ﰡ
والجواب : أن العلماء اختلفوا في تفسير هذه الآية وفي حكمها، فمن قال : الكتاب المكنون هو الذي في السماء قال : المطهرون هنا الملائكة. قاله قتادة.
وقال الطبري : المطهرون الملائكة والأنبياء ومن لا ذنب له. وعلى هذا ليس في الآية حكم لمس القرآن.
وقيل : المراد مصحف المسلمين الذي بين أيديهم. و﴿ لا يمسه ﴾ لفظه لفظ الخبر، والمراد به النهي. وضمه السين على هذا ضمة إعراب.
وقيل : بل هو نهي وضمته عارضة، أما للنقل عن الهاء التي بعده للإتباع، أو لأجل التضعيف في الأخير، فحرك بالضم، لئلا يجتمع ساكنان. فلا يمس المصحف من بني آدم إلا الطاهر من الكفر والجنابة والحدث الأصغر. وأكد ذلك كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم، وفيه : " لا يمس القرآن إلا طاهر ". وهو مذهب مالك وجماعة كثيرة من العلماء وقال أبو حنيفة وقوم : أنه يمسه الجنب والحائض على حائل علاق ونحوه. وعن ابن عباس : يجوز مسه للمحدث. ورخص بعضهم للجنب بناء على ما تقدم من تفسير المطهرين وهل اللفظ خبر أريد به النهي أم لا. ( نفسه : ٢٤٣-٢٤٤-٢٤٥ )
١١٨٩- إن الله تعالى نهى عن ملامسة القرآن الكريم، ومسه لغير الطاهرين إجلالا. والمحدث ليس بطاهر، فوجب أن يمنع من مسه.
وتقريره : أنها صيغة حصر، تقتضي حصر الجواز في المتطهرين وعموم سلبه في غيرهم. والأصل عدم التخصيص. فيحصل المطلوب.
فإن قيل : لا نسلم أن هذه الصيغة نهي، وغلا لكانت مجزومة الأجزاء ومؤكدة بنون التأكيد. سلمنا، لكن لا نسلم أن المراد بالمطهرين أهل الأرض بل أهل السماء، كما قال تعالى في " عبس " :﴿ بأيدي سفرة( ١٥ ) كرام بررة( ١٦ ﴾١.
سلمنا أن المراد أهل الأرض، لكن " المطهرون " عام في المطهر، مطلق في التطهير، فلم لا تكفي الطهارة الكبرى ولا تندرج الصغرى لخفتها ؟.
والجواب عن الأول من وجهين :
الأول : أن الصيغة لو كانت خبرا للزم الخلف فيه، لأنا نجد كثيرا من غير الطاهرين يمسه، والخلف في خير الله تعالى محال، فيتعين أن تكون نهيا. وقد حكى النحاة في الفعل المشدد الآخر أن من العرب من يحكيه حالة النهي على الرفع.
الثاني : سلمنا أنه خبر لفظا، ونهي معنى، كما قال تعالى :﴿ والوالدات يرضعن أولادهم حولين كاملين ﴾٢ ﴿ والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ﴾٣، والمراد الأمر، كذلك هاهنا يكون المراد النهي.
وعن الثاني من وجهين :
أحدهما : لو كان المراد أهل السماء لكان يقتضي أن في السماء من ليس بمتطهر، وليس كذلك، بخلاف ما إذا حملناه على أهل الأرض.
وثانيهما : أن الألف واللام للعموم فيشمل أهل الأرض والسماء، والأصل عدم التخصيص فيحصل المطلوب.
وعن الثالث : أنه يجب أن يحمل المتطهر على أعلى مراتبه تعظيما لكتاب الله تعالى.
وأما السنة : فما في الموطإ أنه عليه السلام كتب كتابا إلى عمرو بن حزم باليمن : " ألا يمس القرآن إلا طاهر " ٤، وهذا الحديث يؤكد التمسك بالآية لأنه على صيغتها.
تحقيق : قد توهم بعض الفقهاء أن هذه النصوص لا تتناول الصبيان كسائر التكاليف، فكما لا يكون تركهم لتلك التكاليف رخصة، فكذلك هاهنا، وليس كما ظن، فإن النهي عن ملامسة القرآن لغير المتطهر، كالنهي عن ملامسته لغير الطاهر من جهة أن كل واحد منهما لا يشعر بأن المنهي عن ملامسته موصوف بالتكليف أو غير موصوف، فيكون الجواز في الصبيان رخصة. ( الذخيرة : ١/٢٣٨-٢٣٩ )
٢ - سورة البقرة : ٢٣٣..
٣ - سورة البقرة : ٢٢٨..
٤ - خرجه مالك في الموطإ كتاب النداء للصلاة، باب الأمر بالوضوء لمن لمس القرآن. والدارمي في سننه، كتاب : باب لا طلاق قبل النكاح..
