تفسير سورة الواقعة

روح البيان
تفسير سورة سورة الواقعة من كتاب روح البيان المعروف بـروح البيان .
لمؤلفه إسماعيل حقي . المتوفي سنة 1127 هـ

وقال بعضهم اسماء الله تعالى كلها أعظم لدلالتها على العظيم فانه إذا عظم الذات والمسمى عظم الأسماء والصفات وانما الكلام في ذكرها بالحضور والشهود والاستغراق في بحر الجود وهو ذكر الكمل من افراد الإنسان نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذاكرين له ظاهرا وباطنا اولا وآخرا تمت سورة الرحمن بعون الملك المنان في اواخر ذى القعدة الشريف من شهور سنة اربع عشرة ومائة والف
تفسير سورة الواقعة
مكية وآيها تسع وتسعون بسم الله الرحمن الرحيم
إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ انتصاب إذا بمضمر اى إذا قامت القيامة وحدثت وذلك عند النفخة الثانية يكون من الأهوال ما لا يفى به المقال سماها واقعة مع ان دلالة اسم الفاعل على الحال والقيامة مما سيقع في الاستقبال لتحقق وقوعها ولذا اختير إذا وصيغة الماضي فالواقعة من اسماء القيامة كالصاخة والطامة والآزفة لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ قال الراغب يكنى عن الحرب بالوقعة وكل سقوط شديد يعبر عنه بذلك قال ابو الليث سميت القيامة الواقعة لصوتها والمعنى لا يكون عند وقوعها نفس تكذب على الله وتفترى بالشريك والولد والصحابة وبانه لا يبعث الموتى لان كل نفس حينئذ مؤمنة صادقة مصدقة واكثر النفوس اليوم كاذبة مكذبة فاللام للتوقيت والكاذبة اسم فاعل او ليس لاجل وقعتها او في حقها كذب بل كل ما ورد فى شأنها من الاخبار حق صادق لا ريب فيه فاللام للتعليل والكاذبة مصدر كالعاقبة خافِضَةٌ اى هى خافضة لا قوام رافِعَةٌ لآخرين وهو تقرير لعظمتها على سبيل الكناية فان الوقائع العظام يرتفع فيها أناس الى مراتب ويتضع أناس وتقديم الخفض على الرفع للتشديد في التهويل قال بعضهم خافضة لاعداء الله الى النار رافعة لاولياء الله الى الجنة او تحفض أقواما بالعدل وترفع أقواما بالفضل او تخفض أقواما بالدعاوى وترفع أقواما بالحقائق وعن ابن عباس رضى الله عنهما تخفض أقواما كانوا مرتفعين في الدنيا وترفع اقواء كانوا متضعين فيها آن روز بلال درويش را رضى الله عنه مى آرند با تاج وحله ومركب بردابرد ميزنند تا بفردوس أعلى برند وخواجه او را امية بن خلف با أغلال وأنكال وسلاسل بروى مى كشند تا بدرك أسفل برند آن طيلسان پوش منافق را بآتش مى برند وآن قبابسته مخلص را به ببهشت مى فرستندان پير مباحاتى مبتدع را بآتش قهر مى سوزند وآن جوان خراباتى معتقد را بر تخت بخت مى نشانند
بسا پير مباحاتى كه بي مركب فرو ماند بسارند خراباتى كه زين بر شير نر بندد
إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا الرج تحريك الشيء وإزعاجه والرجرجة الاضطراب اى خافضة رافعة إذا حركت الأرض تحريكا شديدا بحيث ينهدم ما فوقها من بناء وجبل ولا تسكن زلزلتها حتى تلقى جميع ما في بطنها على ظهرها وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا اى فتت حتى صارت
مثل السويق الملتوت من بس السويق اذالته والبسيسة سويق يلت فيتخذ زادا او سيقت وسيرت من أماكنها من بس الغنم إذا ساقها فَكانَتْ اى فصارت بسبب ذلك هَباءً اى غبارا وهو ما يسطع من سنابك الخيل او الذي يرى في شعاع الكوة او الهباء ما يتطاير من شرر النار او ماذرته الريح من الأوراق مُنْبَثًّا اى منتشرا متفرقا وفي التفسيران الله تعالى يبعث ريحا من تحت الجنة فتحمل الأرض والجبال وتضرب بعضها ببعض ولا تزال كذلك حتى تصير غبارا ويسقط ذلك الغبار على وجوه الكفار كقوله تعالى وجوه يومئذ عليها غبرة وقال بعضهم ان هذه الغبرة هى التراب الذي أشار اليه تعالى بقوله يا ليتنى كنت ترابا وسيجيئ تحقيقه في محله وفي الآية اشارة الى قيامة العارفين وهى قيامة العشق وسطوته وجذبة التوحيد وصدمته وهى تخفض القوى الجسمانية البشرية المقتضية لاحكام الكثرة وترفع القوى الروحانية الالهية المستدعية لانوار الوحدة وصرصر هذه القيامة إذا ضربت على ارض البشرية ومرت على جبال الانانية الانسانية جعلت تعينهما متلاشيا فانيا في ذاتهما وصفاتهما لا اسم لهما ولا رسم ولا اثر ولا عين بل هباء منبثالا حقيقة له في الجود كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيأ ووجد الله عنده واليه الاشارة بقولهم إذا تم الفقر فهو اليه ولا بد في سلوك طريق الحق من ارشاد أستاذ حاذق وتسليك شيخ كامل مكمل حتى تظهر حقيقة التوحيد بتغليب القوى الروحانية على القوى الجسمانية كما قال العارف الرباني ابو سعيد الخر از قدس سره حين سئل عن التوحيدان الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا اعزة أهلها اذلة وَكُنْتُمْ اما خطاب للامة الحاضرة والأمم السالفة تغليبا وللحاضرة فقط أَزْواجاً اى أصنافا ثَلاثَةً اثنان في الجنة وواحد في النار وكل صنف يكون مع صنف آخر في الوجود او في الذكر فهو زوج فردا كان او شفعا فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ تقسيم للازواج الثلاثة فأصحاب الميمنة مبتدأ خبره ما أصحاب الميمنة على ان ما الاستفهامية مبتدأ ثان ما بعده خبره والأصل ما هم اى اى شيء هم في حالهم وصفتهم والمراد تعجيب المسامع من شأن الفريقين في الفخامة والفظاعة كأنه قيل ما عرفت حالهم اى شيء فاعرفها وتعجب منها فأصحاب الميمنة في غاية حسن الحال واصحاب المشأمة في نهايه سوء الحال نحو زيد وما زيد حيث لا يقال الا في موضع التعظيم والتعجب واصحاب الميمنة اصحاب المنزلة السنية واصحاب المشامة اصحاب المنزلة الدنية أخذا من تيمنهم بالميامن اى بطرف اليمين وتشؤمهم بالشمائل اى بجانب الشمال كما تقول فلان منى باليمين والشمال إذا وصفته عندك بالرفعة والضعة تريد ما يلزم من جهتى اليمين والشمال من رفعة القدر وانحطاطه او الذين يؤتون صحائفم بايمانهم والذين يؤتونها بشمائلهم او الذي يكونون يوم القيامة على يمين العرش فيأخذون طريق الجنة والذين يكونون على شمال العرش فيفضى بهم الى النار او اصحاب اليمين واصحاب الشئوم فان السعداء ميامين على أنفسهم بطاعتهم والأشقياء مشائيم عليها بمعاصيهم او اصحاب الميمنة الذين كانوا على يمين آدم يوم الميثاق قال الله تعالى في حقهم هؤلاء من اهل الجنة ولا أبالى واصحاب المشأمة الذين كانوا على شماله وقال الله تعالى
فيهم هؤلاء من اهل النار ولا أبالى وفي القاموس اليمن البركة كالميمنة يمن فهو ميمون وايمن والجمع ميامين وأيامن واليمين ضد اليسار والجمع ايمن وايمان وأيامن وايامين والبركة والقوة والشؤم ضد اليمن والمشأمة ضد الميمنة وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ هم القسم الثالث من الأزواج الثلاثة اخر ذكرهم ليقترن ببيان محاسن أحوالهم واصل السبق التقدم في السير ثم تجوز به في غيره من التقدم والجملة مبتدأ وخبر والمعنى والسابقون هم الذين اشتهرت أحوالهم وعرفت محاسنهم كقوله انا ابو النجم وشعرى شعرى او السابقون الاول مبتدأ والثاني تأكيد له كرر تعظيما لهم والخبر جملة قوله أولئك إلخ وفي البرهان التقدير عند بعضهم السابقون ما السابقون فحذف ما لدلالة ما قبله عليه وهم الذين سبقوا الى الايمان والطاعة عند ظهور الحق من غير تلعثم وتوان فالمراد بالسبق هو السبق بالزمان او الذين سبقوا في حيازة الكمالات الدينية والفضائل القينية فالمراد بالسبق هو السبق بالشرف كما قال الراغب يستعار السبق لاحراز الفضل وعلى ذلك والسابقون السابقون اى المتقدمون الى ثواب الله وجنته بالأعمال الصالحة أُولئِكَ الموصوفون بذلك النعت الجليل وهو مبدأ خبره قوله الْمُقَرَّبُونَ اى الذين قربت الى العرش العظيم درجاتهم وأعليت مراتبهم ورقيت الى حظائر القدس نفوسهم الزكية يقول الفقير عرف هذا المعنى من قوله عليه السلام إذا سألتم الله فاسالوه الفردوس فانه اوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن فانه يظهر منه ان الفردوس مقام المقربين لقربه من العرش الذي هو سقف الجنة ولم يقل أولئك المتقربون لانهم بتقريب ربهم سبقوا لا بتقرب أنفسهم ففيه