيَسْجُدُ المُؤْمِنُونَ تَعْظِيماً لِجَلاَلِهِ الكَرِيمِ.
(٤٣) - وَحِينَ يُدْعَى هَؤُلاَءِ إِلى السُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ ذَلِكَ، تَكُونُ أَبْصَارُهُمْ خَاشِعَةً ذَلِيلَةً، وَتَعْلُوهُمْ ذِلَّةٌ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ، وَقَدْ كَانُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا مُتَكَبِّرِينَ مُتَجَبِّرِينَ، وَلَمَّا دُعُوا إِلَى السُّجُودِ فِي الدُّنْيَا، وُهُمْ أَصِحَّاءِ سَالِمُونَ فِي أَبْدَانِهِمْ، وَامْتَنَعُوا عَاقَبَهُمْ اللهُ بِأَن جَعَلَهُمْ غَيْرَ قَادِرِينَ عَلَى السُّجُودِ حِينَمَا يَتَجَلَّى الرَّبُّ سُبْحَانَهُ، وَيَسْجُدُ المُؤْمِنُونَ تَعْظِيماً لِجَلاَلِهِ الكَرِيمِ.
(٤٤) - كِلْ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ إِلَيِّ أَمْرَ هَؤُلاَءِ المُكَذِّبِينَ بِالقُرْآنِ، وَلاَ تَشْغَلْ قَلْبَكَ بِشأْنِهِمْ فَأَنَا أَكْفِيكَ أمْرَهُمْ، وَسَأَسْتَدْرِجُهُمْ إِلَى العَذَابِ دَرَجَةً فَدَرَجَةً بِالإِمْهَالِ، وَبِإِدَامَةِ الصّحَةِ، وَزِيَادَةِ النِّعْمَةِ، مِنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ اسْتِدْرَاجٌ، فَيَظُنُّونَ أَنَّهُ إِيثَارٌ لَهُمْ مِنَ اللهِ، وَتَفْضِيلُ لَهُمْ عَلَى المُؤْمِنِينَ.
سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ - فَنُمِدُّهُمْ بِالأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ وَنُمِدُّهُمْ فِي الأَرزَاقِ والأَعْمالِ لِيَغْتَرُّوا وَيَسْتَمِرُّوا عَلَى مَا يَضُرُّهُمْ وَهَذَا مِنْ كَيْدِ اللهِ لَهُمْ.
سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ - فَنُمِدُّهُمْ بِالأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ وَنُمِدُّهُمْ فِي الأَرزَاقِ والأَعْمالِ لِيَغْتَرُّوا وَيَسْتَمِرُّوا عَلَى مَا يَضُرُّهُمْ وَهَذَا مِنْ كَيْدِ اللهِ لَهُمْ.
(٤٥) - وَأُوخِّرُهُمْ وَأُنْسِيءُ لَهُمْ فِي آجَالِهِمْ، لِيَزْدَادُوا عِصْيَاناً وَطُغْيَاناً، لِتَقُومَ عَلَيهِم الحُجَّةُ، وَإِنَّ كَيْدِي لأَهْلِ الكُفْرِ لَقَوِي شَدِيدٌ مُحْكَمٌ.
(وَجَاءَ فِي الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: " إِنَّ اللهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ "). (وَرَدَ فِي الصِّحِيحَيْنِ).
أُمِلِي لَهُمْ - أُمْهِلُهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثماً.
إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ - أَيْ عَظِيمٌ لِمَنْ خَالَفَ أَمْرِي، وَكَذَّبَ رُسُلِي، واجْتَرَأَ عَلَى مَعْصِيتَي.
(وَجَاءَ فِي الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: " إِنَّ اللهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ "). (وَرَدَ فِي الصِّحِيحَيْنِ).
أُمِلِي لَهُمْ - أُمْهِلُهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثماً.
إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ - أَيْ عَظِيمٌ لِمَنْ خَالَفَ أَمْرِي، وَكَذَّبَ رُسُلِي، واجْتَرَأَ عَلَى مَعْصِيتَي.
