ﰡ
قوله: ﴿ مَّخْضُودٍ ﴾ من خضد الشجر قطع شوكه، من باب ضرب،" روي أن أعرابياً أقبل يوماً فقال: يا رسول الله، لقد ذكر الله في القرآن شجرة مؤذية، وما كنت أرى أن في الجنة شجرة تؤذي صاحبها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما هي؟ قال: السدر فإن له شوكاً مؤذياً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو ليس يقولن: ﴿ فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ ﴾؟ خضد الله شوكه، فجعل مكان كل شوكة ثمرة، فإنها تنبت ثمراً على اثنين وسبعين لوناً من الطعام، ما فيها لون يشبه الآخر، وليس ثمر الجنة في غلاف كثمر الدنيا، بل كله مأكول ومشروب ومشموم ومنظور إليه ". قوله: (دائم) أي لا تنسخه الشمس. قوله: (جار دائماً) أي على وجه الأرض ليس في حفر. قوله: ﴿ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ ﴾ (بثمن) الأولى أن يقول بشيء، ليشمل الحائط والباب والشوك ونحو ذلك، والمعنى: لا تمنع عن متناولها بوجه من الوجوه، بل إذا اشتهاها العبد، دنت منه حتى يأخذها بلا تعب. قوله: ﴿ وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ ﴾ (على السرر) وقيل مرفوعة بعضها فوق بعض لما ورد: أن ارتفاعها كما بين السماء والأرض، ومسيرة ما بينهما خمسمائة عام.
قوله: (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضاً. قوله: (والمعطوف عليه) أي على كل من القراءتين.
قوله: ﴿ أَم نَحْنُ ٱلْخَالِقُونَ ﴾ يحتمل أن ﴿ أَم ﴾ منقطعة لأن ما بعدها جملة، والمتصلة إنما تعطف المفردات، وحينئذ فيكون اللام مشتملاً على استفهامين: الأول ﴿ ءَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ ﴾ وهو إنكاري وجوابه لا؛ والثاني مأخوذ من ﴿ أَم ﴾ إن قدرت ببل والهمزة، أو بالهمزة وحدها، ويكون تقريرياً، ويحتمل أن تكون متصلة، وذلك لأنها عطفت المفرد وهو ﴿ نَحْنُ ﴾ والإتيان بالخبر زيادة تأكيد. قوله: ﴿ نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ ٱلْمَوْتَ ﴾ أي حكمنا به وقضيناه على كل مخلوق، فلا يستطيع أحد تغيير ما قدرنا. قوله: (بالتشديد والتخفيف) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: ﴿ عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَـٰلَكُمْ ﴾ يصح تعلقه بمسبوقين، أي لم يعجزنا أحد على تبديلنا أمثالكم أو يقدرنا، والمعنى: قدرنا بينكم الموت، على أن نميت طائفة ونجعل مكانها أخرى.
﴿ أَمْثَـٰلَكُمْ ﴾ إما جمع مثل بكسر فسكون. والمعنى: نحن قادرون على أن نعدمكم ونخلق قوماً آخرين أمثالكم، أو جمع مثل بفتحتين بمعنى الصفة. والمعنى: نحن قادرون على أن نغير صفاتكم، وننشئكم في صفات أخرى غيرها. قوله: ﴿ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ ﴿ مَا ﴾ موصولة، وحينئذٍ فتكتب مفصولة من حرف الجر. والمعنى: نخلقكم في صور لا علم لكم بها.
قوله: ﴿ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ﴾ أي كثير النفع، وصف بالكرم لاشتماله على خير الدين والدنيا والآخرة، ففيه مزيد البيان والنور والاهتداء، فكل عالم يطلب أصل علمه منه من معقول ومنقول. قوله: (مصون) أي من التغيير والتبديل، فلا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، قال تعالى:﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾[الحجر: ٩].
قوله: (وهو المصحف) أي وقيل هو اللوح المحفوظ، وعليه فمعنى ﴿ لاَّ يَمَسُّهُ ﴾ لا يطلع عليه إلا الملائكة المطهرون من الأقذار المعنوية، ولا يكون في الآية دليل لنهي المحدث عن مس المصحف، قوله: (خبر بمعنى النهي) أي فأطلق الخبر وأريد النهي، وإلا فلو أبقي على خبريته، للزم عليه الخلف في خبره تعالى، لأنه كثيراً ما يمس بدون طهارة، والخلف في خبره تعالى محال، وما مشى عليه المفسر أحد وجهين، والآخر أن لا ناهية، والفعل مجزوم بسكون مقدر على آخره، منع ظهوره اشتغال المحل بحركة الإدغام، وإنما حرك بالضم اتباعاً لحركة الهاء. إن قلت: إنه يلزم على هذا الوجه الفصل بين الصفات بجملة أجنبية، فإن قوله: ﴿ تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ ﴾ صفة رابعة لقرآن. وأجيب: بأنه لا يتعين أن يكون صفة لجواز جعله خبر لمبتدأ محذوف أي وهو تنزيل. قوله: (منزل) أشار بذلك إلى أن المصدر بمعنى اسم المفعول.
قوله: (من البصيرة) أي أو من البصر، والمعنى وأنتم لا تبصرون أعوان ملك الموت، ورد أن ملك الموت له أعوان يقطعون العروق، ويجمعون الروح شيئاً فشيئاً، حتى ينتهوا بها إلى الحلقوم، فيتوفاها ملك الموت. قوله: (مجزيين) أي فمدينين من الدين بمعنى الجزاء؛ وقوله: (غير مبعوثين) تفسير للمراد هنا. قوله: (فلولا الثانية) أي التي في قوله: ﴿ فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ ﴾.
قوله: (تأكيد) أي لفظي، وقوله: (للأولى) أي التي في قوله: ﴿ لَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ ٱلْحُلْقُومَ ﴾.
قوله: (المتعلق به الشرطان) أي وهما ﴿ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ ﴾.
﴿ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾، ومعنى تعلقهما به، أنه جزاء لكل منهما. قوله: (والمعنى هلا) الخ، أي فهي للطلب، والمعنى ارجعوها. قوله: (أن نفيّتم البعث) هذا هو الشرط الأول؛ وقوله: (صادقين في نفيه) هو الشرط الثاني. قوله: (لينتفي) الخ، علة للجزاء، وقوله: (عن محلها) أي الذي هو الجسد، والمعنى: إن صدقتم في نفي البعث، فردوا روح المحتضر إلى جسده، لينتفي عنه الموت، فينتفي البعث الذي تنكرونه لترتبه على الموت.