اشارة الى الفضل العظيم في حق هؤلاء يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ متعلق بالمقربون او بمضمر هو حال من ضميره اى كائنين في جنات النعيم يعنى در بوستانهاى مشتمل بر انواع نعمت قيل السابقون اربعة سابق امة موسى عليه السلام وهو خربيل مؤمن آل فرعون وسابق امة عيسى وهو حبيب النجار صاحب انطاكية وسابقا امة محمد عليه السلام وهما ابو بكر وعمر رضى الله عنهما وقال كعب هم اهل القرآن المتوجون يوم القيامة فانهم كادوا أن يكونوا أنبياء الا انه لا يوحى إليهم والمراد باهل القرآن الملازمون لقرآءته والعاملون به وكان خلق النبي عليه السلام القرآن وقيل الناس ثلاثة فرجل ابتكر الخير في حداثة سنة ثم داوم عليه حتى خرج من الدنيا فهو السابق المقرب ورجل ابتكر عمره بالذنب وطول الغفلة ثم تراجع بتوبة فهذا صاحب اليمين ورجل ابتكر الشر في حداثة سنه ثم لم يزل عليه حتى خرج من الدنيا فهذا صاحب الشمال وقال حضرة شيخى وسندى قدس سره في بعض تحريراته العباد ثلاثة اصناف صنف هم اهل النسيان وصنف هم اهل الذكر وصنف هم اهل الإحسان والصنف الاول اهل الفتور مطلقا وليس فيه بوجه من الحضور شيء أصلا وهم اهل البعد قطعا وليس لهم من القرب شيء جدا وهم اصحاب المشأمة واصحاب المشأمة ما اصحاب المشأمة وهم ارباب الغضب والقهر والجلال ولهم في نار الجحيم عذاب اليم وماء حميم والصنف الثاني اهل الفتور من وجه واهل الحضور من وجه وهم اهل البعد بوجه واهل القرب بوجه وهم اصحاب الميمنة
318
واصحاب الميمنة ما اصحاب الميمنة وهم ارباب الرحمة واللطف والجمال ولهم في نور النعيم ثواب عظيم وسرور مقيم والصنف الثالث اهل الحضور مطلقا وليس فيهم بوجه من الفتور شيء أصلا وهم اهل القرب مطلقا وليس لهم من البعد شيء أصلا وهم السابقون والسابقون السابقون أولئك المقربون وهم اصحاب كمال الرضى والاجتباء والاصطفاء ولهم في سر نعيم جنة الوصال دوام الصحبة والمشاهدة والمعاينة وبقاء تجلى الوجه الحق والجمال المطلق وهم ارباب الكمال المتوجه بوجه الجمال والجلال والصنف الاول قفا بلا وجه في الظاهر والباطن والثاني وجه بلا قفا في الظاهر وقفا بلا وجه في الباطن والثالث وجه بلا قفا في الظاهر والباطن لكونهم على تعين الوجه المطلق وفي رسالته العرفانية اصحاب اليمين ممن سوى المقربين وجه بلا قفا في الظاهر لحصول الرؤية لهم وقفا بلا وجه في الباطن اى لعدم انكشاف
البصيرة لهم واصحاب الشمال قفا بلا وجه في الظاهر اى باعتبار البداية ووجه بلا قفا في الباطن اى باعتبار النهاية وقال في اللائحات البرقيات له ذكر بعضهم بمجرد اللسان فقط وهم فريق الغافلين من الفجار ولهم رد مطلقا فانهم يقولونه بأفواهم ما ليس في قلوبهم وذكر بعضهم بمجرد اللسان والعقل فقط وهم فريق المتيقظين من الأبرار ولهم قبول بالنسبة الى من تحتهم لا بالنسبة الى من فوقهم وذكر بعضهم بمجرد اللسان والعقل والقلب فقط وهم فريق اهل البداية من المقربين وقبولهم نسبى ايضا وذكر بعضهم بمجرد اللسان والعقل والقلب والروح فقط وهم اهل الوسط من المقربين وقبولهم إضافي ايضا وذكر بعضهم كان مطلقا حيث تحقق لهم ذكر اللسان وفكر المذكور ومطالعة الآثار بالعقل وحضور المذكور ومكاشفة الأطوار بالقلب وانس المذكور ومشاهدة الأنوار بالروح والفناء في المذكور ومعاينة الاسرار بالسر فلهم قبول مطلقا وليس لهم رد أصلا لأن كمالهم وتمامهم كان حقيقيا جدا وهم ارباب النهاية من المقربين من الأنبياء والمرسلين واولياء الكاملين الأكملين وفي التأويلات النجمية يشير الى مراتب أعاظم المملكة الانسانية ومقامات اكابرها وصناديدها وهم الروح السابق المقرب وجود او رتبة والقلب المتوسط صاحب الميمنة والنفس الاخيرة صاحبة المشأمة اما تسمية الروح بالسابق فلسبقه بالتجليات الذاتية الرحمانية والتزلات الربانية وبقاء طهارته ونزاهته ابتداء وانتهاء ووصف القلب بصاحب الميمنة ليمنه والتيمن به وغلبة التجليات الصفاتية والاسمائية عليه ووصف النفس بصاحبه المشأمة لشؤمها وميشوميتها وتلعثمها عند اجابة دواعى الحق بالانقياد من غير عناد واعتناد واما تقديم القلب والنفس على الروح فلسعة الرحمانية الواسعة كل شيء كما قال ورحمتى وسعت كل شيء وقال رحمتى سبقت غضبى إذ جعل النفس برزخابين القلب والروح لتستفيد برحمته مرة من هذا وتارة من هذا وتصير منصبغة بنور انيتهما وتؤمن بهما ان شاء الله تعالى كما قال تعالى الا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وبقوله في جنات النعيم يشير الى جنة الذات وجنة الصفات وجنة الافعال لان السابقين المقربين هم الفانون في الله بالذات والصفات والافعال والباقون بالله بالذات والصفات والافعال ولصاحب كل مقام من هذه
319
اصحاب اليمين وهم هنا غير المقربين بقرينة تقسيم الأزواج وتبيين كل فريق منهم على حدة وكلا منافى المقربين خصوصا اعنى السابقين من هذه الامة هل هم اقل من سابقى الأمم كما يدل عليه ظاهر قوله تعالى وقليل من الآخرين او هم اكثر كما يدل عليه بعض الشواهد والظاهر أنهم اكثر مثل اصحاب اليمين والآية محمولة على مقدمى هذه الامة ومتأخريها كما أشير اليه سابقا وذلك لان النبي عليه السلام شبه علماء هذه الامة بانبياء بنى إسرائيل ولا شك ان الأنبياء كلهم من المقربين وعلماء هذه الامة لا نهاية لهم دل عليه ان اولياء في كل عصر من اعصار هذه الامة عدد الأنبياء وهم مائة ألف واربعة وعشرون ألفا وقد يزيد عددهم على عدد الأنبياء بحسب نورانية الزمان وقد ثبت ان كل أربعين مؤمنا في قوة ولى عرفى فاذا كان صفوف هذه الامة يوم القيامة ثمانين فظاهر أن عددهم يزيد على عدد الأولين وبزيادة العدد يزيد الأولياء اصحاب اليمين وبزيادتهم يزيد الأولياء المقربين السابقون فان في العدد المذكور منهم الغوث والاقطاب والكمل فاعرف وفي تأويلات النجمية يشير بقوله ثلة من الأولين الى كثرة ارباب القلوب صواحب التجليات الجزئية الصفاتية والاسمائية وكثرة اصحاب اللذات النفسانية الظلمانية وبقوله وقليل من الآخرين المحمديين يشير الى ارباب الأرواح الظاهرة صواحب التجليات الذاتية المقدسة عن كثرات الأسماء والصفات الاعتبارية عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ حال اخرى من المقربين والسر رجع سرير بالفارسية تحت والموضونة المنسوجة بالذهب مشبكة بالدر والياقوت او المتواصلة من الوضن وهو نسج الدرع ثم استعير لكل نسج محكم مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ
حالان من الضمير المستكن فيما تعلق به على سرر والتقابل أن يقبل بعضهم على بعض اما بالذات واما بالعناية والمودة اى مستقرين على سرر متكئين عليها اى قاعدين قعود الملك للاستراحة متقابلين لا ينظر بعضهم من أقفاء بعض وهو وصف لهم بحسن العشرة وتهذيب الأخلاق والآداب وقال ابو الليث متقابلين في الزيارة (وقال الكاشفى) برابر يكديكر يعنى روى با روى تا بديدان يكديگر مستأنس ومسرور باشند يَطُوفُ عَلَيْهِمْ اى يدور حولهم للخدمة حال الشرب وغيره وِلْدانٌ جمع وليد وخدمة الوليد أمتع من خدمة الكبير يعنى خدمت كودك زيباترست از خدمت كبار مُخَلَّدُونَ مبقون ابدا على شكل الولدان وطراوتهم لا يتحولون عنها لانهم خلقوا للبقاء ومق خلق للبقاء لا يتغير قال فى الاسئلة المقحمة هؤلاء هل يدخلون تحت قوله تعالى كل نفس ذائقة الموت والجواب انهم لا يموتون فيها بل يلقى عليهم بين النفختين نوم انتهى وازين معلوم شد كه اين كودكان را حق تعالى بمحض كرم خود آفريده باشد براى خدمت بهشتيان فهم للخدمة لا غير والحور العين للخدمة والمتعة وقيل هم أولاد اهل الدنيا لم يكن لهم حسنات فيثابون عليها ولا سيئات فيعاقبون عليها وفي الحديث (أولاد الكفار خدام اهل الجنة) ولفظ الولدان يشهد لابى حنيفة رحمه الله في أن أطفال المشركين خدم اهل الجنة لان الجنة لا ولادة فيها ويجوز أن يكون معنى مخلدون مقرطون يعنى آراستگان به گوشوارهاى زرين والخلد السوار والقرط كالخلدة محركة والجمع كقردة وولدان مخلدون مقرطون او مسورون
