تفسير سورة الواقعة

تفسير الماتريدي
تفسير سورة سورة الواقعة من كتاب تأويلات أهل السنة المعروف بـتفسير الماتريدي .
لمؤلفه أبو منصور المَاتُرِيدي . المتوفي سنة 333 هـ
سورة١ الواقعة مكية٢
١ أدرج قلبها في الأصل: ذكر أن..
٢ أدرج قلبها في م: و هي..

سُورَةُ الْوَاقِعَةِ وهي مَكِّيَّة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قوله تعالى: (إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (١) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ. خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (٣) إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (٤) وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (٥) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا (٦) وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (٧) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (٨) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (٩) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (١٢) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (١٤) عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (١٥) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (١٦) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (١٧) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (١٨) لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (١٩) وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (٢٠) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢١) وَحُورٌ عِينٌ (٢٢) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (٢٣) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (٢٥) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (٢٦).
قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ) هذا مما لم يبتدأ به الخطاب، وإنما هو جواب سؤال وخطاب لم يذكر؛ فيحتمل أن يكون المؤمنون ذكروا كراماتهم التي وعدوا في الآخرة، فقال لهم أُولَئِكَ الكفرة: متى يكون ذلك لكم؟ فقالوا: إذا وقعت الواقعة؛ كما يسأل الرجل: متى يكون أمر كذا؟ فيقول: إذا كان كذا، فهو حرف جواب لسؤاله، وعلى هذا يخرج جميع ما ذكر في القرآن من هذا النوع؛ من نحو قوله تعالى: (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا)، ونحو ذلك، وقوله: (الْوَاقِعَةُ) كناية عنها، جائز أن يكون تأويله: إذا وقعت المثوبة والعقوبة؛ فتكون الواقعة كناية عنها.
وجائز أن تكون الواقعة: اسما من أسماء البعث: كالقيامة والساعة، وغير ذلك، والله أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (٢) قَالَ بَعْضُهُمْ: أي: ليس لوقعتها مَثْنَويَّة ولا ترداد، يقال: حمل عليه فما كذب، أي: فما رجع.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: أي: هي حق، ليست بكذب.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: أي: لا يكذب بها أحد إذا وقعت، ليست كالآيات التي عاينوها في الدنيا مع ما عرفوا أنها آيات كذبوها؛ كقوله تعالى: (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ. لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ)، وغير ذلك يكذبونها مع العلم بأنها آيات، يقول تعالى: إذا عاينوا القيامة يقرون بها؛ ويصدقونها، ولا يكذبون بها؛
الآية ٢ وقوله تعالى :﴿ ليس لوقعتها كاذبة ﴾ قال بعضهم : أي ليس لوقعتها مثوبة، ولا ترد. وبقال : حمل عليه، فما كذب، أي فما رجع.
وقال بعضهم : أي هي حق، ليست بكذب. وقال بعضهم : أي لا يكذب بها أحد إذا وقعت، ليست كالآيات التي عاينوها في الدنيا مع ما عرفوا أنها آيات كذبوها كقوله تعالى :﴿ ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون ﴾ ﴿ لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون ﴾ [ الحجر : ١٤ و١٥ ] وغير ذلك ؛ يكذبونها مع العلم بأنها آيات.
يقول تعالى : إذا عاينوا القيامة، يقرون بها، ويصدقونها، ولا يكذبون بها، كقوله تعالى :﴿ فارجعنا نعمل صالحا ﴾ [ السجدة : ١٢ ] غير الذي كنا نعمل ونحوه.
ويحتمل أن يكون :﴿ ليس لوقعتها كاذبة ﴾ أي ليست الأنباء والأخبار التي جاءت على وقوعها وقيامها كاذبة، بل هي صادقة.
كقوله: (أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ)، ونحوه.
ويحتمل أن يكون قوله: (لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ)، أي: ليست الأنباء والأخبار التي جاءت على وقوعها وقيامها كاذبة بل هي صادقة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (٣) قَالَ بَعْضُهُمْ: خافضة: تسمع القريب، رافعة: تسمع البعيد؛ وقال صاحب هذا التأويل: إن تفسير الواقعة هو الصيحة، وتلك خافضة رافعة.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: خافضة أناسا في النار ورافعة أناسا في الجنة.
ويحتمل خافضة لمن تكبر وتعظم على الخلق ورده، ورافعة لمن تواضع للخلق وانقاد له وقبله.
وقيل: خافضة لأهل النار في النار، كقوله تعالى: (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ)، ورافعة لأهل الجنة، كقوله: (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ)، وقوله: (لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ).
وقوله: - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (٤) يخرج على السؤال، كأنهم لما سمعوا وصف القيامة والواقعة من المؤمنين، فقالوا عند ذلك: متى تكون الواقعة؟ فعند ذلك قال: (إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا)، وهو كقوله: (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا)، فزلزلت حتى تلقي ما في بطنها.
وقوله - عزَّ وجلَّ -: (وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (٥) قيل: فتتت حتى تصير كالدقيق، ومنه يقال للطعام المبسوس والبسيسة: سويق يلت به الزيت والخلط.
وقال الحسن: (وَبُسَّتِ الْجِبَالُ) أي: سيرت تسييرا.
وقوله: (فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا (٦) قيل: الهباء: الذي يكون فوق النار إذا خمدت، لا يكون غيره (مُنْبَثًّا)؛ أي: متفرقا.
وقيل: (هَبَاءً مُنْبَثًّا) أي: ترابا.
الآية ٤ وقوله تعالى :﴿ إذا رجّت الأرض رجا ﴾ يخرج على السؤال ؛ كأنهم لما سمعوا وصف القيامة والواقعة من المؤمنين، قالوا١ عند ذلك : متى تكون الواقعة ؟ فعند ذلك قال :﴿ إذا رجت الأرض رجا ﴾ وهو كقوله عز وجل :﴿ إذا زلزلت الأرض زلزالها ﴾ فزلزلت حتى تلقي ما في بطنها.
١ في الأصل و م: فقالوا..
الآية ٥ وقوله تعالى :﴿ وبست الجبال بسا ﴾ قيل : فتّتت حتى تصير كالدقيق، ومنه يقال للسّويق : المبسوس، والسويق يلتّ به الزيت والخلط. وقال الحسن :﴿ وبست الجبال بسا ﴾ أي سيرت تسييرا.
الآية ٦ وقوله تعالى :﴿ فكانت هباء منبثا ﴾ قيل : الهباء الذي يكون فوق النار إذا خمدت، لا يكون غيره ﴿ منبثا ﴾ أي متفرقا. وقيل :﴿ هباء ﴾ أي ترابا منتشرا. وقيل : الهباء المبثوث هو ما يسطع من سنابك الخيل. وقيل : الهباء الغبار الذي تراه في الشمس إذا دخلت من الكوّة.
وفيه١ إخبار عن شدة ذلك اليوم وهوله أنه يفعل بالجبال كذا مع صلابتها وطاعتها الله تعالى، فكيف يفعل بكم يا بني آدم مع ضعفكم وكفركم ومعصيتكم ؟ والله أعلم.
١ الواو ساقطة من الأصل و م..
وقيل: الهباء المنبث، هو ما يسطع من سنابك الخيل.
وقيل: الهباء: الغبار الذي تراه في الشَّمس إذا دخلت من الكوة؛ يخبر تعالى عن شدة ذلك اليوم وهوله أنه يفعل بالجبال كذا مع صلابتها وطاعتها لله تعالى، فكيف يفعل بكم يا بني آدم مع ضعفكم ومعصيتكم، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (٧) أي: أصنافا ثلاثة: ما فسر عقيبه؛ حيث قال: (فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ. وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ. وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ. أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) الآية.
وقيل: الأصناف الثلاثة: المكذبون، والمصدقون، والسابقون.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (٨) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (٩) يحتمل وجهين:
أحدهما: أصحاب الميمنة من اليمن، وأصحاب المشأمة من الشؤم.
والثاني: سموا: أصحاب الميمنة؛ لأنهم أصحاب اليمين، وهي التي تستعمل في الطيبات، والكفرة أصحاب الشمال؛ لأنهم أصحاب الخبائث، والشمال تستعمل في الخبائث.
وهو كقوله: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ)؛ لأن في كتبهم طيبات وخيرات، وفي كتب الكفرة خبائث فتؤتى بشمالهم.
وقيل: أصحاب الميمنة والمشأمة؛ لما ذكر اللَّه تعالى: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ.
فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا)، وقوله: (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ...)، فكذا؛ فكل من أوتي كتابه بيمينه فهو من أصحاب اليمين، ومن أوتي كتابه بشماله فهو من أصحاب الشمال.
وقوله تعالى: (وَالسَّابِقُونَ... (١٠) يحتمل وجهين:
أحدهما: السابقون في الخيرات، يسبقون الناس في كل خير.
والثاني: السابقون في الإجابة لله ورسوله إلى ما دعاهم إليه.
ثم جائز أن يكون الخطاب به للناس كافة: الأولين والآخرين؛ فيكون جميعهم أصنافا ثلاثة: السابقون، وأصحاب اليمين، وأصحاب الشمال.
الآيات ٨ ١٠ [ والأصناف الثلاثة ]١ ما فسر عقيبه حين٢ قال :﴿ فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة ﴾ ﴿ وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة ﴾ ﴿ والسابقون السابقون ﴾ [ وقيل : الأصناف الثلاثة ]٣ المكذبون والمحسنون والسابقون.
وقوله تعالى :﴿ فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة ﴾ ﴿ وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : أصحاب الميمنة من اليمن، وأصحاب المشأمة من الشؤم.
والثاني :[ سمي هؤلاء ]٤ أصحاب الميمنة لأنهم أصحاب الطيبات، واليمين هي التي تستعمل في الطيبات [ وسمي ]٥ الكفرة أصحاب الشمال لأنهم أصحاب الخبائث، والشمال تستعمل في الخبائث.
وعلى ذلك قوله :﴿ فمن أوتي كتابه بيمينه ﴾ [ الإسراء : ٧١ و. . . . ] لأن في كتبهم طيبات وخيرات، وفي كتب الكفر خبائث، فتؤتي بشمالهم.
وقيل : سموا أصحاب الميمنة والمشأمة لما ذكر الله تعالى :﴿ فأما من أوتي كتابه بيمينه ﴾ ﴿ فسوف يحاسب حسابا يسيرا ﴾ [ الانشقاق : ٧و٨ ] وقوله :﴿ وأما من أوتي كتابه وراء ظهره ﴾ [ الانشقاق : ١٠ ]. فكذا فكل من أوتي كتابه بيمينه فهو [ من ]٦ أصحاب اليمن، ومن أوتي كتابه بشماله فهو [ من ]٧ أصحاب المشأمة.
وكذا قوله تعالى :﴿ والسابقون السابقون ﴾ يحتمل وجهين أيضا :
أحدهما : السابقون في الخيرات، يسبقون الناس في كل خير.
والثاني : السابقون في الإجابة لله ورسوله في ما دعاهم إليه.
ثم جائز أن يكون الخطاب به للناس كافة : الأولين والآخرين، فيكون الناس كلهم أصنافا ثلاثة : السابقون وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال.
وجائز أن يكون الخطاب بهذه الآية لهذه الأمة عامة ؛ ففيهم السابقون، وفيهم أصحاب اليمين ن وهم أصحاب النظر في الحجج والآيات والتأمل فيها، وأصحاب الشمال، وهم الكفرة.
ثم قوله تعالى :﴿ فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة ﴾ على التعجب لرسول صلى الله عليه وسلم بما يكرمهم، أو على التعظيم لأولئك لعظم ما يعطيهم.
وكذلك قوله تعالى :﴿ وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة ﴾ يخرج على هذين الوجهين : على التعجب والتعظيم لما يحل بهم / ٥٤٥_ أ/ وكذلك قوله تعالى :﴿ والسابقون السابقون ﴾ يخرج على هذا أيضا : فلان ما أمر فلان ؟ فيقال : فلان فلان على تعظيم أمره وشأنه. فعلى ذلك هذا.
ثم في قوله تعالى :﴿ و كنتم أزواجا ثلاثة ﴾ يقول أصحابنا، رحمهم الله، في جعلهم الكفر كله ملة واحدة : لأنه جعل الله تعالى أهل الكفر على اختلاف مذاهبهم وأديانهم زوجا وأهل الإسلام زوجين حين جعل الكل أزواجا ثلاثة، والله أعلم.
١ من نسخة الحرم المكي، ساقطة من الأصل و م..
٢ في الأصل و م: حيث.
٣ من م، ساقطة من الأصل..
٤ في الأصل و م: سموا..
٥ ساقطة من الأصل و م.
٦ ساقطة من الأصل و م.
٧ ساقطة من الأصل و م.
وجائز أن يكون الخطاب بهذه الآية لهذه الأمة: ففيهم السابقون، وفيهم أصحاب اليمين، وهم أصحاب النظر في الحجج والآيات والتأمل فيها وفيهم أصحاب الشمال، وهم الكفرة.
وقوله تعالى: (فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ) على التعجب لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بما يكرمهم، أو على التعظيم لأُولَئِكَ لعظم منزلتهم.
وكذلك قوله: (وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ) يخرج على هذين الوجهين: على التعجب والتعظيم لما يحل بهم.
وقوله: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) يخرج على هذا أيضا: فلان ما أمر فلان، فيقال: فلان فلان؛ على تعظيم أمره وشأنه.
ثم في قوله تعالى: (وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً) دليل لقول أصحابنا - رحمهم اللَّه - في جعلهم الكفر كله ملة واحدة؛ لأنه جعل اللَّه تعالى الكفرة على اختلاف مذاهبهم وأديانهم زوجا، وأهل الإسلام زوجين، حيث جعل الكل أزواجا ثلاثة، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) يحتمل أن يكون وصف القرب لهم لمسابقتهم في الخيرات في الدنيا.
ويحتمل: أنهم مقربون في الآخرة والمنزلة، لسبقهم في الخيرات، أو: في الإجابة، والسبق فعلهم، والتقريب بلطف من اللَّه تعالى وفضل منه، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (١٢) جميع الجنات نعيم؛ لأن فيها نعيما، وله أن يسمى واحدة منها: نعيما، والأخرى: عدنا، والفردوس والمأوى، يسمى ما شاء بما شاء وكيف شاء.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (١٤) اختلف في ذلك: قال بعضهم: (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ) ممن شهد رسول اللَّه، وقربوا منه، (وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ) ممن بعد من هذه الأمة من رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بنفسه وإدراك زمانه، وقليل من المقربين من الآخرين، وهو ما ووي عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: " خير الناس قرني ثم الذين يلونهم "، وعلى ذلك قوله تعالى: (لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ)، على ما يذكر، واللَّه أعلم.
ومنهم من قال: (مِنَ الْأَوَّلِينَ)، أي: جماعة من المؤمنين الذين كانوا في الأمم
الآية ١٢ وقوله تعالى :﴿ في جنات النعيم ﴾ جميع الجنات نعيم، لأن فيها نعيما، وله أن يسمى واحدة منها نعيما والأخرى عدنا والفردوس والمأوى لما له أن يسمي ما شاء بما شاء وكيف شاء.
الآيتان ١٣ و ١٤ وقوله تعالى :﴿ ثلة من الأولين ﴾ ﴿ وقليل من الآخرين ﴾ اختلف في ذلك.
قال بعضهم : أي ﴿ ثلة من الأولين ﴾ ممن شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقربوا منه ﴿ وقليل من الآخرين ﴾ ممن بعد من هذه الأمة من رسول الله صلى الله عليه و سلم وصحبته وإدراك زمانه، ﴿ وقليل ﴾ من المقربين ﴿ من الآخرين ﴾ وهو ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :﴿ خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ﴾ [ البخاري ٢٦٥٢ ] وعلى ذلك قوله تعالى :﴿ لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل ﴾ [ الحديد : ١٠ ] على ما يذكر، والله أعلم.
ومنهم من قال :﴿ ثلة من الأولين ﴾ أي جماعة من المؤمنين الذي كانوا في الأمم ﴿ وقليل من الآخرين ﴾ أي من هذه الأمة. و هكذا يكون لو اجتمع أهل الإيمان من هذه [ الأمة ]١ مع الأمم الماضية يكون هؤلاء أقل منهم.
ويحتمل أيضا أن السابقين المقربين من الأمم الماضية أكثر من السابقين المقربين من هذه الأمة، لأن الأنبياء عليهم السلام كلهم من الأمم السالفة.
وقال أهل التأويل لما نزل قوله تعالى :﴿ ثلة من الأولين ﴾ ﴿ وقليل من الآخرين ﴾ وجد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدا شديدا، وقالوا : لن يدخل الجنة منا إلا قليل، فنزل قوله تعالى :﴿ ثلة من الأولين ﴾ ﴿ وقليل من الآخرين ﴾ [ الآيتان : ٣٩ و٤٠ ] لكن هذا لا يحتمل لأنه خبر، ولا ورد٢ في الأخبار نسخ، وما قالوه فهو نسخ، والوجه فيه ما ذكرنا.
