تفسير سورة الواقعة

أوضح التفاسير
تفسير سورة سورة الواقعة من كتاب أوضح التفاسير المعروف بـأوضح التفاسير .
لمؤلفه محمد عبد اللطيف الخطيب . المتوفي سنة 1402 هـ

﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾ قامت القيامة. وسميت واقعة: لتأكد وقوعها
كَاذِبَةٌ} أي لا شك ولا ريب في وقوعها؛ أو لا يكون حين وقوعها نفس تكذب بها. وكيف يحصل لها تكذيب وقد صارت حقيقة واقعة محسوسة ملموسة؟
﴿خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ﴾ تخفض الكافرين، وترفع المؤمنين: خفضت أقواماً - كانوا في الدنيا أعزاء - إلى عذاب الله ونقمته، ورفعت أقواماً - كانوا في الدنيا أذلاء - إلى جنة الله ورحمته
﴿إِذَا رُجَّتِ الأَرْضُ رَجّاً﴾ زلزلت زلزالاً شديداً، واضطربت واهتزت
﴿وَبُسَّتِ الْجِبَالُ﴾ أي فتتت
﴿فَكَانَتْ هَبَآءً مُّنبَثّاً﴾ غباراً منتشراً
﴿وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً﴾ أصنافاً
﴿فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ﴾ وهم الذين يؤتون كتبهم بأيمانهم ﴿مَآ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ﴾ تعجيب لحالهم؛ وتعظيم لشأنهم؛ في دخولهم الجنة، ومزيد تنعمهم فيها
﴿وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ﴾ وهم الذين يؤتون كتبهم بشمائلهم ﴿مَآ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ﴾ تعجيب لحالهم أيضاً؛ من دخولهم النار وما يلقون فيها من البؤس والشقاء والبلاء
﴿وَالسَّابِقُونَ﴾ إلى الخيرات والحسنات: هم ﴿السَّابِقُونَ﴾ إلى النعيم والجنات. أو هو تأكيد لتعظيم شأنهم (انظر آيتي ٣٢ من سورة فاطر، و٤٦ من سورة الرحمن)
﴿ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ﴾ أي جماعة كثيرة من متقدمي هذه الأمة؛ لملازمتهم الصلاح، واستمساكهم بالتقوى
﴿وَقَلِيلٌ مِّنَ الآخِرِينَ﴾ من متأخري هذه الأمة. وقيل: «من الأولين» من الأمم الماضية، و «من الآخرين» من هذه الأمة
﴿عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ﴾ مرصعة باللؤلؤ والجواهر
﴿مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ﴾ ينظر بعضهم إلى بعض، ويدورون في مقاعدهم بحيث لا تبدو أقفيتهم. وهذا مظهر من مظاهر العظمة التي نجدها في عظماء الدنيا: حيث يجلسون على مكاتبهم في مقاعدهم التي تدور بهم حيث شاءوا؛ فيواجه بوجهه من يريد محادثته من جلسائه
﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ﴾
للخدمة ﴿وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ﴾ لا يهرمون أبداً. وقد ذهب بعض الفساق إلى أن هؤلاء الولدان للخدمة واللواط أيضاً. وهو قول يضم إلى فساده؛ سوء خلق قائله، وانعدام ذوقه فليحذر المؤمن من مكائد شياطين الإنس والجن؛ وقد أسهبنا في الرد على هذه المزاعم وأمثالها في تفسيرنا الكبير
﴿وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ﴾ خمر من عيون تجري على وجه الأرض؛ ترى بالعين. قال تعالى: ﴿وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ﴾
﴿لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا﴾ أي لا يحصل لهم صداع بسببها؛ كخمر الدنيا ﴿وَلاَ يُنزِفُونَ﴾ أي لا يذهب عقلهم؛ من نزف الرجل: إذا ذهب عقله من السكر. وقيل: من أنزف القوم: إذا نفد شرابهم
﴿وَحُورٌ عِينٌ﴾ الحور: جمع حوراء؛ وهي شديدة بياض العين وسوادها. والعين: جمع عيناء؛ وهي الواسعة العين (انظر آية ٥٤ من سورة الدخان)
﴿جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ في الدنيا من صالح الأعمال
﴿لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً﴾ أي لا يسمعون قولاً باطلاً، ولا هذياناً، ولا سباباً؛ مما يستوجب الإثم} قولاً
﴿سَلاَماً سَلاَماً﴾ تسليماً عليهم من الملائكة، ومن إخوانهم المؤمنين
﴿وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَآ أَصْحَابُ الْيَمِينِ﴾ وهم الذين أوتوا كتبهم بأيمانهم (انظر آية ٦٢ من سورة الرحمن)
﴿فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ﴾ السدر: شجر النبق. والمخضود: الذي لا شوك فيه
﴿وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ﴾ هو شجر الموز. و «منضود» أي مرصوص
﴿وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ﴾ دائم. قال تعالى في وصف الجنة: ﴿أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا﴾ وجاء في الحديث الشريف: «إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها»
﴿وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ﴾ أي عالية. أو أريد بالفرش: النساء؛ وقد جرت عادة العرب بتسمية المرأة بالفراش؛ ويؤيده ما بعده. و «مرفوعة» أي مرفوعة فوق الأرائك. قال تعالى: ﴿هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلاَلٍ عَلَى الأَرَآئِكِ﴾.