قسمت شود يكى پخته ويكى قديد ويكى بريان پس بهشتى چندانكه خواهد بخورد ديكر باره بقدرت حق زنده شود وبر پرد وفي الاسئلة المقحمة انما قال وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون فغاير بين اللفظين والجواب لان الفواكه كما تكون للاكل تكون ايضا للنظر والشم واما لحم الطير فمختلف الشهوات في أكل بعض اجزائه دون البعض ولما لم يكن بعد الاكل والشرب أشهى من الجماع قال وَحُورٌ عِينٌ عطف على ولدان او مبتدأ محذوف الخبر أي وفيها أولهم حور عين اى نساء وحور جمع حوراء وهى البيضاء او الشديدة بياض العين والشديدة سوادها وعين جمع عيناء وهى الواسعة الحسنة العين وهن خلقن من تسبيح الملائكة كما في عين المعاني كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ صفة لحور او حال اى الدر المخزون في الصدف لم تمسه الأيدي ولم تره الأعين او المصون عما يضربه ويدنسه في الصفاء والنقاء ولما بالغ في وصف جزائهم بالحسن والصفاء دل على ان أعمالهم كانت كذلك لان الجزاء من جنس العمل فقال جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ مفعول له اى يفعل بهم ذلك كله جزاء بأعمالهم الصالحة في الدنيا فما جزاء الإحسان الا الإحسان فالمنازل منقسمة على قدر الأعمال واما نفس دخول الجنة فبفضل الله ورحمته لا بعمل عامل فمن طمع في أن يدخل الجنة ويأكل من اللحم اللذيذ ويشرب من الشراب الهنيء ويستمتع بالحور العين آثر وجه زواجها (ويروى) ان الحوراء إذا مشت سمع تقديس الجلاجل من ساقيها وتمجيد الا سورة من ساعديها وان عقد الياقوت يضحك فى نحرها وفي رجليها نعلان من ذهب شراكهما من لؤلؤ تصران اى تصوتان بالتسبيح على كل امرأة سبعون حلة ليست منها حلة على لون الاخرى وسبعون لونا من الطيب ليس منها لون على لون الآخر لكل امرأة سبعون سريرا من ياقوت احمر منسوجة بالدر على كل سرير سبعون فراشا بطائنها من إستبرق وفوق السبعين فراشا سبعون أريكة لكل امرأة منهن سبعون وصيفة بيد كل وصيفة صحفتان من ذهب فيهما لون من طعام يجد لآخر لقمة منه لذة لا يجدها لاولها ويعطى زوجها مثل ذلك على سرير من ياقوت احمر عليه سواران من ذهب موشح بياقوت احمر وكان يحيى بن معاذ رحمه الله يقول اخطب زوجة لا تسلبها منك المنايا وأعرس بها في دار لا يخربها دوران البلايا واسبك لها حجلة لا تحرقها نيران الرزايا (وروى) انهن خلقن من الزعفران كما في كشف الاسرار لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً اى باطلا قال في القاموس اللغو واللغا السقط ومالا يعتدبه من كلام وغيره وفي المفردات اللغو من الكلام مالا يعتد به هو الذي يورد لا عن روية وفكر فيجرى مجرى اللغا وهو صوت العصافير ونحوها من الطيور وَلا تَأْثِيماً ولا نسبة الى الإثم اى لا يقال لهم أثمتم اى لا لغو فيها ولا تأثيم ولا سماع والإثم اسم للافعال المبطئة عن الثواب والجمع آثام إِلَّا قِيلًا اى قولا سَلاماً سَلاماً بدل من قيلا والاستثناء منقطع اى لكنهم يسمعون فيها قولا سلاما سلاما او هو من باب لا يذوقون فيها الموت الا الموتة الاولى فى انه من التعليق بالمحال ومعنى سماعهم السلام انهم يفشون السلام فيسلمون سلاما بعد
سلام او لا يسمع كل من المسلم والمسلم عليه الإسلام الآخر بدأ أوردا وفي الآية اشارة الى ان جنات السابقين المقربين صافية عن الكدورات المنغصة لساكنيها فارغة عن العاملات المعبسة لقاطنيها لا يقول أهلها الا مع الحق ولا يسمعون الا من الحق تجلى الحق لهم عن اسمه السلام المشتمل على السلامة من النقائص والآفات المتضمن للقربات والكرامات اعلم ان أعز السلام سلام الله على عباده كما قال سلام قولا من رب رحيم ثم سلاح الأرواح العالية كما حكى عن بعض الصالحين انه قال كان لى ابن استشهد فلم أره في المنام إلا ليلة توفى عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه وهو سابع الخلفاء الاثني عشر تراءى لى تلك الليلة فقلت يا بنى ألم تكن ميتا فقال لا ولكنى استشهدت وانا حى عند الله ارزق فقلت له ما جاء بك فقال نودى في اهل السماء ألا لا يبقى نبى ولا صديق ولا شهيد الا ويحضر الصلاة على عمر بن عبد العزيز فجئت لا شهد الصلاة ثم جئتكم لا سلم عليكم يقول الفقير شاهدت في الحرمين الشريفين حضور الأرواح للصلوات والطواف وسلام بعضهم على بعض حتى سلمت انا في السحر الأعلى عند مقام جبرائيل على الخلفاء الاربعة والملائكة اربعة ولله الحمد على ذلك
سلام من الرحمن نحو جنابه لان سلامى لا يليق ببابه
وَأَصْحابُ الْيَمِينِ شروع في تفصيل ما أجمل عند التقسيم من شؤونهم الفاضلة اثر تفصيل شؤون السابقين وهو مبتدأ خبره جملة قوله ما أَصْحابُ الْيَمِينِ اى لا تدرى ما لهم من الخير والبركة بسبب فواضل صفاتهم وكوامل محاسنهم فِي سِدْرٍ اى هم فى سدر مَخْضُودٍ ى غيرذى شوك لا كسدر الدنيا فان سدر الدنيا مخلوق بشوك وسدر الحنة بلا شوك كأنه خضد شوكه اى قطع ونزع عنه فقوله سدر مخضود اما من باب المبالغة في التشبيه او مجاز بعلاقة السببية فان الخضد سبب لانقطاع الشوك وقيل مخضود اى مثنى أغصانه لكثرة حمله من خضد الغصن إذا ثناه وهو رطب فمخضود على هذا الوجه من حذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه والسدر شجر النبق وهو ثمر معروف محبوب عند العرب يتخذون من ورقة الحرض وفي المفردات السدر شجر قليل الغذاء عند الاكل وقد يخضد ويستظل به فجعل ذلك مثل لظل الجنة ونعيمها قال بعضهم ليس شيء من ثمر الجنة في غلف كما يكون في الدنيا من الباقلاء وغيره بل كلها مأكول ومشروب ومشموم ومنظور اليه وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ قد نضد حمله وتراكب بعضه على بعض من أسفله الى إعلاء ليست له سوق بارزة وهو شجر الموز وهو شجر له أوراق كبار وظل بارد كما ان أوراق السدر صغار أو هو أم غيلان وله أنوار كثيرة منتظمة طيبة الرائحة يقصد العرب منه النزهة والزينة وان كان لا يؤكل منه شيء وعن السدى شجر يشبه طلح الدنيا ولكن له ثمر احلى من العسل وعن مجاهد كان لاهل الطائف واد معجب فيه الطلح والسدر فقالوا يا ليت لنا في الجنة مثل هذا الوادي فنزلت هذه الآية وقد قال تعالى وفيها ما تشتهى الأنفس وتلذ الأعين فذكر لكل قوم ما يعجبهم ويحبون مثله وفضل طلح الجنة وسدرها على ما في الدنيا كفضل سائر ما في الجنة على ما في الدنيا وَظِلٍّ مَمْدُودٍ ممتد
لا ينتقص ولا يتفاوت كظل ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس والعرب تقول للشيء الذي لا ينقطع ممدود وفي الحديث (فى الحنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها) وعن ابن عباس رضى الله عنهما شجرة في الجنة على ساق يخرج إليها اهل الجنة فيتحدثون فى أصلها ويتذكر بعضهم ويشتهى لهو الدنيا فيرسل الله ريحا من الجنة فتحرك تلك الشجرة بكل لهو كان في الدنيا وقال في كشف الاسرار ويحتمل ان الظل عبارة عن الحفظ تقول فلان في ظل فلان اى في كنفه لانه لا شمس هناك انتهى يقول الفقير بل المراد منه الراحة كما في قوله تعالى وندخلهم ظلا ظليلا لانه انما يجلس المرء في الظل للاستراحة وكانت العرب يرغبون فيه لقلته في بلادهم وغلبة حرارة الشمس ومنه قوله عليه السلام السلطان ظل الله في ارضه يأوى اليه كل مظلوم اى يستريح عند عدله ومنه قولهم مد الله ظلاله اى ظلال عدله ورأفته حتى يصل اثر الاستراحة الى الناس كلهم وَماءٍ مَسْكُوبٍ يسكب لهم ويصب أينما شاؤا وكيفما أرادوا بلا تعب او مصبوب سائل يجرى على الأرض في غير أخدود لا ينقطع يعنى كون الماء مسكوبا كثيرا اما عبارة عن كونه ظاهرا مكشوفا غير مختص ببعض الأماكن والكيفيات او عن كونه جاريا واكثر ماء العرب من الآبار والبرك فلا ينسكب فلا يصلون الى الماء الا بالدلو والرشاء فوعدوا بالماء الكثير الجاري حتى يجرى فى الهولء على حسب الاشتهاء كأنه مثل حال السابقين بأقصى ما يتصور لأهل المدن وحال اصحاب اليمين بأكمل ما يتصور لأهل البواد إيذانا بالتفاوت بين الحالين فكما ان بينهما تفاوتا فكذا بين حاليهما وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ بحسب الأنواع والأجناس لا مَقْطُوعَةٍ فى وقت من الأوقات كفواكه الدنيا وَلا مَمْنُوعَةٍ عن متناوليها بوجه