تفسير سورة الواقعة

غريب القرآن لابن قتيبة
تفسير سورة سورة الواقعة من كتاب غريب القرآن المعروف بـغريب القرآن لابن قتيبة .
لمؤلفه ابن قتيبة الدِّينَوري . المتوفي سنة 276 هـ

سورة الواقعة
مكية كلها
١- الْواقِعَةُ القيامة.
٢- لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ أي ليس لها مردود. يقال: حمل عليه فما كذب، أي فما رجع.
قال الفراء: «قال لي أبو ثروان: إن بني نمير ليس لحدّهم مكذوبة، أي تكذيب».
٣- ثم قال: خافِضَةٌ رافِعَةٌ أي تخفض قوما الى النار، وترفع آخرين إلى الجنة.
٤- إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا اي زلزلت «١».
٥- وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا: فتّتت، حتى صارت كالدقيق والسّويق المبسوس.
٦- فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا أي ترابا منتشرا. و «الهباء المنبث» : ما سطح من سنابك الخيل.
٧- وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً أي أصنافا.
(١) وهو قول مجاهد.
٨- فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ؟! على التعجب. كأنه قال: أي شيء هم؟!.
ويقال في الكلام: «زيد ما زيد!» أي أي رجل هو.
٩- وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ؟! أي أصحاب الشمال. والعرب تسمي اليد اليسري: الشّؤمي، والجانب الأيسر: الجانب الأشأم. ومنه قيل: اليمن والشّؤم. فاليمن: كأنه ما جاء عن اليمين، والشؤم: ما جاء عن الشمال. ومنه سميت «اليمن» و «الشّام».
١٣-،
٣٩-، ٤٠- ثُلَّةٌ: جماعة.
١٥- عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ أي منسوجة «١». كأن بعضها أدخل في بعض، او نضّد بعضها على بعض.
ومنه قيل للدّرع: موضونة. ومنه قيل: وضين الناقة. وهو بطان من سيور يرصع ويدخل بعضه في بعض.
قال الفراء: «سمعت بعضهم يقول: الآجرّ موضون بعضه الى بعض، أي مشرج [صفيف] ».
١٧- وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ يقال: على سن واحدة لا يتغيرون، [ولا يموتون]. ومن خلد وخلق للبقاء: لم يتغير.
ويقال: مسورون ويقال: مقرطون وينشد فيه شعر:
ومخلدات باللجين كأنما أعجازهن اقاوز الكثبان
١٧-
و١٩- بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ لا عرى لها ولا خراطم.
(١) وهو قول مجاهد.
وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ، لا يُصَدَّعُونَ عَنْها.
كان بعضهم يذهب في قوله: لا يُصَدَّعُونَ، [الى أن معناه] أي لا يتفرقون عنها. من قولك: صدعته فانصدع.
ولا أراه إلا من «الصّداع» الذي يعتري شراب الخمر في الدنيا،
لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم- في وصف الجنة-: «وأنهار من كأس ما ان بها صداع ولا ندامة».
وَلا يُنْزِفُونَ قد ذكرناه.
٢٨- فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ أي لا شوك فيه: كأنه خضد شوكه، أي قطع.
ومنه
قول النبي- صلّى الله عليه وسلّم- في المدينة: «لا يخضد شوكها، ولا يعضد شجرها».
٢٩- وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ الطلح عند العرب: شجر من العضاه عظام، والعضاه: كل شجر له شوك.
قال مجاهد: «أعجبهم طلح «وج» وحسنه، فقيل لهم: وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ».
وكان بعض السلف يقرأه: وطلع منضود، واعتبره بقوله في ق:
لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ.
وقال المفسرون: «الطّلح» هاهنا: الموز «١».
و «المنضود» : الذي نضد بالحمل من اوله إلى آخره، او بالورق والحمل، فليست له سوق بارزة.
(١) وهو قول الطبري.
وقال مسروق: «انهار الجنة تجري في غير أخدود، وشجرها نضيد [من أصلها إلى فرعها»، أي] من أسفلها إلى أعلاها.
٣٠- وَظِلٍّ مَمْدُودٍ: لا شمس فيه «١».