﴿فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً﴾
دائمي البكارة؛ كلما أتاهن أزواجهن وجدوهن أبكاراً
﴿عُرُباً﴾ جمع عروب؛ وهي المتحببة إلى زوجها ﴿أَتْرَاباً﴾ أي مستويات في السن
﴿وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَآ أَصْحَابُ الشِّمَالِ﴾ وهم الذين يؤتون كتبهم بشمائلهم
﴿فِي سَمُومٍ﴾ حر نار ينفذ في المسام ﴿وَحَمِيمٍ﴾ ماء بالغ نهاية الحرارة
﴿وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ﴾ دخان أسود
﴿لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ﴾ المراد: نفي صفات الظل المعتاد؛ وهي البرودة والكرم؛ بأن يخلص كل من يأوي إليه من أذى الحر
﴿إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ﴾ في الدنيا ﴿مُتْرَفِينَ﴾ منعمين
﴿الْحِنثِ الْعَظِيمِ﴾ الذنب العظيم؛ وهو الشرك: وأي حنث أعظم من قولهم
﴿أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا﴾ في قبورنا ﴿تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ﴾ أي هل نحيا بعد ذلك، ونبعث كما يزعم محمد
﴿أَوَ آبَآؤُنَا الأَوَّلُونَ﴾ أي أو يبعث آباؤنا الأولون أيضاً، بعد أن بليت أجسامهم، وتفتتت عظامهم
﴿إِلَى مِيقَاتِ﴾ إلى وقت ﴿يَوْمٍ مَّعْلُومٍ﴾ هو يوم القيامة
﴿مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ﴾ هو شجر ينبت في أصل الجحيم
﴿فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ﴾ أي أنهم إذا عطشوا - بعد أكل الزقوم - فلا يشربون إلا ﴿مِنَ الْحَمِيمِ﴾ وهو الماء البالغ نهاية الحرارة
﴿فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ﴾ الإبل العطاش
﴿هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ﴾ النزل: ما يعد لإكرام الضيف أي هذا هو الشيء المعد لإكرامهم يوم القيامة
﴿فَلَوْلاَ تُصَدِّقُونَ﴾ فهلا تصدقون
﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ﴾ تريقون في أرحام نسائكم. يعني إذا كنتم لا تؤمنون بأن الله تعالى هو خالقكم من ماء مهين، وتعتقدون أن خلقتكم تأتي على مقتضى الطبيعة البشرية: تمنون فتنجبون. إذا اعتقدتم هذا؛ فما قولكم في المني المتسبب في خلقكم
﴿أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ﴾ بأنفسكم، وتصنعون ما فيه من الحيوانات والجراثيم التي يتكون منها الجنين ﴿أَم نَحْنُ الْخَالِقُونَ﴾ له، المدبرون لآثاره؟ ألا ترون أن كثيراً منكم يمنون فلا ينتجون، ويحاولون إيجاد الولد من مظانه الطبيعية فلا يستطيعون؛ إلا إذا أراد خالق الخلق أجمعين ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ يقول تعالى ﴿يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً﴾ فتبارك الله رب العالمين
﴿نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ﴾ بميقات معلوم، فعجلناه لبعضكم وأخرناه عن البعض الآخر إلى أجل مسمى ﴿وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ﴾ أي بعاجزين
﴿عَلَى أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ﴾ نخلق غيركم - من جنسكم - بعد مهلككم ﴿وَنُنشِئَكُمْ﴾ نشأة أخرى ﴿فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾ أي خلق شئنا، وأي نشأة أردنا.