ويحتمل قوله تعالى :﴿ ثلة من الأولين ﴾ ﴿ وقليل من الآخرين ﴾ هم أصحاب اليمين من الأولين والآخرين جميعا، أي جماعة كثيرة من الأولين وجماعة كثيرة من الآخرين.
ثم يحتمل أن يكون الأولون والآخرون من هذه الأمة، ويحتمل أن يكون الأولون من الأمم الماضية والآخرون من هذه الأمة، وهم المؤمنون، وقوله تعالى :﴿ ثلة من الأولين ﴾ ﴿ وقليل من الآخرين ﴾ في المقربين خاصة، والله أعلم.
١ من م، ساقطة من الأصل..
٢ في الأصل و م: يرد..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٣:الآيتان ١٣ و ١٤ وقوله تعالى :﴿ ثلة من الأولين ﴾ ﴿ وقليل من الآخرين ﴾ اختلف في ذلك.
قال بعضهم : أي ﴿ ثلة من الأولين ﴾ ممن شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقربوا منه ﴿ وقليل من الآخرين ﴾ ممن بعد من هذه الأمة من رسول الله صلى الله عليه و سلم وصحبته وإدراك زمانه، ﴿ وقليل ﴾ من المقربين ﴿ من الآخرين ﴾ وهو ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :﴿ خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ﴾ [ البخاري ٢٦٥٢ ] وعلى ذلك قوله تعالى :﴿ لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل ﴾ [ الحديد : ١٠ ] على ما يذكر، والله أعلم.
ومنهم من قال :﴿ ثلة من الأولين ﴾ أي جماعة من المؤمنين الذي كانوا في الأمم ﴿ وقليل من الآخرين ﴾ أي من هذه الأمة. و هكذا يكون لو اجتمع أهل الإيمان من هذه [ الأمة ]١ مع الأمم الماضية يكون هؤلاء أقل منهم.
ويحتمل أيضا أن السابقين المقربين من الأمم الماضية أكثر من السابقين المقربين من هذه الأمة، لأن الأنبياء عليهم السلام كلهم من الأمم السالفة.
وقال أهل التأويل لما نزل قوله تعالى :﴿ ثلة من الأولين ﴾ ﴿ وقليل من الآخرين ﴾ وجد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدا شديدا، وقالوا : لن يدخل الجنة منا إلا قليل، فنزل قوله تعالى :﴿ ثلة من الأولين ﴾ ﴿ وقليل من الآخرين ﴾ [ الآيتان : ٣٩ و٤٠ ] لكن هذا لا يحتمل لأنه خبر، ولا ورد٢ في الأخبار نسخ، وما قالوه فهو نسخ، والوجه فيه ما ذكرنا.
ويحتمل قوله تعالى :﴿ ثلة من الأولين ﴾ ﴿ وقليل من الآخرين ﴾ هم أصحاب اليمين من الأولين والآخرين جميعا، أي جماعة كثيرة من الأولين وجماعة كثيرة من الآخرين.
ثم يحتمل أن يكون الأولون والآخرون من هذه الأمة، ويحتمل أن يكون الأولون من الأمم الماضية والآخرون من هذه الأمة، وهم المؤمنون، وقوله تعالى :﴿ ثلة من الأولين ﴾ ﴿ وقليل من الآخرين ﴾ في المقربين خاصة، والله أعلم.
١ من م، ساقطة من الأصل..
٢ في الأصل و م: يرد..

الماضية، (وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ) أي: من هذه الأمة، وهكذا يكون عدد أهل الإيمان من هذه الأمة مع الأمم الماضية يكون هَؤُلَاءِ أقل منهم.
ويحتمل - أيضا - أن السابقين المقربين من الأمم السابقة أكثر من السابقين المقربين من هذه الأمة؛ لأن الأنبياء - عليهم السلام - كلهم من الأمم السالفة.
وقال أهل التأويل لما نزلت: (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ. وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ)، وجد أصحاب رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وجدا شديدا، وقالوا: لن يدخل الجنة منا إلا قليل؛ فنزل قوله تعالى: (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ. وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ).
لكن هذا لا يحتمل؛ لأنه خبر، ولا يرد في الأخبار نسخ، وما قالوه لا يصح، والوجه فيه ما ذكرنا.
ويحتمل قوله تعالى: (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ. وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ)، هم أصحاب اليمين من الأولين والآخرين، وهم جماعة كثيرة من الأولين، وجماعة كثيرة من الآخرين في المقربين خاصة، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (١٥) وقال في آية أخرى: (عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ)، والسرر قد تكون في الدنيا مصفوفة، ولكن لا تكون موضونة؛ أي: منسوجة؛ والوضن -هو النسج- لا يكون بين السرر في الآخرة انفصال ولا فروج، كما يكون في الدنيا، لكن موصولة بعضها ببعض.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا... (١٦) أي: على السرر التي ذكر أنها مصفوفة موضونة.
وقوله: (مُتَقَابِلِينَ)، أي: يقابل بعضهم بعضا، ولا يرضون، ولا ينظر بعضهم إلى بعض باحتقار كما يجعل أهل المجالس في الدنيا يعرض بعضهم عن بعض ويحقر بعضهم بعضا يخبر أنهم يكونون في الآخرة خلاف ما في الدنيا، لا يتأذى بعض من بعض بوجه ما.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (١٧) فيه أنهم يعطون في الجنة ما يستحبون في الدنيا من الشرف وطواف الولدان، وكذلك ما ذكر من السرر والفرش، وغير ذلك من أنواع ما ترغب أنفسهم فيه.
ثم ذكر أنهم ولدان، وإن لم يكن في الجنة ولاد؛ فهو يخرج على وجهين:
أحدهما: أن يكونوا على هيئة الولدان وإن لم يولدوا.
الآية ١٦ وقوله تعالى :﴿ متكئين عليها ﴾ أي على السرر التي ذكر أنها مصفوفة موضونة.
وقوله تعالى :﴿ متقابلين ﴾ أي يقابل [ بعضهم بعضا ]١ ولا يعرضون، ولا ينظر بعضهم إلى بعض بالقفا كما يفعل أصحاب المجالس في الدنيا ؛ يعرض بعضهم عن بعض، ويحقر بعضهم بعضا ؛ يخبر أنهم يكونون٢ في الآخرة خلاف ما في الدنيا بحيث لا يتأذى بعض من بعض بوجه ما.
١ في الأصل: بعضها، في م: بعضا.
٢ في الأصل و م: يكون..
الآية ١٧ وقوله تعالى :﴿ يطوف عليهم ولدان مخلدون ﴾ أي١إنهم يعطون في الجنة على ما يستحبون في الدنيا من الشرف وطواف الولدان، وكذلك ما ذكر من السرر والفرش وغير ذلك من أنواع ما ترغب أنفسهم في الدنيا.
ثم ذكر أنهم ولدان، وإن لم يكن في الجنة أولاد، فهو يخرج على وجهين :
أحدهما : أن يكونوا٢ على هيئة الولدان، وإن لم يولدوا.
[ و الثاني٣ : سموا ولدانا لولادهم في الدنيا، وإن لم يولدوا ]٤ في الجنة لأن التوالد في الدنيا لحاجة البقاء، وأهل الجنة باقون.
وقوله عز وجل :﴿ مخلدون ﴾ قال بعضهم : أي المقرطون، والخلد : القرط. وقال بعضهم : هو من الخلود كقوله تعالى :﴿ خالدين فيها ﴾ [ التوبة : ١٠٠ و. . . ] أي باقين٥. ويقال : مسورون من السوار.
١ في الأصل و م: وفيه..
٢ في الأصل و م: يكون..
٣ في م: أو.
٤ من م، ساقطة من الأصل...
٥ في الأصل و م: باقون..
والثاني: سماهم: ولدانا؛ لولادهم في الدنيا وإن لم يولدوا في الجنة؛ لأن التوالد في الدنيا لحاجة البقاء وأهل الجنة باقون.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مُخَلَّدُونَ) قَالَ بَعْضُهُمْ: أي: المقرطون، والخَلَدَة: القرط، وجمعه: الخِلَدَة.
قَالَ بَعْضُهُمْ: هو من الخلود، كقوله تعالى: (خَالِدِينَ فِيهَا)، أي: باقون.