٣٢-، ٣٣- وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ، لا مَقْطُوعَةٍ أي لا تجيء في حين وتنقطع في حين، وَلا مَمْنُوعَةٍ: لا محظورة عليها كما يخطر على بساتين الدنيا.
٣٤-، ٣٥- وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ. ثم قال: إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً، ولم يذكر النساء قبل ذلك: لأن الفرش محل النساء، فاكتفى بذكر الفرش.
يقول: أنشأنا الصبيّة والعجوز إنشاء جديدا.
٣٦-، ٣٧- فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً، عُرُباً أَتْراباً: أي شيئا واحدا، وسنّا واحدا «٢».
[و] «عربا» : جمع «عروب»، وهي: المتحبّبة إلى زوجها. ويقال:
الغنجة.
٤٢- فِي سَمُومٍ أي في حر النار.
٤٣- وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ أي دخان اسود. و «اليحموم» :
الأسود.
٤٦- وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ: أي يقيمون على الحنث العظيم، ولا يتوبون عنه.
(١) قال الطبري: وهم في ظل دائم لا تسنخه الشمس فتذهب به. [.....]
(٢)
سألت السيدة أم سلمة الرسول صلّى الله عليه وسلّم عن هذه الآية فقال: «هن اللواتي قبضن في الدنيا عجائز رمصا شمطا، خلقهن بعد الكبر فجعلهن عذارى»
ومعنى عربا: أي عاشقات لأزواجهن جمع عروب وهي المحبة العاشقة لزوجها.
و «الحنث» : الشّرك، وهو: الكبير من الذنوب أيضا.
٥٥- والْهِيمِ: الإبل يصيبها داء فلا تروى من الماء. يقال: بغير أهيم، وناقة هيماء.
٥٦- هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ أي: رزقهم وطعامهم.
٥٨- أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ، [اي ما تصبّونه في أرحام النساء] : من المنيّ.
٦٠-، ٦١- وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ، عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ أي لسنا مغلوبين على ان نستبدل بكم أمثالكم من الخلق.
٦٣- أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ: أي تزرعون.
٦٥- فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ: تعجبون مما نزل بكم في زرعكم إذا صار حطاما.
[و] يقال: تَفَكَّهُونَ: تندمون، مثل «تفكّنون». وهي لغة لعكل.
٦٦- إِنَّا لَمُغْرَمُونَ: أي معذبون. من قوله عز وجل: إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً [سورة الفرقان آية: ٦٥] أي هلكة.
٦٩- والْمُزْنِ: السحاب.
٧٠- و (الأجاج) : الشديد المرارة.
٧١- الَّتِي تُورُونَ أي تستخرجون من الزّنود.
٧٢- أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها التي تتخذ منها الزنود؟ أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ؟.
٧٣- نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً: اي تذكركم جهنم، وَمَتاعاً:
أي منفعة لِلْمُقْوِينَ يعني: المسافرين. سموا بذلك: لنزولهم القواء، وهو: القفر.
وقال ابو عبيدة: «المقوي: الذي لا زاد معه، [يقال: أقوى الرجل، إذا نفد زاده] ».
ولا ارى التفسير إلا الأول، ولا ارى الذي لا زاد معه، أولى بالنار ولا أحوج إليها من الذي معه الزاد. بل صاحب أولى بها، وإليها أحوج.
٧٥- فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ أراد: نجوم القرآن إذا نزل.
وقال ابو عبيدة: «أراد مساقط النجوم في المغرب».
٨١- أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ: اي مداهنون. يقال: أدهن في دينه، وداهن.
٨٢- وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أي شكركم، أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ: أي جعلتم شكر الرزق التكذيب.
قال عطاء: «كانوا يمطرون، فيقولون: مطرنا بنوء كذا».
٨٣- فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ: أي فهلا إذا بلغت النفس الحلقوم.
٨٦-، ٨٧- فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ: أي غير مملوكين أذلاء. من قولك: دنت له بالطاعة. وقال ابو عبيدة: مَدِينِينَ: مجزيين.
تَرْجِعُونَها: أي تردون النفس!.
٨٨- فَرَوْحٌ في القبر، أي طيب نسيم، وَرَيْحانٌ: رزق.
ومن قرأ: فَرَوْحٌ، أراد: فحياة وبقاء.
Icon