( ﴿٢٦) والجان خلقناه من قبل من نَار السمُوم (٢٧) وَإِذ قَالَ رَبك للْمَلَائكَة إِنِّي خَالق﴾ الطين الْيَابِس الَّذِي إِذا حرك صلصل أَي: صَوت، قَالَ الشَّاعِر:
(وقاع ترى الصلصال فِيهِ ودونه | بقاع تلال بالعرى والمناكب) |
وَقَوله: ﴿من حمأ مسنون﴾ الحمأ: الحمأة، وَهِي الطين الْأسود، والمسنون: الْمُتَغَيّر المنتن، كَذَلِك قَالَه مُجَاهِد. وَقَالَ بَعضهم: الْمسنون المصبوب، وَهَذَا يشبه القَوْل الَّذِي بَينا أَن الصلصال هُوَ الطين الرطب، وَفِي الْآثَار: أَن الْحسن كَانَ يسن المَاء على وَجهه سنا، أَي: يصب.
وَفِي الْآيَة قَول ثَالِث: وَهُوَ أَن الْمسنون هُوَ المصبوب على قالب وَصُورَة، وَفِي بعض (التفاسير) : أَن الله تَعَالَى خمر طِينَة آدم، وَتَركه حَتَّى صَار متغيرا أسود منتنا، ثمَّ خلق آدم مِنْهَا.
قَوْله: ﴿والجآن خلقناه من قبل من نَار السمُوم﴾ يُقَال: الجآن هُوَ إِبْلِيس، وَيُقَال: الجآن أَبُو الْجِنّ، كَمَا أَن آدم أَبُو الْبشر، وَأما إِبْلِيس هُوَ أَبُو الشَّيَاطِين، وَفِي الْجِنّ مُؤمنُونَ وكافرون، ويحيون ويموتون.
وَأما الشَّيَاطِين فَلَيْسَ فيهم مُسلم، ويموتون إِذا مَاتَ إِبْلِيس، وَذكر وهب بن مُنَبّه: أَن من الْجِنّ من يُولد لَهُم، ويأكلون وَيَشْرَبُونَ بِمَنْزِلَة الْآدَمِيّين، وَمن الْجِنّ من هم بِمَنْزِلَة الرّيح لَا يتوالدون، وَلَا يَأْكُلُون، وَلَا يشربون، وَالله أعلم.
وَقَوله: ﴿من نَار السمُوم﴾ أَي: من الرّيح الحارة، والسموم: ريح حارة تدخل فِي مسام الْإِنْسَان فتقتله، وَيُقَال: إِن السمُوم بِالنَّهَارِ والحرور بِاللَّيْلِ، وَيُقَال: إِن السمُوم