وقيل: مسورون من السوار.
وقوله: (بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (١٨) الأكواب: هي الكيزان المدورة الرءوس التي لا عرى لها، والأباريق التي لها عرى وخراطيم، وهم يسمون الأكواب: القداح التي يشربون بها؛ لأن في الدنيا يكون لأهل الشراب الأباريق والأقداح يصبون من الأباريق في القدح، ويشربون ولا يشربون من الأباريق، فعلى ذلك وعدوا في الجنة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ): الكأس: هو القدح المملوء من الشراب.
وأما المعين: قَالَ بَعْضُهُمْ: هو الظاهر من الماء، يقع عليه البصر، فوعد لأهل الجنة ذلك، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (١٩) قرئ بكسر الزاي ونصبه؛ أي: لا تصدع خمورهم في الجنة رءوسهم كما تصدع خمور الدنيا أهلها.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَا يُنْزِفُونَ) قيل: بكسر الزاي: لا ينفد شرابهم، وبالفتح: لا يسكرون؛ فيه أنه ليس في خمورهم الآفات التي تكون في خمور الدنيا من ذهاب العقل، والصداع، والنفاد.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (٢٠) جميع فواكه الجنة مختارة، لكن يخرج على وجهين:
أحدهما: أن جميع فواكهها مما يتخيرون.
والثاني: العرف في الفواكه أن تقدم من أجناس مختلفة وألوان، لا من لون واحد ونوع واحد، فيتخيرون من أي نوع اشتهوا أو شاءوا.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢١) إن أهل الجنة إنما يتناولون ما يتناولون على الشهوة، لا على الحاجة وسد الجوع، وهو كما ذكر: (وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ).
الآية ١٩ وقوله تعالى :﴿ لا يصدعون عنها ولا ينزفون ﴾ قرئ بكسر الزاي ونصبه١، أي لا تصدع٢ خمورهم في الجنة رؤوسهم في الجنة رؤوسهم كما تصدع خمور الدنيا أهلها.
وقوله تعالى :﴿ ولا ينزفون ﴾ قيل : بكسر الزاي لا ينفذ شرابهم، وبالفتح : لا يسكرون ؛ أي٣ إنه ليس في خمورهم الآفة التي تكون في خمور الدنيا من ذهاب العقل والصداع والنفاذ.
١ انظر معجم القراءات القرآنية ح٧/٦٤..
٢ في الأصل و م: فيه يصدعون.
٣ في الأصل و م: فيه.
الآية ٢٠ وقوله تعالى :﴿ وفاكهة مما يتخيرون ﴾ جميع فواكه الجنة مختارة لكن يخرج على وجهين :
أحدهما : أن جميع فواكهها مما يتخيرون.
والثاني : العرف في الفواكه أن تقدم من أجناس مختلفة وألوان لا من لون واحد ونوع واحد، فيتخيرون من أي نوع اشتهوا، وشاؤوا.
الآية ٢١ وقوله تعالى :﴿ ولحم طير مما يشتهون ﴾ إن أهل الجنة إنما يتناولون على الشهوة [ لا ]١ على الحاجة وسد الجوع، وهو كما ذكر :﴿ وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ﴾ [ الزخرف : ٧١ ].
١ من م، ساقطة من الأصل..
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَحُورٌ عِينٌ (٢٢) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (٢٣) يحتمل تشبيه الحور العين باللؤلؤ وجهين:
أحدهما: لما لا شيء أصفى من اللؤلؤ والياقوت، فضرب مثلهن بذلك؛ لصفائه وبياضه، وإلا ما خطر اللؤلؤ حتى يشبه الموعود في الجنة من الجواري به؟!.
والثاني: أن للؤلؤ فضلا ومنزلة عند العرب، وليس الخطر لغيره من الأشياء، فيشبه ضرب مثلهن به لفضل خطر ذلك عندهم، ليس ذلك لغيره، وهو كقوله تعالى: (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ)، ضرب مثل من يشرك باللَّه بالذي يخر من السماء، والشرك باللَّه أعظم مما ذكر، لكن ليس شيء أعظم وأبعد من الخر من فوق السماء السابعة؛ فعلى ذلك الأول، واللَّه أعلم.
وقوله: (جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤) إن اللَّه تعالى ذكر للأعمال جزاء كأنهم عملوا له فضلا منه وكرما في حق عباده، وإن كانوا في الحقيقة عاملين لأنفسهم؛ كقوله تعالى: (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ)، وكذلك ما ذكر من شرائه أنفسهم وأموالهم منهم، وما ذكر من الإقراض في قوله تعالى: (وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا)، وإن كانت أنفسهم وأموالهم له، وإن كان عامَلَ عباده في أنفسهم وأموالهم كأنها ليست له، فضلا وكرما؛ فعلى ذلك ذكر لأعمالهم جزاء؛ كان منهم إلى اللَّه - تعالى - صنعا
وإحسانا، وإن كانوا عاملين لأنفسهم ومنافع أعمالهم ترجع إليهم بفضله وكرمه، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (٢٥) هذا يرجع إلى وصف خمور أهل الجنة؛ أي: ليس فيها الآفات التي تكون في خمور الدنيا من ذهاب العقل، وقول اللغو، والهذيان، مثل ما يجري على ألسنتهم في الدنيا حين يشربون الخمور، وما يأثمون به، وذكر لهم هذه الخمور في الجنة؛ لأن قوما يرغبون فيها في الدنيا، فوعد لهم؛ ليرغبوا فيها فيطلبوها بالامتناع عن شربها في الدنيا من الخمور المحرمة، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (٢٦) يخرج على وجهين:
أحدهما: أي: إلا كلاما فيه سلامة عن جميع الآفات التي ذكر.
والثاني: (إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا) أي: يحيي بعضهم بعضا بالسلام؛ كقوله تعالى: (تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ).
* * *
قوله تعالى: (وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (٢٧) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (٢٨) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (٢٩) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (٣٠) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (٣١) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (٣٢) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (٣٣) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (٣٤) إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (٣٥) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (٣٦) عُرُبًا أَتْرَابًا (٣٧) لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ (٣٨) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩)
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٢:الآيتان ٢٢ و ٢٣ وقوله تعالى :﴿ وحور عين ﴾ ﴿ كأمثال اللؤلؤ المكنون ﴾ يحتمل تشبيه الحور العين باللؤلؤ وجهين :
أحدهما : لما لا شيء أصفى من اللؤلؤ والياقوت ؛ فضرب مثلهن بذلك لصفائه وبياضه، وإلا ما خطر١ اللؤلؤ حتى يشبه الموعود من الجنة من الحور٢ به ؟
والثاني : أن للؤلؤ [ فضلا ومنزلة ]٣ عند العرب، وليس الخطر لغيره من الأشياء، فيشبه ضرب مثلهن به لفضل خطر ذلك عندهم، ليس ذلك لغيره، وهو كقوله تعالى :﴿ ومن يشرك بالله فكأنما خرّ من السماء ﴾ [ الحج : ٣١ ] ضرب مثل من يشرك بالله بالذي خرّ من السماء، والشرك بالله أعظم مما ذكر، لكن ليس شيء أعظم وأبعد من الخرّ من السماء السابعة٤ فعلى ذلك الأول، والله أعلم.
١ في م: خص..
٢ في الأصل و م. الحواري.
٣ في الأصل و م: فضل و منزلة..
٤ في الأصل و م: السابع..

الآية ٢٤ وقوله تعالى :﴿ جزاء بما كانوا يعملون ﴾ إن الله تعالى ذكر للأعمال جزاء كأنهم عملوا له فضلا منهم١ و كرما في حق عباده، وإن كانو في الحقيقة عاملين لأنفسهم كقوله تعالى :﴿ إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم ﴾ [ الإسراء : ٧ ] وكذلك ما ذكر من شرائه أنفسهم وأموالهم منهم وما ذكر من الإقراض بقوله تعالى :﴿ وأقرضوا الله قرضا حسنا ﴾ [ المزمل : ٢٠ ] وإن كانت أنفسهم وأموالهم له [ ومع أن الله ]٢ عامل على عباده في أنفسهم وأموالهم [ فكأنها ليست منه ]٣ فضلا وكرما.
فعلى ذلك ذكر لأعمالهم جزاء كأنها٤ منهم إلى الله تعالى [ صنعا وإحسانا. وحتى إن ]٥ كانوا عاملين [ لأنفسهم فمنافع ]٦ أعمالهم إليهم بفضله وكرمه، والله أعلم.
١ في الأصل و م: منه..