يؤخذ من هذه الآية أن الإنسان قد يخلق بعد موته في خلق أدنأ من خلقته، وأحط من طبيعته؛ تأديباً له وتعذيباً كما أنه يجوز أن يخلق في خلق أعلا من خلقه، وأشرف من جنسه؛ تعظيماً له وتكريماً وهذا القول يعارضه الأكثرون؛ تحرزاً من القول بتناسخ الأرواح
﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الأُولَى﴾ وهي خلق آدم من طين؛ لا يمت إلى الحياة بأي سبب ﴿فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ﴾ فهلا تتذكرون ذلك؛ فتعرفون قدرة الخالق؟
﴿لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً﴾ هشيماً متكسراً ﴿فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ﴾ تعجبون، أو تتندمون على تعبكم فيه؛ وتقولون
﴿إِنَّا لَمُغْرَمُونَ﴾ أي لملزمون غرامة ما أنفقنا، أو لمهلكون لهلاك رزقنا، وتلف قوتنا. من الغرام؛ وهو الهلاك
﴿بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ﴾ من ثمرة كدنا وعملنا ﴿مِنَ الْمُزْنِ﴾ السحاب ﴿أُجَاجاً﴾ ملحاً؛ فلم تنتفعوا منه بشرب، ولا غرس، ولا زرع ﴿فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ﴾ فهلا تشكرون ﴿أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ﴾ توقدون من الشجر الأخضر
﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَآءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ﴾ ثم بما به يصطلي، ويصنع طعامه، وبما به يصنع سلاحه؛ الذي به يدفع الغوائل عن نفسه، ويحفظ حياته ووطنه؛ وهي النار: فقال:
﴿أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ﴾ فيا له من منعم، ويا له من متفضل؛ وله الحمد حتى يرضى
﴿نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً﴾ تذكيراً لنار جهنم، أو تذكرة لقدرتنا وعظمتنا ﴿وَمَتَاعاً﴾ منفعة ﴿لِّلْمُقْوِينَ﴾ للمسافرين. أو «للمقوين» أي الخالية بطونهم. يقال: أقوى - من الأضداد - إذا افتقر، أو استغنى. لقد عدد سبحانه وتعالى النعم على عباده: فبدأ بذكر خلق الإنسان؛ فقال ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ﴾ ثم ثنى بما به قوامه ومعيشته؛ وهو الزرع: فقال «أفرأيتم ما تحرثون» ثم بما به حياته؛ وهو الماء: فقالـ
﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾ نزهه عما يقولون
﴿فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ﴾
قالوا: إن «لا» زائدة. أي ﴿أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ﴾ وهي مطالع النجوم
-[٦٦٤]- ومساقطها، أو منازلها، أو وقوعها وانتثارها عند قيام الساعة. قال تعالى: ﴿وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ﴾ أو أريد ﴿بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ﴾: منازل القرآن الكريم؛ لأنه نزل منجماً: أي مفرقاً. وقيل: المراد به محكم القرآن
﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ﴾ عزيز جليل
﴿فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ﴾ مصون؛ وهو اللوح المحفوظ. وقد ذهب بعضهم إلى أنه المصحف
﴿لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ﴾ الملائكة عليهم السلام بأمر ربهم. ولا حجة لمن يقول: بتحريم مس المصحف لغير المسلم، ولغير المتوضىء؛ اللهم إلا إذا كان بقصد امتهانه؛ وحينئذٍ لا يكون حراماً بل كفر يقتل فاعله وقد نزل القرآن - حينما نزل - للناس أجمعين - كافرهم ومؤمنهم، طائعهم وعاصيهم - فكيف نحرم مسه على أناس أنزل إليهم، وأريد به هدايتهم؟