﴿تَسْأَلُهُمْ﴾
(٤٦) - إِنَّكَ لاَ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً يَا مُحَمَّدُ عَلَى مَا تَدْعُوهُمْ إِليهِ مِنَ الإِيمَانِ بِاللهِ، وَإِلَى الطَّاعَةِ وَالعَمَلِ الصَّالِحِ، لِيَرْفُضُوا نَصِيحَتَكَ، مَخَافَةَ أَنْ يَلْحَقَهُمْ غُرْمٌ مِنْ دُخُولِهِمْ فِي الدِّينِ الذِي دَعَوْتَهُمْ إِليهِ.
(٤٦) - إِنَّكَ لاَ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً يَا مُحَمَّدُ عَلَى مَا تَدْعُوهُمْ إِليهِ مِنَ الإِيمَانِ بِاللهِ، وَإِلَى الطَّاعَةِ وَالعَمَلِ الصَّالِحِ، لِيَرْفُضُوا نَصِيحَتَكَ، مَخَافَةَ أَنْ يَلْحَقَهُمْ غُرْمٌ مِنْ دُخُولِهِمْ فِي الدِّينِ الذِي دَعَوْتَهُمْ إِليهِ.
(٤٧) - أَمْ عِنْدَهُم اللَّوْحُ المَحْفُوظُ الذِي فِيهِ أَنْبَاءُ الغَيْبِ، فَهُمْ يَكْتُبُونَ فِيهِ مَا يُرِيدُونَ مِنَ الحُجَجِ التِي تَدْعَمُ صِحّةَ قَوْلِهِمْ، وَيُخَاصِمُونَكَ فِيمَا يَكْتُبُونَ فِيهِ، وَيَسْتَغْنُونَ بِذَلِكَ عَنِ الاسْتِجَابَةِ لَكَ.
(٤٨) - فَاصْبِرْ يَا مُحَمَّدُ عَلَى أَذَى قَوْمِكَ، وَتَكْذِيبِهِمْ إِيَّاكَ، فَإِنَّ اللهَ سَيَحْكُمُ لَكَ، وَسَيَجْعَلُ العَاقِبَةَ لَكَ وَلأَتْبَاعِكَ، فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلاَ تَكُنْ كَنَبِيِّ اللهِ يُونُسَ، عَلَيهِ السَّلاَمُ (صَاحِبِ الحُوتِ) حِينَ ذَهَبَ مُغَاضِباً قَوْمَهُ فَرَكِبَ السَّفِينَةَ، ثُمَّ اقْتَرَعَ أَهْلُ السَّفِينَةِ فَأْلْقِيَ فِي البَحْرِ، فَالتَقَمَهُ الحُوتُ، وَطَافَ بِهِ الحُوتُ أَرْجَاءَ المُحِيطَاتِ فَحِينِئذٍ نَادَى فِي الظُّلُمَاتِ، وَهُوَ مُمْتَلِئٌ غَيْظاً مِنْ قَوْمِهِ إِذْ لَمْ يُؤْمِنُوا لَهُ حِينَ دَعَاهُمْ إِلَى الإِيمَانِ: لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ.
صَاحِبِ الحُوتِ - يُونُسَ، عَلَيهِ السَّلاَمُ.
مَكْظُومٌ - مُمْتَلِئُ القَلْبِ غَيْظاً عَلَى قَوْمِهِ.
صَاحِبِ الحُوتِ - يُونُسَ، عَلَيهِ السَّلاَمُ.
مَكْظُومٌ - مُمْتَلِئُ القَلْبِ غَيْظاً عَلَى قَوْمِهِ.
﴿تَدَارَكَهُ﴾
(٤٩) - وَلَوْلاَ أَنْ تَدَارَكَتْهُ رَحَمَةُ اللهِ تَعَالَى وَنِعْمَتُهُ، بِتَوْفِيقِهِ لِلْتَّوْبَةِ، وَقَبُولِهَا مِنْهُ، لَطُرِحَ فِي الفَضَاءِ مِنْ بِطْنِ الحُوتِ، وَهُوَ مَلُومٌ مَطْرُودٌ مِنْ الرَّحْمَةِ وَالكَرَامَةِ.