من الوجوه كبعد المتناول وانعدام ثمن يشترى به وشوك في الشجر يؤذى من يقصد تناولها وحائط يمنع الدخول ونحوها من المحظورات وفي الحديث ما قطعت ثمرة من ثمار الجنة الا أبدل الله مكانها ضعفين وَفُرُشٍ جمع فراش وهو ما يبسط ويفرش اى هم في بسط مَرْفُوعَةٍ اى رفيعة القدر أو مرتفعة وارتفاعها كما بين السماء والأرض وهو مسيرة خمسمائة عام او مرفوعة على الاسرة وقيل الفرش هى النساء حيث يكنى بالفراش وباللباس والإزار عن المرأة وفي الحديث (الولد للفراش) فسمى المرأة فراشا وارتفاعها كونهن على الأرائك دل عليه قوله تعالى إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً وعلى الاول أضمر هن لدلالة ذكر الفرش التي هى المضاجع عليهن دلالة بينة والمعنى ابتدأنا خلقهن ابتداء جديدا من غير ولاد ابداء وإعادة اما الإبداء فكما في الحور لانهن انشأهن الله في الجنة من غير ولادة واما الاعادة فكما فى نساء الدنيا المقبوضة عجائز وفي الحديث (هن اللواتى قبض في دار الدنيا عجائز شمطا) جمع شمطاء والشمط بياض شعر الرأس يخالطه سواد (رمصا) جمع رمصاء والرمص بالتحريك وسخ يجتمع في الموق جعلهن الله تعالى بعد الكبر أترابا على ميلاد واحد فى الاستواء كلما أتاهن أزواجهن وجدوهن أبكارا فلما سمعت عائشة رضى الله عنها ذلك قالت وأوجعاه فقال عليه السلام ليس هناك وجع وقد فعل الله في الدنيا بزكريا عليه السلام
فقال تعالى وأصلحنا له زوجه سئل الحسن عن ذلك الصلاح فقال جعلها شابة بعد أن كانت عجوزا وولودا بعد ان كانت عقيما وذلك قوله تعالى فَجَعَلْناهُنَّ بعد أن كن عجائز أَبْكاراً اى عذارى جمع بكر والمصدر البكارة بالفتح قال الراغب البكرة أول النهار وتصور منها معنى التعجيل لتقدمها على سائر اوقات النهار فقيل لكل متعجل بكر وسميت التي لم تفتض بكرا اعتبارا بالثيب لتقدمها عليها فيما يراد له النساء قال سعدى المفتى ان أريد بالانشاء معنى الإبداء فالجعل بمعنى الخلق وقوله أبكارا حال وان أريد به الاعادة فهو بمعنى التصبير وأبكارا مفعوله الثاني قال بعضهم دل قوله فجعلناهن أبكارا على ان المراد بهن نساء الدنيا لان المخلوقة ابتداء معلوم انها بكر وهن أفضل واحسن من حور الجنة لانهن عملن الصالحات في الدنيا بخلاف الحور وعن الحسن رضى الله عنه قالت عجوز عند عائشة رضى الله عنها من بنى عامر يا رسول الله ادع الله أن يدخلنى الجنة فقال يا أم فلان ان الجنة لا يدخلها عجوز فولت وهى تبكى فقال عليه السلام اخبروها انها ليست يومئذ بعجوز وقرأ الآية عُرُباً جمع عروب كرسل جمع رسول وهى المتحببة الى زوجها الحسنة التنقل واشتقاقه من أعرب إذا بين والعرب تبين محبتها لزوجها بشكل وغنج وحسن وفي المفردات امرأة عروبة معربة بحالها عن عفتها ومحبة زوجها وفي بعض التفاسير عربا كلامهن عربى أَتْراباً جمع ترب بالكسر وهى اللدة والسن ومن ولد معك وهى تربى اى مستويات فى سن بنت ثلاث وثلاثين سنة وكذا أزواجهن والقامة ستون ذراعا في سبعة اذرع على قامة أبيهم آدم شباب جرد مكحولون أحسنهم كالقمر ليلة البدر وآخرهم كالكوكب الدري فى السماء يبصر وجه في وجهها وتبصر وجهها في وجهه لا يبزقون ولا يتمخطون وما كان فوق ذلك من الأذى فهو ابعد وفي الحديث (ان الرجل ليفتض في الغداة سبعين عذراء ثم ينشئهن الله أبكارا) وقال عليه السلام (ان الرجل من اهل الجنة ليزوج خمسمائة حوراء واربعة آلاف ثيب وثمانية آلاف بكر يعانق كل واحدة منهن مقدار عمره في الدنيا) ودر تبيان آورده كه جمله را ببهشت آرند بدين سن سازند وبشو هرد هند وعجوزه را نيز رد كنند بدين سن اگر شوهر نداشته باشد در دنيا ببعض از اهل بهشت دهند واگر شوهر داشته باشد اما شوهر او از اهل بهشت نبوده چون امرأه فرعون او را بيكى از بهشتيان دهند واگر زوج او بهشتى بود باز بدو ارزانى دارند واگر زياده از يك شوهر داشته باشد وهمه بهشتى باشند بزوج آخرين نامزد كنند وفي الحديث (أدنى اهل الجنة الذي له ثمانون ألف خادم واثنتان وسبعون زوجة وينصب له قبة من لؤلؤ وزبرجد وياقوت كما بين الجابية الى صنعاء) الجابية بالجيم بلد بالشام وصنعاء بلد باليمن كثيرة الأشجار والمياه تشبه دمشق وفي الحديث (تقول الحوراء لولى الله كم من مجلس من مجالس ذكر الله قد أكرمك به العزيز أشرفت عليك بدلالى وغنجى وأترابي وأنت قاعد بين أصحابك تخطبنى الى الله فترى شوقك كان يعدل شوقى أوجدك كان يعدل جدى والذي أكرمني بك وأكرمك بي ما خطبتنى الى الله مرة الا خطبتك الى الله سبعين مرة فالحمد لله الذي أكرمني بك وأكرمك بي
بعض الاخبار وَأَصْحابُ الشِّمالِ شروع في تفصيل أحوالهم وهم الكفار لقوله تعالى والذين كفروا بآياتنا هم اصحاب المشأمة عليهم نار مؤصدة ما أَصْحابُ الشِّمالِ اى لا تدرى ما لهم من الشر وشدة الحال يوم القيامة فِي سَمُومٍ اى هم في حر نار تنفذ في المسام وهى ثقب البدن وتحرق الأجساد والأكباد قال في القاموس السموم الريح الحارة تكون غالبا في النهار والحرور الريح الحارة بالليل وقد تكون بالنهار وَحَمِيمٍ وهو الماء المتناهي في الحرارة وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ من دخان اسود بهيم فان اليحموم الدخان والأسود من كل شيء كما فى القاموس يفعول من الحمة بالضم وهو الفحم تقول العرب اسود يحموم إذا كان شديد السواد قال الضحاك النار سوداء وأهلها سود وكل شيء فيها اسود ولذا لا يكون في الجنة الأسود الا الخال وأشفار العين والحاجب يقول الفقير فيه تحذير عن شرب الدخان الشائع في هذه الاعصار فانه يرتفع حين شربه ويكون كالظل فوق شاربه مع ما لشربه من الغوائل الكثيرة ليس هذا موضع ذكرها فنسأل الله العافية لمن ابتلى به إذ هو مما يستخبثه الطباع السليمة وهو حرام كما عرف في التفاسير لا بارِدٍ كسائر الظلال وَلا كَرِيمٍ ولا نافع من أذى الحر لمن يأوى اليه نفى بذلك ما أوهم الظل من الاسترواح يعنى انه سماه ظلا ثم نفى عنه وصيفة البرد والكرم الذي عبربه عن دفع الذي الحر لتحقيق انه ليس بظل والكرم صفة لكل ما يرضى ويجرى في بابه والظل يقصد لفائدتين لبرودته ودفع أذى الحر وان لم تحصل الاستراحة بالبرد لعدمه كمن في البيوت المسدودة الأطراف بحيث لا يتحرك فيها الهواء فان من يأوى إليها يتخلص بها من أذى حر الشمس وان لم يستروح ببردها وفيه تهكم باصحاب المشأمة وانهم لا يستأهلون للظل البارد والكريم الذي هولأ ضدادهم في الجنة إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ تعليل لابتلائهم بما ذكر من العذاب يقال ترف كفرح تنعم وأترفته النعمة أطغته وانعمته وفلان أصر على البغي والمترف كمكرم المتروك يصنع ما يشاء فلا يمنع كما في القاموس اى انهم كانوا قبل ما ذكر من سوء العذاب في الدنيا منعمين بانواع النعم من المآكل والمشارب والمساكن الطيبة والمقامات الكريمة منهمكين في الشهوات فلا جرم عذبوا بنقائضها وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ اى الذنب العظيم الذي هو الشرك ومنه قولهم بلغ الغلام الحنث اى الحلم ووقت المؤاخذة بالذنب وحنث في يمينه خلاف برفيها وقال بعضهم الحنث هنا الكذب لانهم كانوا يحلفون بالله مع شركهم لا يبعث الله من يموت يقول الفقير يدل على هذا ما يأتى من قوله ثم انكم ايها الضالون المكذبون والحكمة في ذكر سبب عذابهم مع انه لم يذكر فى اصحاب اليمين سبب ثوابهم فلم يقل انهم كانوا قبل ذلك شاكرين مذعنين التنبيه على ان ذلك الثواب منه تعالى فضل لا تستوجبه طاعة مطيع وشكر شاكر وان العقاب منه تعالى عدل فاذا لم يعلم سبب العقاب يظن ان هناك ظلما وفي الآية اشارة الى سموم نار البعد والحجاب وحميم القهر والغضب وظل شجرة الجهل ما فيه برد اليقين كسائر الظلال ولا يسكن حرارة عطشهم من طلب الدنيا ولذاتها وما فيه كرم الهمة ايضا حتى يعينهم على ترك الدنيا وزينتها وزخار فهابل لا يزالون يطلبون من الدنيا ما ليس فيها من الاستراحة والاسترواح انهم كانوا قبل ذلك