٢ في الأصل و م: و إن كان..
٣ في الأصل و م: كأنها ليست له..
٤ في الأصل و م: كأن.
٥ في الأصل و م: صنع و إحسان و إن..
٦ في الأصل: أنفسهم و منافع، في م: لأنفسهم و منافع..
الآية ٢٥ وقوله تعالى :﴿ لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما ﴾هذا يرجع إلى وصف خمور أهل الجنة، أي ليس فيها الآفات التي تكون في خمور الدنيا من ذهاب العقل وقول اللغو والهذيان مثل ما يجري على ألسنتهم في الدنيا حين يشربون١ الخمور وما يأثمون به.
وذكر لهم هذه الخمور في الجنة لأن قوما يرغبون فيها، ويطلبونها بالامتناع عن شبهها في الدنيا من الخمور المحرمة، والله أعلم.
١ في الأصل و م: شربوا..
الآية ٢٦ وقوله تعالى :﴿ إلا قيلا سلاما / ٥٤٥- ب/ سلاما ﴾ يخرج على وجهين :
أحدهما : أي إلا كلاما، فيه سلامة من جميع الآفات التي ذكر.
والثاني :﴿ إلا قيلا سلاما سلاما ﴾ أي يحيي بعضهم بعضا بالسلام كقوله تعالى :﴿ وتحيتهم فيها سلام ﴾ [ يونس : ١٠ ]
وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (٤٠).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (٢٧) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (٢٨) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (٢٩) أصحاب اليمين هم المؤمنون على ما ذكرنا.
ثم اختلف في ذكر شجر السدر لهم، وما ذكر من الطلح، وغير ذلك.
فمنهم من قال: إنما ذكر هذا لهم لتفضيل المقربين على أصحاب اليمين؛ لأنه قال في المقربين: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ...)، إلى آخر ما ذكر من عظيم الكرامات التي ذكر لهم، ثم ذكر لأصحاب اليمين دون ذلك؛ ليعلم تفضيل المقربين على أصحاب اليمين.
ومنهم من قال: إن قوما من العرب ينتفعون بذلك؛ لأن لها ثمرة، لكن ليست بمرغوبة، ولها شوك، فأخبر اللَّه تعالى أن لهم في الجنة ذلك بلا شوك ولا أذى؛ بل رغب فيه، وهو كما وعد لهم من الخمور، ثم نفى عن خمورها الآفات؛ فعلى ذلك جائز أن يكون شجر السدر فيها بغير آفات، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ)، منهم من قال: هو طلع منضود متراكم؛ كما ذكر في آية أخرى (طَلْعٌ نَضِيدٌ)، ذكر في إحدى الآيتين فعيل، وفي الأخرى مفعول، وذلك جائز في اللغة.
وقيل: طلح: بالحاء: هو الموز.
وذكر أن عليا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سمع قارئا يقرأ: (وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ)، فقال علي - رضي اللَّه عنه -: ما شأن الطلح؟ إنما هو طلع؛ فقيل له: إن في المصحف (وَطَلْحٍ) أفلا نغيره؟
فقال: إن المصحف لا يغير اليوم؛ وهذا يؤيد التأويل.
وقال أبو معاذ: الطلح في كلام العرب: شجر عظام، كثير الأغصان، واحدها: طلحة، وقال مخضود: أي: مقطوع الشوك؛ خلقت هنالك هكذا بلا شوك، ومنه قوله - عليه الصلاة والسلام - في شجر الحرم: " لا يخضد شوكها، ولا يعضد شجرها ".
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (٣٠) يصف أنه ليس فيها شمس يؤذي حرها، ولا برد يؤذي، بل ظل؛ لأن الظل شيء لطيف لا أذى فيه، ولا شيء يثقل على الأبدان؛ بل هو
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٧:الآيات ٢٧ – ٢٩ وقوله تعالى :﴿ وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين ﴾ ﴿ في سدر مخضود ﴾ ﴿ وطلح منضود ﴾ أصحاب اليمين هم المؤمنون على ما ذكرنا. ثم اختلف في ذكر شجر السدر لهم وما ذكر من الطلح وغير ذلك.
منهم من قال : إنما ذكر هذا لهم لتفضيل المقربين على أصحاب اليمين لأنه قال في المقربين :﴿ والسابقون السابقون ﴾ ﴿ أولئك المقربون ﴾ ﴿ في جنات النعيم ﴾[ الآيات : ١٠- ١٢ ] إلى آخر ما ذكر من عظم الكرامات التي ذكر لهم، ثم ذكر لأصحاب اليمين دون ذلك ليعلم تفضيل المقربين على أصحاب اليمين.
ومنهم من قال : إن قوما من العرب ينتفعون بذلك لأن لها ثمرة، لكن ليست بمرغّبة، ولها شوك ؛ فأخبر الله تعالى : أن لهم في الجنة ذلك بلا شوك ولا أذى، بل رغب فيه، وهو كما وعد لهم من الخمور. ثم نفى١ عن خمورها الآفات.
فعلى ذلك جائز أن يكون شجر السدر فيها بغير آفات، والله أعلم.
وقوله تعالى :﴿ وطلح منضود ﴾ منهم من قال : هو طلح منضود متراكم كما ذكر في آية أخرى :﴿ لها طلع نضيد ﴾ [ ق : ١٠ ] ذكر في إحدى الآيتين فعيلا٢ وفي الأخرى مفعولا٣ وذلك جائز في اللغة.
وقيل :﴿ وطلح ﴾ بالحاء : هو الموز، وذكر أن عليا رضي الله عنه سمع قارئا يقرأ :﴿ وطلح منضود ﴾ فقال علي رضي الله عنه : ما شأن الطلح ؟ إنما هو طلع، فقيل له : إن في المصحف :﴿ وطلح ﴾ أفلا نغيره ؟ فقال : إن المصحف لا يغير اليوم. وهذا يؤيد التأويل الأول.
وقال أبو معاذ : الطلح في كلام العرب شجر عظام كثير الأغصان، واحدها طلحة، وقال :﴿ مخضود ﴾ أي مقطوع الشوك، خلق هنالك هكذا بلا شوك. ومنه قوله عليه السلام في شجر الحرم :( لا يخضد شوكها، ولا يعضد شجرها ) [ البخاري ١١٢ ].
١ من م، في الأصل: نهى..
٢ في الأصل و م: فعيل..
٣ في الأصل و م: مفعول..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٧:الآيات ٢٧ – ٢٩ وقوله تعالى :﴿ وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين ﴾ ﴿ في سدر مخضود ﴾ ﴿ وطلح منضود ﴾ أصحاب اليمين هم المؤمنون على ما ذكرنا. ثم اختلف في ذكر شجر السدر لهم وما ذكر من الطلح وغير ذلك.
منهم من قال : إنما ذكر هذا لهم لتفضيل المقربين على أصحاب اليمين لأنه قال في المقربين :﴿ والسابقون السابقون ﴾ ﴿ أولئك المقربون ﴾ ﴿ في جنات النعيم ﴾[ الآيات : ١٠- ١٢ ] إلى آخر ما ذكر من عظم الكرامات التي ذكر لهم، ثم ذكر لأصحاب اليمين دون ذلك ليعلم تفضيل المقربين على أصحاب اليمين.
ومنهم من قال : إن قوما من العرب ينتفعون بذلك لأن لها ثمرة، لكن ليست بمرغّبة، ولها شوك ؛ فأخبر الله تعالى : أن لهم في الجنة ذلك بلا شوك ولا أذى، بل رغب فيه، وهو كما وعد لهم من الخمور. ثم نفى١ عن خمورها الآفات.
فعلى ذلك جائز أن يكون شجر السدر فيها بغير آفات، والله أعلم.
وقوله تعالى :﴿ وطلح منضود ﴾ منهم من قال : هو طلح منضود متراكم كما ذكر في آية أخرى :﴿ لها طلع نضيد ﴾ [ ق : ١٠ ] ذكر في إحدى الآيتين فعيلا٢ وفي الأخرى مفعولا٣ وذلك جائز في اللغة.
وقيل :﴿ وطلح ﴾ بالحاء : هو الموز، وذكر أن عليا رضي الله عنه سمع قارئا يقرأ :﴿ وطلح منضود ﴾ فقال علي رضي الله عنه : ما شأن الطلح ؟ إنما هو طلع، فقيل له : إن في المصحف :﴿ وطلح ﴾ أفلا نغيره ؟ فقال : إن المصحف لا يغير اليوم. وهذا يؤيد التأويل الأول.
