( ﴿٨٧) الَّذين كفرُوا وصدوا عَن سَبِيل الله زدناهم عذَابا فَوق الْعَذَاب بِمَا كَانُوا يفسدون (٨٨) وَيَوْم نبعث فِي كل أمة شَهِيدا عَلَيْهِم من أنفسهم وَجِئْنَا بك شَهِيدا على هَؤُلَاءِ ونزلنا عَلَيْك الْكتاب تبيانا لكل شَيْء وَهدى وَرَحْمَة وبشرى للْمُسلمين (٨٩) إِن﴾ تَعَالَى. وَقَوله: ﴿وضل عَنْهُم مَا كَانُوا يفترون﴾ أَي: بَطل عَنْهُم مَا كَانُوا يكذبُون، وَحَقِيقَة الْمَعْنى: أَنه فَاتَ عَنْهُم مَا زعموه؛ فَإِنَّهُ كَانَ فِرْيَة وكذبا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿الَّذين كفرُوا وصدوا عَن سَبِيل الله﴾ يَعْنِي: منعُوا النَّاس من طَرِيق الْحق. وَقَوله: ﴿زدناهم عذَابا فَوق الْعَذَاب﴾ روى مَسْرُوق عَن عبد الله بن مَسْعُود أَنه قَالَ: عقارب كالبغال، وَفِي رِوَايَة أُخْرَى عَنهُ: أفاعي كالفيلة، وعقارب كالنخيل الطوَال، وَعَن أبي الزَّاهِرِيَّة قَالَ: [مَا] من عَذَاب يعرفهُ النَّاس، أَو لَا يعرفونه إِلَّا ويعذب الله بِهِ أهل النَّار. وَرُوِيَ أَنهم يهربون من النَّار، فَيخْرجُونَ إِلَى زمهرير فِي جَهَنَّم، هُوَ أَشد عَلَيْهِم من النَّار؛ فيعودون إِلَى النَّار مستغيثين بهَا، وَقَوله: ﴿بِمَا كَانُوا يفسدون﴾ أَي: [يشركُونَ].
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَيَوْم نبعث فِي كل أمة شَهِيدا عَلَيْهِم من أنفسهم وَجِئْنَا بك شَهِيدا على هَؤُلَاءِ﴾ قد بَينا الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿ونزلنا عَلَيْك الْكتاب تبيانا لكل شَيْء﴾ أَي: بَيَانا للثَّواب وَالْعِقَاب، والحلال وَالْحرَام. وَعَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: تبيانا بِالسنةِ.
وَقَوله: ﴿وَهدى﴾ أَي: من الضَّلَالَة. وَقَوله: ﴿وَرَحْمَة﴾ أَي: عطفا على من أنزل عَلَيْهِم. وَقَوله: ﴿وبشرى﴾ أَي: بِشَارَة ﴿للْمُسلمين﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان﴾ فِي الْآيَة أَقْوَال: أَحدهَا: أَن الْعدْل هُوَ شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَهَذَا مَرْوِيّ عَن ابْن عَبَّاس وَغَيره، وَقيل: إِنَّه التَّوْحِيد، وَهُوَ فِي معنى الأول.