والجواب : أن العلماء اختلفوا في تفسير هذه الآية وفي حكمها، فمن قال : الكتاب المكنون هو الذي في السماء قال : المطهرون هنا الملائكة. قاله قتادة.
وقال الطبري : المطهرون الملائكة والأنبياء ومن لا ذنب له. وعلى هذا ليس في الآية حكم لمس القرآن.
وقيل : المراد مصحف المسلمين الذي بين أيديهم. و﴿ لا يمسه ﴾ لفظه لفظ الخبر، والمراد به النهي. وضمه السين على هذا ضمة إعراب.
وقيل : بل هو نهي وضمته عارضة، أما للنقل عن الهاء التي بعده للإتباع، أو لأجل التضعيف في الأخير، فحرك بالضم، لئلا يجتمع ساكنان. فلا يمس المصحف من بني آدم إلا الطاهر من الكفر والجنابة والحدث الأصغر. وأكد ذلك كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم، وفيه :" لا يمس القرآن إلا طاهر ". وهو مذهب مالك وجماعة كثيرة من العلماء وقال أبو حنيفة وقوم : أنه يمسه الجنب والحائض على حائل علاق ونحوه. وعن ابن عباس : يجوز مسه للمحدث. ورخص بعضهم للجنب بناء على ما تقدم من تفسير المطهرين وهل اللفظ خبر أريد به النهي أم لا. ( نفسه : ٢٤٣-٢٤٤-٢٤٥ )
١١٨٩- إن الله تعالى نهى عن ملامسة القرآن الكريم، ومسه لغير الطاهرين إجلالا. والمحدث ليس بطاهر، فوجب أن يمنع من مسه.
وتقريره : أنها صيغة حصر، تقتضي حصر الجواز في المتطهرين وعموم سلبه في غيرهم. والأصل عدم التخصيص. فيحصل المطلوب.
فإن قيل : لا نسلم أن هذه الصيغة نهي، وغلا لكانت مجزومة الأجزاء ومؤكدة بنون التأكيد. سلمنا، لكن لا نسلم أن المراد بالمطهرين أهل الأرض بل أهل السماء، كما قال تعالى في " عبس " :﴿ بأيدي سفرة( ١٥ ) كرام بررة( ١٦ ﴾١.
سلمنا أن المراد أهل الأرض، لكن " المطهرون " عام في المطهر، مطلق في التطهير، فلم لا تكفي الطهارة الكبرى ولا تندرج الصغرى لخفتها ؟.
والجواب عن الأول من وجهين :
الأول : أن الصيغة لو كانت خبرا للزم الخلف فيه، لأنا نجد كثيرا من غير الطاهرين يمسه، والخلف في خير الله تعالى محال، فيتعين أن تكون نهيا. وقد حكى النحاة في الفعل المشدد الآخر أن من العرب من يحكيه حالة النهي على الرفع.
الثاني : سلمنا أنه خبر لفظا، ونهي معنى، كما قال تعالى :﴿ والوالدات يرضعن أولادهم حولين كاملين ﴾٢ ﴿ والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ﴾٣، والمراد الأمر، كذلك هاهنا يكون المراد النهي.
وعن الثاني من وجهين :
أحدهما : لو كان المراد أهل السماء لكان يقتضي أن في السماء من ليس بمتطهر، وليس كذلك، بخلاف ما إذا حملناه على أهل الأرض.
وثانيهما : أن الألف واللام للعموم فيشمل أهل الأرض والسماء، والأصل عدم التخصيص فيحصل المطلوب.
وعن الثالث : أنه يجب أن يحمل المتطهر على أعلى مراتبه تعظيما لكتاب الله تعالى.
وأما السنة : فما في الموطإ أنه عليه السلام كتب كتابا إلى عمرو بن حزم باليمن :" ألا يمس القرآن إلا طاهر " ٤، وهذا الحديث يؤكد التمسك بالآية لأنه على صيغتها.
تحقيق : قد توهم بعض الفقهاء أن هذه النصوص لا تتناول الصبيان كسائر التكاليف، فكما لا يكون تركهم لتلك التكاليف رخصة، فكذلك هاهنا، وليس كما ظن، فإن النهي عن ملامسة القرآن لغير المتطهر، كالنهي عن ملامسته لغير الطاهر من جهة أن كل واحد منهما لا يشعر بأن المنهي عن ملامسته موصوف بالتكليف أو غير موصوف، فيكون الجواز في الصبيان رخصة. ( الذخيرة : ١/٢٣٨-٢٣٩ )
٢ - سورة البقرة : ٢٣٣..
٣ - سورة البقرة : ٢٢٨..
٤ - خرجه مالك في الموطإ كتاب النداء للصلاة، باب الأمر بالوضوء لمن لمس القرآن. والدارمي في سننه، كتاب : باب لا طلاق قبل النكاح..