مترفين يعنى ما كان استظلالهم بشجرة الجهل المركب التي ليس فيها برد اليقين ولا كرم الهمة الا بسبب استعداداتهم الذاتية المجبولة على جب الشهوات واللذات قبل دخولهم في الوجود العيني وايضا كان استظلالهم بشجرة الجهل لانهم كانوا في محبة النفس والدنيا متمكنين في الأزل إذ الحنث العظيم هو حب النفس وحب الدنيا كما قال صلّى الله عليه وسلّم (حب الدنيا رأس كل خطيئة)
مر اطاعت نفس شهوت برست كه هر ساعتش قبله ديكر است
بر مرد هشيار دنيا خست كه هر مدتى جاى ديكر كسست
وَكانُوا مع شركهم يَقُولُونَ لغاية عتوهم وعنادهم أَإِذا مِتْنا آيا وقتى كه بميريم وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً اى كان بعض اجزائنا من اللحم والجلد ترابا وبعضها عظاما نخرة وتقديم التراب لعراقته في الاستبعاد وانقلابه من الاجزاء البادية وإذا ممحضة للظرفية والعامل فيها ما دل عليه قوله تعالى أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ لانفسه لان ما بعد أن واللام والهمزة لا يعمل فيما قبلها وهو البعث وهو المرجع للانكار وتقييدها بالوقت المذكور ليس لتخصيص إنكاره به فانهم منكرون للاحياء بعد الموت وان كان البدن على حاله بل لتقوية الإنكار للبعث بتوجيهه اليه في حالة منافية له بالكلية وليس مدار انكار هم كونهم ثابتين في المبعوثية بالفعل في حال كونهم ترابا وعظاما بل كونهم بعرضية ذلك واستعداد هم له ومرجعه الى انكار البعث بعد تلك الحالة أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ الواو للعطف على المستكن في لمبعوثون يعنى آيا مادران و پدران پيشين ما نيز مبعوث شوند قُلْ رد الإنكار هم وتحقيقا للحق إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ من الأمم الذين من جملتهم أنتم وآباؤكم وبالفارسية بدرستى كه پيشينيان از آباى شما وغير آن و پيشينيان از شما وغير شما وفي تقديم الأولين مبالغة في الرد حيث كان انكار هم لبعث آبائهم أشد من انكار هم لبعثهم مع مراعاة الترتيب الوجودي لَمَجْمُوعُونَ بعد الموت وكأنه ضمن الجمع معنى السوق فعدى تعديته بالى ولذا قال إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ الى ما وقتت به الدنيا وحدت من يوم معلوم لله معين عنده وهو يوم القيامة والاضافة بمعنى من كخاتم فضة والميقات هو الوقت المضروب للشيء ينتهى عنده او يبتدأ فيه ويوم القيامة ميقات تنتهى الدنيا عنده وأول جزء منه فالميقات الوقت المحدود وقد يستعار للمكان ومنه مواقيت الإحرام للحدود التي لا يتجاوزها من يريد دخول مكة إلا محرما ثُمَّ إِنَّكُمْ الخطاب لاهل مكة واضرابهم عطف على ان الأولين داخل تحت القول وثم للتراخى زمانا او رتبة أَيُّهَا الضَّالُّونَ عن الحق والهدى الْمُكَذِّبُونَ اى البعث لَآكِلُونَ بعد البعث والجمع ودخول جهنم مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ
من الاولى لابتداء الغاية والثانية لبيان الشجر وتفسيره اى مبتدئون الاكل من شجر هو الزقوم وهو شجر كريه المنظر والطعم حارفى اللمس منتن فى الرائحة وهى الشجرة الملعونة في القرآن قال اهل الحقيقة سدرة المنتهى أغصانها نعيم لاهل الجنة وأصولها زقوم لاهل النار فهى مبدأ اللطف والقهر والجمال والجلال فَمالِؤُنَ پس پر كنندكان باشيد يقال ملأ الإناء فهو مملوء من باب قطع والملئ بالكسر مقدار ما يأخذه الإناء إذا امتلأ مِنْهَا اى من ذلك الشجر والتأنيث باعتبار المعنى الْبُطُونَ اى
بطونكم من شدة الجوع او بالقسر وفيه بيان لزيادة العذاب وكماله اى لا يكتفى منكم بنفس الاكل كما لا يكتفى من يأكل الشيء تحلة القسم بل تلزمون بان تملأوا منها البطون اى يملأكل واحد منكم بطنه او بطون الأمعاء والاول اظهر والثاني ادخل في التعذيب فَشارِبُونَ عَلَيْهِ اى على شجر الزقوم اى عقيب ذلك بلا ريث لعطشكم الغالب وتذكير ضمير الشجر باعتبار اللفظ مِنَ الْحَمِيمِ اى الماء الحار في الغاية فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ كالتفسير لما قبله اى لا يكون شربكم شربا معتادا بل يكون مثل شرب الهيم وهى الإبل التي بها الهيام وهوداء يصيبها يشبه الاستسقاء فتشرب ولا تروى الى ان تموت او تسقم سقما شديدا جمع اهيم وهيماء فاصله هيم كأحمر وحمر وفقلبت الضمة كسرة لتصح الياء والمعنى انه يسلط عليهم من الجوع والتهاب النار في احشائهم ما يضطرهم الى أكل الزقوم الذي هو كالمهل فاذا ملأوا منه بطونهم وهو في غاية الحرارة والمرارة سلط عليهم من العطش ما يضطرهم الى شرب الحميم الذي يقطع أمعاءهم فيشربونه شرب الإبل العطاش وفيه بيان لزيادة العذاب ايضا اى لا يكون شربكم ايها الضالون كشرب من يشرب ماء حارا منتنا فانه يمسك عنه إذا وجده مؤلما معذبا بخلاف شربكم فانكم تلزمون بان تشربوا منه مثل ما يشرب الجمل الأهيم فانه يشرب ولا يروى وفي الآية اشارة الى افراط النفس والهوى في شرب ماء حميم الجهل والضلال وفي أكل زقوم المشتهيات المورثة للوبال ولغاية حرصها لا تزيد الا جوعا وعطشا ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب
كجا ذكر كنجد در انبان آز بسختى نفس ميكند پادراز
هذا الذي ذكر من الزقوم والحميم أول ما يلقونه من العذاب نُزُلُهُمْ اى رزقهم المعد لهم اى كالنزل الذي يعد للنازل مما حضر مكرمة له يَوْمَ الدِّينِ اى يوم الجزاء فاذا كان ذلك نزلهم فما ظنك بحالهم بعد ما استقر لهم القرار واطمأنت بهم الدار في النار وفيه من التهكم ما لا يخفى كما في قوله تعالى فبشرهم بعذاب أليم لان ما يعدلهم في جهنم ليس مكرمة لهم والجملة مسوقة من جهته تعالى بطريق الفذلكة مقررة لمضمون الكلام الملقن غير داخلة تحت القول نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ اى فهلا تصدقون أيها الكفرة بالخلق فان مالا يحققه العمل ولا يساعده بل ينبئ عن خلافه ليس من التصديق في شيء او بالبعث فان من قدر على الإبداء قدر على الاعادة اعلم ان الله تعالى إذا اخبر عن نفسه بلفظ الجميع يشير به الى ذاته وصفاته وأسمائه كما قال انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون وكما قال انا أنزلناه وإذا اخبر عن نفسه بلفظ المفرد يشير الى ذاته المطلقة كما قال انى انا الله رب العالمين هذا إذا كان القائل المخبر هو الله تعالى واما إذا كان العبد فينبغى أن يقول أنت يا رب لا أنتم لايهامه الشرك المنافى لتوحيد القائل ولذا يقال أشهد أن لا اله الا الله ليدل على شهادته بخصوصه فبتعين توحيده ويظهر تصديقه أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ اى تقذفونه وتصبونه في أرحام النساء من النطف التي يكون منها الولد فقوله أفرأيتم بمعنى أخبروني وما تمنون مفعوله الاول والجملة الاستفهامة مفعوله الثاني يقال امنى الرحل يمنى لا غير ومنيت
الشيء امنيه إذا قضيته وسمى المنى منيا لان الخلق منه يقضى أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ اى تقدرونه وتصورونه بشرا سويا في بطون النساء ذكرا او أنثى أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ له من غير دخل شيء فيه وأم قيل منقطعة لان ما بعدها جملة فالمعنى بل أنحن الخالقون على ان الاستفهام للتقرير وقيل متصلة ومجيئ الخالقون بعد نحن بطريق التأكيد لا بطريق الخبرية أصالة وفيه اشارة الى معنى ان وقوع نطف الأعمال والافعال وموادها في أرحام قلوبكم ونفوسكم بخلقي وإرادتي لا بخلقكم وارادتكم ففيه تخصيص مواد لخواطر المقتضية للافعال والأعمال والأقوال الى نفسه وقدرته وسلبها عن الخلق نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ اى قسمناه عليكم ووقتنا موت كل أحد بوقت معين حسبما تقتضيه مشيئتنا المبنية على الحكم البالغة فمنهم من يموت صغيرا ومنهم من يموت كبيرا يقول الفقير قيل لى في بعض الاسحار اصبر ولا يكون الا ما قدر الله تعالى فمرضت بعد ايام ابنتي امة الله حتى ماتت جعلها الله فرطا وذخرا وشافعة ومشفعة وقد ثبت ان ابراهيم عليه السلام تعلق باسمعيل فابتلى بذبحه وكذا يعقوب عليه السلام تعلق بيوسف فابتلى بالفراق فهذه كلها مقادير يحب الرضى بها وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ اى انا قادرون عَلى أَنْ نُبَدِّلَ
منكم أَمْثالَكُمْ