وقال أبو معاذ : الطلح في كلام العرب شجر عظام كثير الأغصان، واحدها طلحة، وقال :﴿ مخضود ﴾ أي مقطوع الشوك، خلق هنالك هكذا بلا شوك. ومنه قوله عليه السلام في شجر الحرم :( لا يخضد شوكها، ولا يعضد شجرها ) [ البخاري ١١٢ ].
١ من م، في الأصل: نهى..
٢ في الأصل و م: فعيل..
٣ في الأصل و م: مفعول..

الآية ٣٠ وقوله تعالى :﴿ وظل ممدود ﴾ يصفه١ أنه ليس فيه٢ شمس، يؤذي حرها، ولا برد، يؤذي. بل ظل لأن الظل شيء لطيف، لا أذى فيه، ولا [ هو شيء يثقل ]٣ على الأبدان، بل هو شيء يوافق البدن، ويخف عليه.
وقيل :﴿ ممدود ﴾ لأنه لا شمس فيه٤ فتنسخه وبالشمس يعرف الظل ههنا، وظل الآخرة ممدود أبدا.
١ في الأصل و م: يصف..
٢ في الأصل و م: فيها..
٣ في الأصل و م: شيء أثقل..
٤ في الأصل و م: فيها..
شيء يوافق البدن، ويخف عليه.
وقيل: ممدود؛ لأنه لا شمس فيها فتنسخه، وبالشمس يعرف الظل هاهنا، وظل الآخرة ممدود أبدا.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ - (وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (٣١) قيل: جار غير منقطع؛ وهو قول الْقُتَبِيّ.
وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: أي: مصبوب.
والأول كأنه أقرب؛ أي: جار أبدا، ليس كمياه الدنيا؛ إلا أن يراد بالانصباب صبه من الأعلى إلى الأسفل، وذلك مما رغب إليه في الدنيا.
ثم قوله: (وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ) جائز أن يكون ذكر هذا لأصحاب اليمين، وما ذكر من قوله تعالى: (عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ)، وقوله: (وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ)؛ فيكون للمقربين قوله: (عَيْنًا يَشْرَبُ)، ولأصحاب اليمين (وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ)، وكذلك ما ذكر من (جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ)، للمقربين يكونون في العليين، وتكون الأنهار تحتهم، وما ينسكب وينصب من الأعلى لأصحاب اليمين؛ لأنهم يكونون دونهم في الدرجة، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (٣٢) لَا مَقْطُوعَةٍ... (٣٣) كانقطاع فواكه الدنيا، يخبر أنها لا تنقطع في الجنة في وقت من الأوقات، وأنها كلما قطعت مرة خرجت أخرى مكانها بهيئة الأكل من غير أن يحتاج فيه إلى وقت النضج كما في الدنيا تنقطع من وقت خروجها إلى وقت نضجها، وبعد النضج والإدراك تنقطع إلى وقت وجود حمل آخر.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ - ": (وَلَا مَمْنُوعَةٍ) أي: لا آفة بها تصير ممنوعة؛ كفواكه الدنيا، إذ هي ربما تمتنع بآفة تصيبها.
وقَالَ الْقُتَبِيُّ وأَبُو عَوْسَجَةَ: (لَا مَقْطُوعَةٍ) أي: لا تحبس، كما يمنع في الدنيا بعضهم من بعض.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (٣٤) أي: مرفوعة القدر والمنزلة، أو مرفوعة بنفسها في القيامة، وهو ما ذكرنا في قوله تعالى: (وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا)، وقيل: (وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ) مرفوعة النساء، يقال: امرأه فريش ونساء فرش.
وقوله عَزَّ وَجَلَّ: (إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (٣٥) قال: الأصم وغيره: إن هذا صلة قوله: (وَحُورٌ عِينٌ. كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ)، كأنه قال على أثره.
وقَالَ الْقُتَبِيُّ: إنه لما ذكر على إثر قوله: (وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ): (إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ) دل أن الفرش
الآيتان ٣٢ و ٣٣ وقوله تعالى :﴿ وفاكهة كثيرة ﴾ ﴿ لا مقطوعة ﴾ كانقطاع فواكه الدنيا ؛ يخبر أنها لا تنقطع في الجنة في وقت من الأوقات وأنها كلما قطعت مرة خرجت أخرى مكانها مهيئة للأكل من غير أن يحتاج فيه إلى وقت للنضج كما في الدنيا تنقطع من وقت خروجها إلى وقت نضجها، وبعد النضج والإدراك تنقطع إلى وقت وجود حمل آخر.
وقوله تعالى :﴿ ولا ممنوعة ﴾ أي لا آفة بها فتصير١ ممنوعة كفواكه الدنيا ؛ إذ هي تمنع بآفة تصيبها.
وقال القتبي وأبو عوسجة :﴿ لا مقطوعة ﴾أي لا تحبس كما يمنع في الدنيا بعض من بعض.
١ الفاء ساقطة من الأصل و م..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٢:الآيتان ٣٢ و ٣٣ وقوله تعالى :﴿ وفاكهة كثيرة ﴾ ﴿ لا مقطوعة ﴾ كانقطاع فواكه الدنيا ؛ يخبر أنها لا تنقطع في الجنة في وقت من الأوقات وأنها كلما قطعت مرة خرجت أخرى مكانها مهيئة للأكل من غير أن يحتاج فيه إلى وقت للنضج كما في الدنيا تنقطع من وقت خروجها إلى وقت نضجها، وبعد النضج والإدراك تنقطع إلى وقت وجود حمل آخر.
وقوله تعالى :﴿ ولا ممنوعة ﴾ أي لا آفة بها فتصير١ ممنوعة كفواكه الدنيا ؛ إذ هي تمنع بآفة تصيبها.
وقال القتبي وأبو عوسجة :﴿ لا مقطوعة ﴾أي لا تحبس كما يمنع في الدنيا بعض من بعض.
١ الفاء ساقطة من الأصل و م..

الآية ٣٤ وقوله تعالى :﴿ وفرش مرفوعة ﴾ أي مرفوعة القدر والمنزلة، أو مرفوعة بنفسها في القيامة، وهو ما ذكرنا في قوله تعالى :﴿ والسماء رفعها ووضع الميزان ﴾ [ الرحمن : ٧ ].
وقيل :﴿ وفرش مرفوعة ﴾ النساء : يقال : امرأة فريش، ونساء فرش.
الآية ٣٥ وقوله تعالى :﴿ إنا أنشأناهن إنشاء ﴾ قال الأصم وغيره : إن هذا صلة قوله :﴿ وحور عين ﴾ ﴿ كأمثال اللؤلؤ المكنون ﴾ [ الآيتان : ٢٢ و٢٣ ] كأنه قاله١ على إثره
وقال القتبي : إنه لما ذكر على إثر قوله تعالى :﴿ وفرش مرفوعة ﴾ ﴿ إنا أنشأناهن إنشاء ﴾ دل أن الفرش كناية عن الأزواج ؛ إذ هن اللواتي٢ تفرش، وواحدة الفرش فريش.
وقيل : قد استفرشت الناقة إذا اشتهت الجمل.
والأشبه أن يكون هذا على صلة ﴿ وحور عين ﴾ ﴿ كأمثال اللؤلؤ المكنون ﴾ إذ ذكر قوله٣ :﴿ وحور عين ﴾ على [ إثر ذكر ]٤ المجالس والزوجات، فلا٥ معنى لذكرهن في هذا الموضع.
وقوله تعالى :﴿ إنا أنشأناهن إنشاء ﴾ أي أنشأناهن في الابتداء على هيئة الإستمتاع، ليس كنساء الدنيا، وهو كما ذكرنا في قوله في صفة الفواكه أنها غير مقطوعة ولا ممنوعة، أي أنها تخرج أول ما تخرج [ مهيئة للأكل ]٦ لا كثمار الدنيا.
١ في الأصل و م: قال..
٢ من نسخة الحرم المكي، في الأصل و م: اللؤلؤ..
٣ أدرج قبلها في الأصل و م: في.
٤ في الأصل و م: ذكر إثر..
٥ الفاء ساقطة من الأصل و م..
٦ في الأصل و م: على هيئة الأكل..
كناية عن الأزواج؛ إذ هن اللؤلؤ يفرش وواحدة الفرش: فريش.
وقيل: قد استفرشت الناقة إذا اشتهت العمل.