والجواب : أن العلماء اختلفوا في تفسير هذه الآية وفي حكمها، فمن قال : الكتاب المكنون هو الذي في السماء قال : المطهرون هنا الملائكة. قاله قتادة.
وقال الطبري : المطهرون الملائكة والأنبياء ومن لا ذنب له. وعلى هذا ليس في الآية حكم لمس القرآن.
وقيل : المراد مصحف المسلمين الذي بين أيديهم. و﴿ لا يمسه ﴾ لفظه لفظ الخبر، والمراد به النهي. وضمه السين على هذا ضمة إعراب.
وقيل : بل هو نهي وضمته عارضة، أما للنقل عن الهاء التي بعده للإتباع، أو لأجل التضعيف في الأخير، فحرك بالضم، لئلا يجتمع ساكنان. فلا يمس المصحف من بني آدم إلا الطاهر من الكفر والجنابة والحدث الأصغر. وأكد ذلك كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم، وفيه :" لا يمس القرآن إلا طاهر ". وهو مذهب مالك وجماعة كثيرة من العلماء وقال أبو حنيفة وقوم : أنه يمسه الجنب والحائض على حائل علاق ونحوه. وعن ابن عباس : يجوز مسه للمحدث. ورخص بعضهم للجنب بناء على ما تقدم من تفسير المطهرين وهل اللفظ خبر أريد به النهي أم لا. ( نفسه : ٢٤٣-٢٤٤-٢٤٥ )
١١٨٩- إن الله تعالى نهى عن ملامسة القرآن الكريم، ومسه لغير الطاهرين إجلالا. والمحدث ليس بطاهر، فوجب أن يمنع من مسه.
وتقريره : أنها صيغة حصر، تقتضي حصر الجواز في المتطهرين وعموم سلبه في غيرهم. والأصل عدم التخصيص. فيحصل المطلوب.
فإن قيل : لا نسلم أن هذه الصيغة نهي، وغلا لكانت مجزومة الأجزاء ومؤكدة بنون التأكيد. سلمنا، لكن لا نسلم أن المراد بالمطهرين أهل الأرض بل أهل السماء، كما قال تعالى في " عبس " :﴿ بأيدي سفرة( ١٥ ) كرام بررة( ١٦ ﴾١.
سلمنا أن المراد أهل الأرض، لكن " المطهرون " عام في المطهر، مطلق في التطهير، فلم لا تكفي الطهارة الكبرى ولا تندرج الصغرى لخفتها ؟.
والجواب عن الأول من وجهين :
الأول : أن الصيغة لو كانت خبرا للزم الخلف فيه، لأنا نجد كثيرا من غير الطاهرين يمسه، والخلف في خير الله تعالى محال، فيتعين أن تكون نهيا. وقد حكى النحاة في الفعل المشدد الآخر أن من العرب من يحكيه حالة النهي على الرفع.
الثاني : سلمنا أنه خبر لفظا، ونهي معنى، كما قال تعالى :﴿ والوالدات يرضعن أولادهم حولين كاملين ﴾٢ ﴿ والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ﴾٣، والمراد الأمر، كذلك هاهنا يكون المراد النهي.
وعن الثاني من وجهين :
أحدهما : لو كان المراد أهل السماء لكان يقتضي أن في السماء من ليس بمتطهر، وليس كذلك، بخلاف ما إذا حملناه على أهل الأرض.
وثانيهما : أن الألف واللام للعموم فيشمل أهل الأرض والسماء، والأصل عدم التخصيص فيحصل المطلوب.
وعن الثالث : أنه يجب أن يحمل المتطهر على أعلى مراتبه تعظيما لكتاب الله تعالى.
وأما السنة : فما في الموطإ أنه عليه السلام كتب كتابا إلى عمرو بن حزم باليمن :" ألا يمس القرآن إلا طاهر " ٤، وهذا الحديث يؤكد التمسك بالآية لأنه على صيغتها.
تحقيق : قد توهم بعض الفقهاء أن هذه النصوص لا تتناول الصبيان كسائر التكاليف، فكما لا يكون تركهم لتلك التكاليف رخصة، فكذلك هاهنا، وليس كما ظن، فإن النهي عن ملامسة القرآن لغير المتطهر، كالنهي عن ملامسته لغير الطاهر من جهة أن كل واحد منهما لا يشعر بأن المنهي عن ملامسته موصوف بالتكليف أو غير موصوف، فيكون الجواز في الصبيان رخصة. ( الذخيرة : ١/٢٣٨-٢٣٩ )
٢ - سورة البقرة : ٢٣٣..
٣ - سورة البقرة : ٢٢٨..
٤ - خرجه مالك في الموطإ كتاب النداء للصلاة، باب الأمر بالوضوء لمن لمس القرآن. والدارمي في سننه، كتاب : باب لا طلاق قبل النكاح..