لا يغلبنا أحد على أن نذهبكم ونأتى مكانكم بأشباهكم من الخلق يقال سبقته على كذا اى غلبته عليه وغلب فلان فلانا على الشيء إذا اخذه منه بالغلبة وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ
من الخلق والأطوار لا تعهدون بمثلها وقال الحسن البصري رحمه الله اى نجعلكم قردة وخنازير كمن مسخ قبلكم ان لم تؤمنوا برسلنا يعنى لسنا عاجزين عن خلق أمثالكم بدلا منكم ومسخكم من صوركم الى غيرها ويحتمل ان الآية تنحو الى الوعيد فالمراد اما انشاؤهم فى خلق لا يعلمونها أو صفات لا يعلمونها يعنى كيفيات من الألوان والاشكال وغيرها وفي الحديث (ان اهل الجنة جرد مرد وان الجهنمى ضر سه مثل أحد) وفي الآية اشارة الى ان الله تعالى ليس بعاجز عن تبديل الصفات البشرية بالصفات الملكية وجعل السالكين مظهر الصفات غير صفاتهم التي هم عليها إذ توارد الصفات المختلفة المتباينة على نفس واحدة على مقتضى الحكمة البالغة ليس من المحال ألا ترى الى الجوهر الواحد فانه يصير تارة فضة واخرى ذهبا بطرح الإكسير وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ اى الخلقة الْأُولى هى خلقتهم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة وقيل هى فطرة آدم من التراب فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ فهلا تتذكرون ان من قدر عليها قدر على النشأة الاخرى حتما فانها اقل صنعا لحصول المواد وتخصص الاجزاء وسبق المثال
آنكه ما را ز خلوت نابود مى كشد تا بجلوه كاه وجود
بار ديكر كه از سموم هلاك روى پوشيم زير پرده خاك
هم تواند بامر كن فيكون كارد از كوشه لحد بيرون
وفي الخبر عجبا كل العجب للمكذب بالنشأة الآخرة وهو يرى النشأة الاولى وعجبا للمصدق بالنشأة الآخرة وهو يسعى لدار الغرور وفي الآية دليل على صحة القياس حيث جهلهم
فى ترك قياس النشأة الاخرى على الاولى وترك القياس إذا كان جهلا كان القياس علما وكل ما كان من قبيل العلم فهو صحيح (وفي المثنوى)
مجتهد هر كه كه باشد نص شناس اندر آن صورت نينديشد قياس
چون نيايد نص اندر صورتى از قياس آنجا نمايد عبرتى
اين قياسات وتحرى روز ابر تا بشت مر قبله را كردست حبر
ليك با خورشيد وكعبه پيش رو اين قياس واين تحرى مجو
ومنه يعلم بطلان قياس إبليس فانه قياس على خلاف الأمر عنده وروده (كما قال في المثنوى)
أول آنكس كين قياسكها نمود پيش أنوار خدا إبليس بود
كفت نار از خاك بي شك بهترست من ز نار واو ز خاك اكدرست
پس قياس فرع بر اصلش كنيم او ز ظلمت ما ز نور روشنيم
كفت حق نى بلكه لا انساب شد زهد وتقوى فضل را محراب شد
وفيه اشارة الى انا إذا قدرنا على إنشاء النشأة الاولى البشرية الطبيعية الدنيوية مع عدم مادة من المواد الصفاتية فمن استعجز قردة الله فقد كفر ألا ترى الى محرومى البداية مرزوقى النهاية مثل ابراهيم بن أدهم وفضيل بن عياض ومالك بن دينار وغيرهم قدس الله أسرارهم فان الله تعالى انشأهم نشأة اخرى ولو بعد حين أَفَرَأَيْتُمْ أخبروني وبالفارسية اخبار كنيد ما تَحْرُثُونَ اى تبذرونه من الحب وتعملون في ارضه بالسقي ونحوه والحرثه إلقاء البذر في الأرض وتهيئتها للزرع أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ تنبتونه وتردونه نباتا يربو وينمو الى أن يبلغ الغاية أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ اى المنبتون لا أنتم والزرع الإنبات وحقيقة ذلك يكون بالأمور الالهية دون البشرية ولذا نسب الحرث إليهم ونفى عنهم الزرع ونسبه الى نفسه وفي الحديث (لا يقولن أحدكم زرعت وليقل حرثت فان الزارع هو الله) والحاصل ان الحرث فعلهم من حيث ان اختيارهم له مدخل في الحرث والزرع خالص فعل الله فان إنبات السنبل والحب لا مدخل فيه لاختيار العبد أصلا وإذا نسب الزرع الى العبد فلكونه فاعلا للاسباب التي هى سبب الزرع والإنبات في الاسئلة المقحمة الأصح ان الحرث والزرع واحد كقوله تعالى ولا تسقى الحرث فهلا أضاف الحرث الى نفسه ايضا والجواب ان اضافة الحرث إلينا اضافة الاكتساب وإضافته الى نفسه اضافة الخلق والاختراع كقوله تعالى وما رميت إذ رميت قال الحليمي يستحب لكل من ألقى في الأرض بذرا أن يقرأ بعد الاستعاذة أفرأيتم الى قوله بل نحن محرومون ثم يقول الله الزارع والمنبت والمبلغ اللهم صلّى على محمد وعلى آل محمد وارزقنا ثمره وجنبنا ضرره واجعلنا لأنعمك من الشاكرين ويقال ان هذا القول أمان لذلك الزرع من جميع الآفات الدود والجراد وغير ذالك وفي الآية امتنان ليشكروا على نعمة الزرع واستدلال بان من قدر على الإنبات قدر على الاعادة فكما انه ينبت الحب في الأرض وينبت بذر النطفة في الرحم فكذا ينبت من حب عجب الذنب فى القبر فان كلها حب وذلك لان بذر النطفة وكذا عظم عجب الذنب شيء كخردلة كما
كرز شير ديوتن را پرورى در فطام او بسى نعمت خورى
أَفَرَأَيْتُمُ خبر نماييد الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ عذابا فراتا وتخصيص هذا الوصف بالذكر مع كثرة منافعه لان الشرب أهم المقاصد المنوطة به أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ اى من السحاب واحده مزنة وقيل هو السحاب الأبيض وماؤه أعذب أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ له بقدرتنا والرؤية ان كانت بمعنى العلم فمعلقة بالاستفهام وان كانت بمعنى الابصار او المعرفة فالجملة الاستفهامية استئناف وهذا هو اختيار الرضى لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً ملحا زعاقا لا يمكن شربه وحذف اللام فى الشرطية الاولى للفرق بين المطعوم والمشروب في الاهمية وصعوبة الفقد يعنى ان امر المطعوم هاهنا مع إثباتها مقدم على امر المشروب وان الوعيد بفقده أشد وأصعب من قبل ان المشروب انما يحتاج اليه تبعا للمطعوم فَلَوْلا تَشْكُرُونَ فهلا تشكرون ما ذكر جميعا من المطعوم والمشروب بتوحيد منعمه وإطاعة امره او فلولا تشكرون على ان جعلناه عذاب وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان تحت العرش بحرا تنزل منه أرزاق الحيوانات يوحى الله اليه فيمطر ما شاء من سماء الى سماء حتى ينتهى الى سماء الدنيا ويوحى الى السماء ان غربيله فتغربله فليس من قطرة تقطر الا معها ملك يضعها موضعها ولا ينزل من السماء قطرة إلا بكيل معلوم ووزن معلوم الا ما كان من يوم الطوفان فانه نزل بغير كيل ولا وزن وقال بعض الحكماء ان المطر يأخذه قوس الله من البحر الى السحاب ثم ينزل من السحاب الى الأرض قال بعضهم هو أدخل فى القدرة لان ماء البحر مر فيصعد ملحا وينزل عذبا وفي الآية اشارة الى ان بعض بلاد العرب ليس لها آبار ولا انهار جارية فلا يشرب أهلها الا من المطر في المصانع فمنها القدس الشريف وينبع وجدة المحروسة ونحوها وللماء العذب مزيد فضل في هذه البلاد ولذا امتن الله به على العباد وفيها اشارة الى ماء معرفة والعلم الإلهي فانه ليس بالكسب والاجتهاد بل بمحض عطاء الله تعالى ولو شاء الله لجهل الماء العذب الجاري من مشرب الكشف والشهود ماء ملحا جاريا من مشرب الحجاب والاحتجاب والجهالة والضلالة فلابد من الشكر على نعم المعارف والحقائق والحكم واعلم ان من حفر بئرا فاما أن يصل الى الماء اولا فان وصل فاما أن يكون ذلك الماء مالحا او عذبا فعلى تقدير كونه عذبا ليس كالمطر الحاصل بلا اسباب فانه طيب طاهر خالص فهذا مثل علم علماء الرسوم ومثل علم علماء الحقيقة فان الأنبياء والأولياء ملهمون من عند الله تعالى ولا خطأ في لوحى والإلهام أصلا ولذا نقول ان علم الصوفية هو العلم الصواب كله فعلمهم تذكرى ليس لهم احتياج الى ترتيب المقدمات بخلاف علماء الرسوم فان علمهم تفكرى هتاج الى ذلك ولا بد لطالب الفيض من تهيئة المحل قبل وروده ألا ترى الى صاحب الحرث فانه يشتغل بتهيئة الأرض وإلقاء البذر ولا يدرى من ينزل المطر فاذا نزل أصاب محزه ثم اعلم ان الروح ينزل بالمطر وله تعين فى كل نشأة بما يناسبه فعند تمام الخلقة في الرحم ينفخ الله تعالى الروح وهو عبارة عن تعين الروح وظهوره لكن عبر عنه بالنفخ لان العقل قاصر عن دركه وكان عليه السلام يكشف رأسه عند نزول المطر ويقول حديث عهد بربه فالروح اى روح كان سبب للحياة مطلقا