لَنُبِذَ - لًطُرِحَ.
العَرَاءِ - الأَرْضِ الفَضَاءِ المُهْلِكَةِ.
مَذْمُومٌ - مَلُومٌ.
(٤٩) - وَلَوْلاَ أَنْ تَدَارَكَتْهُ رَحَمَةُ اللهِ تَعَالَى وَنِعْمَتُهُ، بِتَوْفِيقِهِ لِلْتَّوْبَةِ، وَقَبُولِهَا مِنْهُ، لَطُرِحَ فِي الفَضَاءِ مِنْ بِطْنِ الحُوتِ، وَهُوَ مَلُومٌ مَطْرُودٌ مِنْ الرَّحْمَةِ وَالكَرَامَةِ.
لَنُبِذَ - لًطُرِحَ.
العَرَاءِ - الأَرْضِ الفَضَاءِ المُهْلِكَةِ.
مَذْمُومٌ - مَلُومٌ.
﴿فاجتباه﴾ ﴿الصالحين﴾
(٥٠) - وَلَكِنَّ نِعْمَةَ رَبِّهِ تَدَارَكَتْهُ، فَاصْطَفَاهُ رَبُّهُ، وََأَوْحَى إِليهِ، وَجَعَلَهُ مِنَ المُرْسَلِينَ العَامِلِينَ بِمَا أَمَرَهُمْ بِهِ رَبُّهُمْ.
اجْتَبَاهُ - اصْطَفَاهُ بِعَوْدَةِ الوَحْيِ إِليهِ.
(٥٠) - وَلَكِنَّ نِعْمَةَ رَبِّهِ تَدَارَكَتْهُ، فَاصْطَفَاهُ رَبُّهُ، وََأَوْحَى إِليهِ، وَجَعَلَهُ مِنَ المُرْسَلِينَ العَامِلِينَ بِمَا أَمَرَهُمْ بِهِ رَبُّهُمْ.
اجْتَبَاهُ - اصْطَفَاهُ بِعَوْدَةِ الوَحْيِ إِليهِ.
﴿بِأَبْصَارِهِمْ﴾
(٥١) - وَهَؤُلاَءِ المُشْرِكُونَ يَنْظُرُونَ إِليكَ شَذَراً مِنْ شِدَّةِ عَدَاوَتِهِمْ، وَكُرْهِهِمْ لَكَ، حَتَّى لَيَكَادُونَ أَنْ يُزْلِقُوا قَدَمَكَ حَسَداً وَبٌغْضاً، حِينَ سَمِعُوكَ تَتْلُو القُرْآنَ. وَيَقُولُونَ لِحيرَتِهِمْ فِي أَمْرِ هَذَا القُرْآنِ، وَجَهْلِهِمْ بِمَا فِيهِ: إِنَّ مُحَمَداً لَمَجْنُونٌ.
لَيُزِلِقُونَكَ - لَيُزِلُّونَ قَدَمَكَ.
(٥١) - وَهَؤُلاَءِ المُشْرِكُونَ يَنْظُرُونَ إِليكَ شَذَراً مِنْ شِدَّةِ عَدَاوَتِهِمْ، وَكُرْهِهِمْ لَكَ، حَتَّى لَيَكَادُونَ أَنْ يُزْلِقُوا قَدَمَكَ حَسَداً وَبٌغْضاً، حِينَ سَمِعُوكَ تَتْلُو القُرْآنَ. وَيَقُولُونَ لِحيرَتِهِمْ فِي أَمْرِ هَذَا القُرْآنِ، وَجَهْلِهِمْ بِمَا فِيهِ: إِنَّ مُحَمَداً لَمَجْنُونٌ.
لَيُزِلِقُونَكَ - لَيُزِلُّونَ قَدَمَكَ.
﴿لِّلْعَالَمِينَ﴾
(٥٢) - وَالقُرْآنُ لَيْسَ إِلاَّ عِظَةً وَتذْكِرَةً لِلْعَالَمِينَ.
(٥٢) - وَالقُرْآنُ لَيْسَ إِلاَّ عِظَةً وَتذْكِرَةً لِلْعَالَمِينَ.