والأشبه أن يكون هذا على صلة (وَحُورٌ عِينٌ. كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ)، ؛ إذ ذكر في قوله (وَحُورٌ عِينٌ) على أثر ذكر أثر المجالس والزوجات لا معنى لذكرهن في هذا الموضع.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً) أي: أنشأناهن في الابتداء على هيئة الاستمتاع ليس كنساء الدنيا، وهو كما ذكرنا في قوله في صفة الفواكه: إنها غير مقطوعة ولا ممنوعة؛ أي: إنها تخرج أول ما تخرج على هيئة الأكل، لا كثمار الدنيا.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (٣٦) عُرُبًا أَتْرَابًا (٣٧) قيل: أي: خلقناهن كذلك، ويكن أبدا كذلك، كلما ذهبت عذريتهن عادت؛ فيكن أبدا على تلك اللذة؛ لأنهن أنشئن هكذا، واللَّه أعلم.
وقال عامة أهل التأويل في قوله تعالى: (فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا. عُرُبًا أَتْرَابًا) أي: خلقنا نساء الدنيا من الثيبات والأبكار خلقا جديدا سوى الخلق الذي كان في الدنيا، (فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا)، وكن في الدنيا عجائز وثيبات، وروي على ذلك خبر عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - إن ثبت - أنه قال في قوله: (إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً): " الثيب والبكر ".
وفي بعض الأخبار قال: " إن العجوز لا تدخل الجنة ".
ثم قوله: (فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا. عُرُبًا أَتْرَابًا) من قال: هو صلة قوله: (وَحُورٌ عِينٌ)، هو لسِنِّ نساء الدنيا، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (عُرْبًا أَتْرَابًا) بجزم الراء مخففة ومضمومة.
وقال أبو عبيد: تقرؤها بالضم لوجهين.
أحدهما: التفخيم.
والثاني: أنها أقيس في العربية؛ لأن واحدها: عروب، مثل: صبور وصبر، وشكور وشكر
وأما الوجه الآخر التخفيف.
وقيل في تأويل: (عُرُبًا): عاشقات لأزواجهن.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٦:الآيات ٣٦ – ٤٠ وقوله تعالى :﴿ فجعلناهن أبكارا ﴾﴿ عربا أترابا ﴾[ ﴿ لأصحاب اليمين ﴾ ﴿ ثلة من الأولين ﴾ ﴿ وثلة من الآخرين ﴾ ]١ قيل : أي خلقناهن كذلك، ويكن أبدا كذلك كلما ذهبت عذرتهن عادت، فيكن أبدا على تلك اللذة لأنهن أنشئن٢ هكذا، والله أعلم.
وقال عامة أهل التأويل في قوله تعالى :﴿ إنا أنشأناهن إنشاء ﴾ ﴿ فجعلناهن أبكارا ﴾ أي جعلنا٣ نساء الدنيا من الثيبات والأبكار[ وخلقنا نساء الجنة ]٤ خلقا جديدا سوى الخلق الذي كان في الدنيا ﴿ فجعلناهن أبكارا ﴾ وكن في الدنيا عجائز وثيبات.
وروي على ذلك خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم إن ثبت، أنه قال في قوله تعالى :﴿ إنا أنشأناهن إنشاء ﴾ ﴿ فجعلناهن أبكارا ﴾ ﴿ الثيب والبكر ﴾ [ الطبري في تفسيره٢٧/١٨٥ ]. وفي بعض الأخبار [ أنه ]٥ قال :﴿ إن العجوز لا تدخل الجنة ﴾[ المرتضي الزبيدي في الاتحاف ٧/٤٩٩ ] في٦ قوله :﴿ إنا أنشأناهن إنشاء ﴾ ﴿ فجعلناهن أبكارا ﴾.
ومن قال : هو صلة قوله :﴿ وحور عين ﴾ فهن٧ لسن كنساء الدنيا، والله أعلم.
وقوله تعالى :﴿ عربا أترابا ﴾ بجزم الراء مخففة [ وضمها. وكان ]٨ أبو عبيد يقرؤها بالضم لوجهين :
أحدهما : التفخيم، على٩ أنها أقيس في العربية لأن واحدتها١٠ عروب، وهو مثل صبور وصبر وشكور وشكر.
وأما الوجه الأخر التخفيف فقيل في تأويله : عربا عاشقات لأزواجهن.
وقال أبو عوسجة : العروب المرحة، وقال القتبي : هي المتحبّبة إلى زوجها، وقيل : الغنجات إلى أزواجهن. وقيل : إن أهل مكة يسمونها العربة، وأهل المدينة غنجة، و أهل العراق الشكلة.
وقال سعيد بن جبير :﴿ عربا ﴾ ضبعات، والضبعات هي التي تعرض للزوج من الشهوة، ويقال للناقة إذا اشتهت الضراب : ضبعة.
وقوله تعالى :﴿ أترابا ﴾ أي مستويات الأسنان. وقال القتبي : الترب واللّدة واحدة، وهو بالفارسية همراه. وأصله أنهن استسننّ بلا ولاد يتقدم، ويتأخر، كما كن يتفاضلن في الأسنان، فصرن في الآخرة أترابا ثم قال تعالى :﴿ ثلة من الأولين ﴾ ﴿ وثلة من الآخرين ﴾ قد ذكرنا تأويله أنه يخرج على الوجهين.
وروي عن ابن عباس رضي الله عنه [ عن النبي ]١١ صلى الله عليه وسلم أنه قال :﴿ هما جميعا من أمتي ﴾ [ الطبري في تفسيره٢٧/١٩١ ] وكذلك تأويل قوله تعالى :﴿ ثلة من الأولين ﴾ ﴿ وثلة من الآخرين ﴾.
١ ساقطة من الأصل و م..
٢ في الأصل و م: امسين..
٣ في الأصل و م: خلقنا..
٤ ساقطة من الأصل و م..
٥ في الأصل و م: ثم..
٦ في الأصل و م: ثم..
٧ في الأصل و م: هو.
٨ في الأصل و م: و مضمومة وقال، انظر معجم القراءات القرآنية ح٧/٦٧.
٩ في الأصل و م: والثاني..
١٠ في الأصل و م: واحدها..
١١ من م، ساقطة من الأصل...

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٧:نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٦:الآيات ٣٦ – ٤٠ وقوله تعالى :﴿ فجعلناهن أبكارا ﴾﴿ عربا أترابا ﴾[ ﴿ لأصحاب اليمين ﴾ ﴿ ثلة من الأولين ﴾ ﴿ وثلة من الآخرين ﴾ ]١ قيل : أي خلقناهن كذلك، ويكن أبدا كذلك كلما ذهبت عذرتهن عادت، فيكن أبدا على تلك اللذة لأنهن أنشئن٢ هكذا، والله أعلم.
وقال عامة أهل التأويل في قوله تعالى :﴿ إنا أنشأناهن إنشاء ﴾ ﴿ فجعلناهن أبكارا ﴾ أي جعلنا٣ نساء الدنيا من الثيبات والأبكار[ وخلقنا نساء الجنة ]٤ خلقا جديدا سوى الخلق الذي كان في الدنيا ﴿ فجعلناهن أبكارا ﴾ وكن في الدنيا عجائز وثيبات.
وروي على ذلك خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم إن ثبت، أنه قال في قوله تعالى :﴿ إنا أنشأناهن إنشاء ﴾ ﴿ فجعلناهن أبكارا ﴾ ﴿ الثيب والبكر ﴾ [ الطبري في تفسيره٢٧/١٨٥ ]. وفي بعض الأخبار [ أنه ]٥ قال :﴿ إن العجوز لا تدخل الجنة ﴾[ المرتضي الزبيدي في الاتحاف ٧/٤٩٩ ] في٦ قوله :﴿ إنا أنشأناهن إنشاء ﴾ ﴿ فجعلناهن أبكارا ﴾.
ومن قال : هو صلة قوله :﴿ وحور عين ﴾ فهن٧ لسن كنساء الدنيا، والله أعلم.
وقوله تعالى :﴿ عربا أترابا ﴾ بجزم الراء مخففة [ وضمها. وكان ]٨ أبو عبيد يقرؤها بالضم لوجهين :
أحدهما : التفخيم، على٩ أنها أقيس في العربية لأن واحدتها١٠ عروب، وهو مثل صبور وصبر وشكور وشكر.
وأما الوجه الأخر التخفيف فقيل في تأويله : عربا عاشقات لأزواجهن.
وقال أبو عوسجة : العروب المرحة، وقال القتبي : هي المتحبّبة إلى زوجها، وقيل : الغنجات إلى أزواجهن. وقيل : إن أهل مكة يسمونها العربة، وأهل المدينة غنجة، و أهل العراق الشكلة.