ان نار المحبة أشد النيران قال الجنيد قدس سره قالت النار يا رب لو لم أطعك هل كنت تعذبنى بشيء هو أشد منى قال نعم كنت أسلط عليك نارى الكبرى قالت هل نار أعظم منى قال نعم نار محبتى أسكنها قلوب أوليائي المؤمنين كما في فتح القريب
مهر جانان آتش است عشاق را مى بسوزد هستئ مشتاق را
فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ لم يقل فسبح ربك لان سبح منزل منزلة اللازم ولم يعتبر تعلقه بالمفعول ومعناه فأحدث التسبيح بذكر اسمه تعالى إضمار المضاف شكرا على تلك النعم وان جحدها الجاحدون أو بذكره على المجاز فان اطلاق الاسم للشيء ذكر له والباء للاستعانة او الملابسة والمراد بذكر ربه هنا تلاوة القرآن والعظيم صفة للاسم او الرب قال ابن عطاء رحمه الله سبحه ان الله أعظم من أن يلحقه تسبيحك او يحتاج الى شيء منك لكنه شرف عبيده بأن امر هم أن يسبحوه ليطهروا أنفسهم بما ينزهونه به فَلا أُقْسِمُ اى فاقسم ولا مزيدة للتأكيد وتقوية الكلام كما في قوله تعالى لئلا يعلم اهل الكتاب وما قيل ان المعى فلا أقسم إذ الأمر أوضح من أن يحتاج الى قسم خصوصا الى مثل هذا القسم العظيم فيأباه تعيين المقسم به وتفخيم شأن المقسم به بِمَواقِعِ النُّجُومِ اى بمساقطها وهى مغاربها وتخصيصها بالقسم لما في غروبها من زوال اثرها والدلالة على وجود مؤثر دائم لا يتغير أو لأن ذلك وقت قيام المتهجدين والمبتهلين اليه تعالى وأوان نزول الرحمة والرضوان عليهم او بمنازلها ومجاريها فان له تعالى في ذلك من الدليل على عظم قدرته وكمال حكمته مالا يحيط به البيان وقيل النجوم نجوم القرآن ومواقعها اوقات نزولها واليه ذهب ابن عباس رضى الله عنهما وقيل النجوم الصحابة والعلماء الهادون بعدهم ومواقعهم القبور وقيل غير ذلك وَإِنَّهُ اى القسم بالمذكور لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ لما في المقسم به من الدلالة على عظم القدرة وكمال الحكمة وفرط الرحمة ومن مقتضيات رحمته أن لا يترك عباده سدى بغير كتاب قوله لو تعلمون اعتراض بين الصفة والموصوف لتأكيد تعظيم المحلوف به وجوابه متروك أريد به نفى علمهم او محذوف ثقة بظهوره اى لعظمتموه او لعملتم بموجبه ففيه تنبيه على تقصير المخاطبين في الأمر وعظيم صفة قسم وهذه الجملة ايضا اعتراض بين القسم وجوابه الذي هو قوله تعالى إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ هو المقسم عليه اى لكتاب كثير النفع لاشتماله على اصول العلوم المهمة في صلاح المعاش والمعاد على أن يستعار الكرم ممن يقوم به الكرم من ذوى العقول الى غيرهم او حسن مرضى في جنسه من الكتب او كريم عند الله وقال بعضهم كريم لانه يدل على مكارم الأخلاق ومعالى الأمور وشرائف الافعال وقيل كريم لنزوله من عند كريم بواسطة الكرام الى الكرم الخلق فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ اى مصون عن غير المقربين من الملائكة اى لا يطلع عليه من سواهم وهو اللوح المحفوظ لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ اما صفة اخرى للكتاب فالمراد بالمطهرين الملائكة المنزهون عن الكدورات الجسمانية واوضار الأوزار او للقرءآن فالمراد المطهرون من الأحداث مطلقا فيكون نفيا بمعنى النهى اى لا ينبغى أن يمسه الا من كان على طهارة من الأدناس كالحدث والجنابة ونحوهما
336
على طريقة قوله عليه السلام المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه اى لا ينبغى له أن يظلمه او يسلمه الى من يظلمه فالمراد من القرآن المصحف سماه قرءانا على قرب الجوار والاتساع كما روى ان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نهى أن يسافر بالقرءان الى ارض العدو وأراد به المصحف وفي الفقه لا يجوز لمحدث بالحدث الأصغر وهو ما يوجب الوضوء مس المصحف إلا بغلافه المنفصل الغير المشرز كالخريطة ونحوها لان مسه ليس مس القرآن حقيقة لا المتصل في الصحيح وهو الجلد المشرز لانه من المصحف يعنى تبع له حتى يدخل فى بيعه بلا ذكر وهذا اقرب الى التعظيم وكره المس بالكم لانه تابع للحامل فلا يكون حائلا ولهذا لو حلف لا يجلس على الأرض فجلس وذيله بينه وبين الأرض حنث وانما منع الأصغر عن مس المصحف دون تلاوته لانه حل اليد دون الفم ولهذا لم يجب غسله فى الوضوء والجنابة كانت حالة كليهما ولا يرد العين لان الجنب حل نظره الى مصحف بلا قراءة وكذا لا يجوز لمحدث مس درهم فيه
سورة إلا بصرته ولا لجنب دخول المسجد الا لضرورة فان احتاج الى الدخول تيمم ودخل لانه طهارة عند عدم الماء ولا قراءة القرآن ولو دون آية لان ما دونها شيء من القرآن ايضا الا على وجه الدعاء او الثناء كالبسملة والحمد لة وفي الأشباه لو قرأ الفاتحة في صلاته على الجنازة ان قصد الدعاء والثناء لم يكره وان قصد التلاوة كره وفيه اشارة الى ان حكم القراءة يتغير بالقصد ويجوز للجنب الذكر والتسبيح والدعاء والحائض والنفساء كالجنب في الاحكام المذكورة ويدفع المصحف الى الصبى إذ فى الأمر بالوضوء حرج بهم وفي المنع تضيع حفظ القرآن إذ الحفظ في الصغر كالنقش في الحجر وفي الأشباه ويمنع الصبى من مس المصحف انتهى والتوفيق ظاهر وفي كشف الاسرار واما الصبيان فلا صحابنا فيهم وجهان أحدهما انهم يمنعون منه كالبالغين والثاني انهم لا يمنعون لمعنيين أحدهما ان الصبى لو منع ذلك ادى الى أن لا يتعلم القرآن ولا يحفظه لان وقت تعلمه وحفظه حال الصغر والثاني ان الصبى وان كانت له طهارة فليست بكاملة لان النية لا تصح منه فاذا جاز أن يحمله على غير طهر كامل جاز أن يحمله محدثا ودر أنوار مذكور است كه جنب وحائض را بقول ابى يوسف جائزست كتابت قرآن وقتى كه لوح بر زمين بود نه بر كنار ونزد محمد بهيج وجه روا نيست ومحمد بن فضل رحمه الله فرموده كه مراد ازين طهارت توحيدست يعنى بايد كه از غير موحدان كسى قرآن نخواند وابن عباس رضى الله عنه نهى ميكرد از انكه يهود ونصارى را تمكين دهند از قراءت قرآن وقال بعضهم يجوز للمؤمن تعليم القرآن للكافر رجاء هدايته الى الإسلام ومحققان كفته اند مراد از مس اعتقادست يعنى معتقد نباشد قرآنرا اگر پاكيزه دلان كه مؤمنانند ويا تفسير وتأويل آن ندانند الا آنها كه سر ايشان پاك باشد از ما سوى الله
جمال حضرت قران نقاب انكه بر اندازد كه دار الملك معنى را مجرد بينداز غوغا
ودر بجز الحقائق فرموده كه مكاشف نشود باسرار قرآن مكر كسى كه پاكيزه كردد از لوث توهم غير وبرسد بمقام شهود حق در مرآى خلق واين معنى ميسر نشود جز بفناى
337
مشاهد وشهود در مشهود
چون تجلى كردد أوصاف قديم پس بسوزد وصف حادث را كليم
وتحقيقه ان الهاء اشارة الى الهوية الالهية فانه لا يمس سرها الا المطهرون عن جنابة كل مقام من المقامات الوجودية وهى التعلق به والبعد بواسطته عن الحق المطلق والمطهر بالفتح لا بد له من المطهر بالكسر وهو الله تعالى فالعبد لا يطهر نفسه ولا يزكيها وانما يطهره الله ويزكيه فاذا طهره الله وزكاه فهم مراد القرآن ولذا قال بعض الكبراء ان القرآن بكر اى بالنسبة الى علماء الظاهر والرسم فان الذي فهموه من القرآن انما هو ظاهره ومزاياه المتعلقة به وانما حل عقدته علماء الباطن والحقيقة لان الله تعالى قال واتقوا الله ويعلمكم الله فهم اهل التقوى الحقيقي ولذا علمهم الله ما لم يعلم أحدا من العالمين وان كان القرآن لا تنقضى عجائبه وقس عليه الحديث فان مراد رسول الله عليه السلام على الحقيقة لا يفهمه الا أهل الحقيقة ومن ثمة اقتصر علماء الحديث وشراحه على بيان الاعراب والمفهوم الظاهري من غير أن يتعرضوا لحقائقه فأين شرح النووي والكرماني وابن حجر ونحوهم من شرح الصدر القنوى ونحوه رضى الله عنهم تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ صفة اخرى للقرءآن وهو مصدر نعت به حتى جرى مجرى اسمه يعنى ان التنزيل بمعنى المنزل سمى المنزل تنزيلا على اتساع اللغة كما يقال للمقدور قدر وللمخلوق خلق على قول من يجيزه أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ الذي ذكرت نعوته الجليلة الموجبة لاعظامه وإجلاله وهو القرآن الكريم وسماه حديثا لان فيه حوادث الأمور كما في كشف الاسرار وهو متعلق