﴿تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ﴾ نزل به الروح الأمين، على قلب محمد لينذر به الخلق أجمعين
والقرآن الكريم - ولو أنه نزل بلسان العرب ولغتهم - غير أنه لا يساويه قول مهما علا، ولا كلام مهما سما؛ لأنه قول المنزه عن المثال والشبيه، المتعالي عن الصفات والأنداد
وحسب القرآن جلالة ومجداً: أن الأربعة عشر قرناً التي مرت عليه لم تستطع أن تذهب ببهاء أسلوبه الذي لا يزال غضاً كأن عهده بالسماع أمس وإن الإنسان ليقرأ كلام أحب الناس إليه؛ فيمجه بالتكرار، ويعافه على مر الأيام. أما القرآن الكريم فكلما زدته تلاوة: ازداد حلاوة وكلما زدته عناية: ازداد لك رعاية وإذا استمسكت به: استمسك بك؛ حتى يسلمك إلى منزله تعالى فيعطيك من نعمته حتى يكفيك، ويفيض عليك من كرمه حتى يرضيك
ومن أعجب العجب: أن يحن الإنسان إلى استماع القرآن، ويطرب لتلاوته؛ ولو لم يفهم معناه، أو تبلغ ألفاظه أذنيه أدام الله تعالى علينا نعمة القرآن، وزادنا له حباً، وبه تمسكاً
﴿أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنتُمْ مُّدْهِنُونَ﴾ أي أبهذا القرآن أنتم متهاونون مكذبون؟ يقال: دهن الرجل؛ إذا نافق. والمداهن: المظهر خلاف ما يبطن
﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾ أي وتجعلون شكر رزقكم: أنكم تكذبون برازقكم وخالقكم
﴿فَلَوْلاَ﴾ فهلا ﴿إِذَا بَلَغَتِ﴾ الروح ﴿الْحُلْقُومَ﴾ عند الموت. والحلقوم: ممر الطعام والشراب
﴿فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ﴾ فهلا إن كنتم غير مربوبين؛ تدينون لإله، أو غير محاسبين، ولا مجزيين؛ ولكم قدرة على البقاء والإبقاء؛ بغير استعانة بخالق الأرض والسماء: المحيي المميت، المبدىء المعيد
﴿تَرْجِعُونَهَآ﴾ أي ترجعون تلك الروح التي بلغت الحلقوم إلى البدن ﴿إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ فيما تزعمونه
﴿فَأَمَّآ إِن كَانَ﴾ الميت ﴿مِنَ الْمُقَرَّبِينَ﴾ الذين قربهم الله تعالى منه؛ لإيمانهم وطاعتهم
﴿فَرَوْحٌ﴾ أي فله استراحة، أو فله رحمة ومغفرة ﴿وَرَيْحَانٌ﴾ رزق حسن، طيب هنيء. أو المراد به: كل ما له رائحة من الزهور والمشمومات: تتلقاه به الملائكة عند موته؛ كما يتلقى العروس في الدنيا يوم عرسه
﴿وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ﴾ الذين يؤتون كتبهم بأيمانهم، أو الذين يؤخذ بأيمانهم إلى الجنة؛ كما يأخذ الصديق بيمين صديقه، والحبيب بيمين حبيبه
﴿فَسَلاَمٌ لَّكَ﴾ أي سلامة من العذاب، أو سلام لك من مولاك جل شأنه ﴿مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ﴾ أي سلام لك لأنك «من أصحاب اليمين»
﴿وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ﴾ الذين كذبوا الرسول والقرآن ﴿الضَّآلِّينَ﴾ الذين ضلوا سواء السبيل؛ وعصوا الرب الجليل
﴿فَنُزُلٌ﴾ موضع نزولهم. والنزل: ما يعد لتكرمة الضيف ﴿مِّنْ حَمِيمٍ﴾ ماء بالغ غاية الحرارة. فإذا كان إكرامهم بالحميم؛ فكيف يكون تعذيبهم وامتهانهم؟
﴿وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ﴾ أي إدخال في جهنم
﴿إِنَّ هَذَا﴾ التنعيم والتعذيب ﴿لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ﴾ أي الحق الواجب الحدوث، المتيقن الوقوع.
665
سورة الحديد

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

665
Icon