بقوله مدهنون وجاز تقديمه على المبتدأ لان عامله يجوز فيه ذلك والأصل أفأنتم مدهنون بهذا الحديث أَنْتُمْ يا اهل مكة مُدْهِنُونَ الادهان في الأصل مثل التدهين لكن جعل عبارة عن المداراة والملاينة وترك الجد والمعنى متهاونون به ومستحقرون كمن يدهن في الأمر اى يلين جانبه ولا يتصلب فيه تهاونا به وفي تاج المصادر الادهان مداهنت كردن وغسل كردن قال في الاحياء الفرق بين المداهنة والمداراة بالغرض الباعث على الإغضاء فان أغضيت السلامة دينك ولما ترى فيه من إصلاح أخيك بالإغضاء فانت مدار وان أغضيت لحظ نفسك واجتلاب شهواتك وسلامة جاهك فأنت مداهن قال ابو الدرداء رضى الله عنه انا لنبش في وجوه أقوام وان قلوبنا لتعلنهم وهذا معنى المدارة وهو منع شر من يخاف شره وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ اى شكر رزقكم بتقدير المضاف ليصح المعنى والرزق في الأصل مصدر سمى به ما يرزق والمراد نعمة القرآن أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ اى تضعون التكذيب لرازقه موضع الشكر او تجعلون شكر رزقكم الصوري انكم تكذبون بكونه من الله حيث تنسبونه الى الأنواء وكان عليه السلام يقول لو حبس الله القطر عن أمتي عشر سنين ثم انزل لا صبحت طائفة منهم يقولون سقينا بنوء كذا وقال عليه السلام أخوف ما أخاف على أمتي حيف الائمة والتكذيب بالقدر والايمان بالنجوم (روي) انه عليه السلام صلّى صلاة الصبح بالحديبية في اثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال هل تدرون ماذا
والأقرب تفسيره بقوله لا تدركون كوننا أعلم به منكم كما في حواشى سعدى المفتى قال البقلى رحمه الله قرب الله بالتفاوت قرب بالعلم وقرب بالاحاطة وقرب بالفعل وقرب بالصفة وقرب بالقهر وقرب باللطف والمسافة والمكان منفى على ذاته وصفاته ولكن يتجلى لقلوب من عين العظمة لاذابتها برؤية القهر ولقلوب من عين الجمال ليعرفها الاصطفائية وذلك القرب لا يبصره الا أهل القرب وشواهده ظاهرة لأهل المعرفة وفي الخطاب تحذير وترهيب فَلَوْلا بمعنى هلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ اى غير مربوبين مملوكين أذلاء من دان السلطان رعيته إذا ساسهم واستعبدهم وفي المفردات او غير مجزيين فان الدين الجزاء ايضا وهو ناظر الى قوله تعالى نحن خلقناكم فلولا تصدقون فان التحضيض يستدعى عدم المحضض عليه حتما تَرْجِعُونَها اى النفس الى مقرها وتردون روح ميتكم الى بدنه من الرجع وهو الرد العامل في إذا والمحضض عليه بلو لا الاولى والثانية مكررة للتأكيد وهى مع ما في حيزها دليل جواب الشرط والمعنى ان كنتم غير مربوبين كما ينبئ عنه عدم تصديقكم بخلقنا إياكم فهلا ترجعون النفس الى مقرها عند بلوغها الحلقوم إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فى اعتقادكم فان عدم تصديقهم بخالقيته تعالى لهم عبارة عن تصديقهم بعدم خالقيته تعالى بموجب مذهبهم اى فاذا لم يمكنكم ذلك فاعلموا ان الأمر الى غيركم وهو الله تعالى فآمنوا به وهو تكرير للتأكيد لامن اعتراض الشرط إذ لا معنى له هنا فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ هو قرب درجاتهم من العرش لا من الله من حيث الجهة حسبما قال به الحشوية وهو شروع في بيان حال المتوفى بعد الممات اثر بيان حاله عند الوفاة اى فاما ان كان المتوفى من المقربين وهم أجل الأزواج الثلاثة فَرَوْحٌ اى فله استراحة وقرئ بضم الراء وفسر بالرحمة لانها سبب لحياة المرحوم فاطلاقه على الرحمة استعارة تصريحية وبالحياة الدائمة التي لا موت فيها قال بعضهم الروح يعبر به عن معان فالروح روح الأجسام الذي يقبض عند الممات وفيه حياة النفس والروح جبرائيل لانه كان يأتي الأنبياء بما فيه حياة القلوب وعيسى روح الله لانه كان من نفخ جبرائيل وأصيف الى الله تعظيما وكلام الله روح لانه حياة من الجهل وموت الكفر ورحمة الله روح كقوله تعالى وأيدهم بروح منه اى برحمة والروح الرزق لانه حياة الأجساد وفي القاموس الروح بالضم ما فيه الروح ما به حياة الأنفس وبالفتح الراحة والرحمة ونسيم الريح ومكان روحانى طيب والروحاني بالضم ما فيه الروح وفي كتاب الملل والنحل الروحاني بالضم من الروح والروحاني بالفتح من الروح والروح والروح متقاربان فكأن الروح جوهر والروح حالته الخاصة به انتهى وَرَيْحانٌ ورزق او هو ما يشم وعن أبى العالية لا يفارق أحد من المقربين الدنيا حتى يؤتى ببعض من ريحان الجنة فيشمه ثم يقبض روحه وقال الزجاج الريحان هنا التحية لأهل الجنة يكى از بزركان دين كفته است كه روح وريحان هم در دنياست هم در عقبى روح در دنياست وريحان در عقبى روح آنست كه دل بنده مؤمن را بنظر خويش بيارايد تا حق از باطل وا شناسد انكه بعلم فراخ كند تا قدرت در ان جاى يابد آنكه بينا كند تا بنور منت مى بيند شنوا
الشهود الاسمائى والصفاتى فله السلامة من اسمه السلام على لسان إخوانه الاسمائية نسأل الله لى ولكم السلامة والنجاة والانس والحضور والشهود في أعلى المقامات والدرجات وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ وهم اصحاب الشمال عبر عنهم بذلك حسبما وصفوا به عند بيان أحوالهم بقوله تعالى ثم انكم أيها الضالون المكذبون ذمالهم بذلك واشعارا بسبب ما ابتلوا به من العذاب وهو تكذيب البعث ونحوه والضلال عن الحق والهدى فَنُزُلٌ اى فله نزل كائن مِنْ حَمِيمٍ يشرب بعد أكل الزقوم كما فصل فيما قبل وبالفارسية پس مر او راست پيشكش در قبر از آب كرم كرده در دوزخ با دود آتش دوزخ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ اى إدخال في النار وقيل اقامة فيها ومقاساة لألوان عذابها وقيل ذلك ما يجده في القبر من سموم النار ودخانها يقال أصلاه النار وصلاه اى جعله يصلاها والمصدر هنا مضاف الى المفعول إِنَّ هذا اى الذي ذكر في هذه السورة الكريمة لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ اى حق الخبر اليقين فهو من قبيل اضافة الموصوف الى الصفة على الاتساع والمجاز وقيل الحق الثابت من اليقين اى الحق الثابت الذي لا يطرأ عليه التبدل والتغير وقال ابو الليث اى يقين حق اليقين انتهى واليقين علم يحصل به ثلج الصدور ويسمى برد اليقين فهو العلم الذي يحصل به اطمئنان النفس ويزول ارتيابها واضطرابها والمراد هنا المعلوم المتيقن به لان المبتدأ عبارة عن المعلوم فيجب أن يكون الخبر ايضا كذلك التقدير ان هذا لهو ثابت الخبر المتيقن به اى الثابت منه على ان الاضافة بمعنى من وفي فتح الرحمن هذه عبارة فيها مبالغة لانها بمعنى واحد كما تقول في امر توكده هذا يقين اليقين وصواب الصواب بمعنى انه نهاية الصواب فهى عبارة مبالغة وتأكيد معناه ان هذا الخبر هو نفس اليقين وحقيقته انتهى قال ابن الملك اضافة العلم الى اليقين اضافة الشيء الى مرادفه كما فعلوا مثل ذلك في العطف وفي شرح النصوص بالنون العلم اليقيني هو العلم الحاصل بالإدراك الباطني بالكفر الصائب والاستدلال وهذا للعلماء الذين يوقنون بالغيب ولا تزيد هذه المرتبة العلمية الا بمناسبة الأرواح القدسية فاذا يكون العلم عينا ولا مرتبة للعين الا اليقين الحاصل من مشاهدة المعلوم ولا تزيد هذه المرتبة الا بزوال حجاب الا ثنينية فاذا يكون العين حقا ولا مرتبة للحق الا الإدراك بأحدية جمعك اى بحقيقتك المشتملة على المدركات الظاهرة والباطنة والجامعة بين روحانيتك وجسمانيتك اى يدركها بها إدراكا يستوعب معرفة كل ما اشتملت عليه حقيقة المدرك من الأمور الظاهرة والباطنة وهو حال الكامل وصفة من صار قلبه مستوى الحق الذي قد وسعه كما أخبره لانه حال جمع الجمع وزيادة هذه المرتبة اى حق اليقين عدم ورود الحجاب بعده وعينه للاولياء وحقه للانبياء واما حقيقة اليقين وهو باطن حق اليقين فهو لنبينا عليه السلام وهذه الدرجات والمراتب لا تحصل الا بالمجاهدة مثل دوام الوضوء وقلة الاكل والذكر والسكوت بالفكر في ملكوت السموات والأرض وبأداء السنن والفرائض وترك ما سوى الحق والغرض وتقليل المنام والعرض وأكل الحلال وصدق المقال والمراقبة بقلبه الى الله تعالى فهذه مفاتيح المعاينة والمشاهدة انتهى
Icon