وقال سعيد بن جبير :﴿ عربا ﴾ ضبعات، والضبعات هي التي تعرض للزوج من الشهوة، ويقال للناقة إذا اشتهت الضراب : ضبعة.
وقوله تعالى :﴿ أترابا ﴾ أي مستويات الأسنان. وقال القتبي : الترب واللّدة واحدة، وهو بالفارسية همراه. وأصله أنهن استسننّ بلا ولاد يتقدم، ويتأخر، كما كن يتفاضلن في الأسنان، فصرن في الآخرة أترابا ثم قال تعالى :﴿ ثلة من الأولين ﴾ ﴿ وثلة من الآخرين ﴾ قد ذكرنا تأويله أنه يخرج على الوجهين.
وروي عن ابن عباس رضي الله عنه [ عن النبي ]١١ صلى الله عليه وسلم أنه قال :﴿ هما جميعا من أمتي ﴾ [ الطبري في تفسيره٢٧/١٩١ ] وكذلك تأويل قوله تعالى :﴿ ثلة من الأولين ﴾ ﴿ وثلة من الآخرين ﴾.
١ ساقطة من الأصل و م..
٢ في الأصل و م: امسين..
٣ في الأصل و م: خلقنا..
٤ ساقطة من الأصل و م..
٥ في الأصل و م: ثم..
٦ في الأصل و م: ثم..
٧ في الأصل و م: هو.
٨ في الأصل و م: و مضمومة وقال، انظر معجم القراءات القرآنية ح٧/٦٧.
٩ في الأصل و م: والثاني..
١٠ في الأصل و م: واحدها..
١١ من م، ساقطة من الأصل...


نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٧:نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٦:الآيات ٣٦ – ٤٠ وقوله تعالى :﴿ فجعلناهن أبكارا ﴾﴿ عربا أترابا ﴾[ ﴿ لأصحاب اليمين ﴾ ﴿ ثلة من الأولين ﴾ ﴿ وثلة من الآخرين ﴾ ]١ قيل : أي خلقناهن كذلك، ويكن أبدا كذلك كلما ذهبت عذرتهن عادت، فيكن أبدا على تلك اللذة لأنهن أنشئن٢ هكذا، والله أعلم.
وقال عامة أهل التأويل في قوله تعالى :﴿ إنا أنشأناهن إنشاء ﴾ ﴿ فجعلناهن أبكارا ﴾ أي جعلنا٣ نساء الدنيا من الثيبات والأبكار[ وخلقنا نساء الجنة ]٤ خلقا جديدا سوى الخلق الذي كان في الدنيا ﴿ فجعلناهن أبكارا ﴾ وكن في الدنيا عجائز وثيبات.
وروي على ذلك خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم إن ثبت، أنه قال في قوله تعالى :﴿ إنا أنشأناهن إنشاء ﴾ ﴿ فجعلناهن أبكارا ﴾ ﴿ الثيب والبكر ﴾ [ الطبري في تفسيره٢٧/١٨٥ ]. وفي بعض الأخبار [ أنه ]٥ قال :﴿ إن العجوز لا تدخل الجنة ﴾[ المرتضي الزبيدي في الاتحاف ٧/٤٩٩ ] في٦ قوله :﴿ إنا أنشأناهن إنشاء ﴾ ﴿ فجعلناهن أبكارا ﴾.
ومن قال : هو صلة قوله :﴿ وحور عين ﴾ فهن٧ لسن كنساء الدنيا، والله أعلم.
وقوله تعالى :﴿ عربا أترابا ﴾ بجزم الراء مخففة [ وضمها. وكان ]٨ أبو عبيد يقرؤها بالضم لوجهين :
أحدهما : التفخيم، على٩ أنها أقيس في العربية لأن واحدتها١٠ عروب، وهو مثل صبور وصبر وشكور وشكر.
وأما الوجه الأخر التخفيف فقيل في تأويله : عربا عاشقات لأزواجهن.
وقال أبو عوسجة : العروب المرحة، وقال القتبي : هي المتحبّبة إلى زوجها، وقيل : الغنجات إلى أزواجهن. وقيل : إن أهل مكة يسمونها العربة، وأهل المدينة غنجة، و أهل العراق الشكلة.
وقال سعيد بن جبير :﴿ عربا ﴾ ضبعات، والضبعات هي التي تعرض للزوج من الشهوة، ويقال للناقة إذا اشتهت الضراب : ضبعة.
وقوله تعالى :﴿ أترابا ﴾ أي مستويات الأسنان. وقال القتبي : الترب واللّدة واحدة، وهو بالفارسية همراه. وأصله أنهن استسننّ بلا ولاد يتقدم، ويتأخر، كما كن يتفاضلن في الأسنان، فصرن في الآخرة أترابا ثم قال تعالى :﴿ ثلة من الأولين ﴾ ﴿ وثلة من الآخرين ﴾ قد ذكرنا تأويله أنه يخرج على الوجهين.
وروي عن ابن عباس رضي الله عنه [ عن النبي ]١١ صلى الله عليه وسلم أنه قال :﴿ هما جميعا من أمتي ﴾ [ الطبري في تفسيره٢٧/١٩١ ] وكذلك تأويل قوله تعالى :﴿ ثلة من الأولين ﴾ ﴿ وثلة من الآخرين ﴾.
١ ساقطة من الأصل و م..
٢ في الأصل و م: امسين..
٣ في الأصل و م: خلقنا..
٤ ساقطة من الأصل و م..
٥ في الأصل و م: ثم..
٦ في الأصل و م: ثم..
٧ في الأصل و م: هو.
٨ في الأصل و م: و مضمومة وقال، انظر معجم القراءات القرآنية ح٧/٦٧.
٩ في الأصل و م: والثاني..
١٠ في الأصل و م: واحدها..
١١ من م، ساقطة من الأصل...


وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: العروب: المراحة.
وقَالَ الْقُتَبِيُّ: هي المتحببة إلى زوجها.
وقيل: الغنجات لأزواجهن.
وقيل: إن أهل مكة يسمونها: العربة، وأهل المدينة الغنجة، وأهل العراق: الشكلة.
وقال سعيد بن جبير: عربا: ضبعات، والضبعات: هي التي تعرض للزوج من الشهوة، ويقال للناقة إذا اشتهت الضراب: ضبعة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَتْرَابًا)، أي: مستويات الأسنان.
وقَالَ الْقُتَبِيُّ: الترب واللدة واحد، وهو بالفارسية: همزاد.
وأصله: أنهن أنشئن بلا ولاد يتقدم ويتأخر كما يكون في الدنيا يتفاضلن في الأسنان؛ فصرن في الآخرة أترابا.
ثم قال: (وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (٤٠) قد ذكرنا تأويله: أنه يخرج على الوجهين:
وروي عن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: " هما جميعا من أمتي "، وكذلك تأويل قوله تعالى: (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ).
* * *
قوله تعالى: (وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (٤١) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (٤٢) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ (٤٤) إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ (٤٥) وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (٤٦) وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٤٧) أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (٤٨) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٥٠).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ)، وذكر في أصحاب اليمين مثله من التعجب، وأخبر عما يكرمهم ويعطيهم من أنواع النعم، وذكر أصحاب الشمال، وذكر على إثره ما أعد لهم من العذاب والهوان بقوله: (سَمُومٍ وَحَمِيمٍ...) الآية، ثم ذكر في أول السورة أصحاب الميمنة والمشأمة، ولم يذكر لهم الثواب ولا العذاب؛ وذلك - والله أعلم - لأن في ذكر الميمنة والمشأمة دلالة ما لهم؛ لأن الميمنة من اليمن، والمشأمة من
الآية ٤١ وقوله تعالى :﴿ وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال ﴾ ذكر في أصحاب اليمين ما ذكر من التعجب، وأخبر عما يكرمهم، ويعطيهم من أنواع النعم، وذكر أصحاب الشمال، وذكر على إثره ما أوعد لهم من العذاب بقوله :﴿ في سموم وحميم ﴾ الآيات١.
ثم ذكر في أول السورة أصحاب الميمنة والمشأمة، ولم يذكر لهم الثواب ولا العذاب ؛ وذلك، والله أعلم، لأن في ذكر الميمنة والمشأمة دلالة ما لهم، لأن الميمنة من اليمن، والمشأمة من الشؤم. ففي ذكر ذلك بيان [ ما ]٢ لهم من الكرامات وما لأولئك من العقوبات.
وليس / ٥٤٦- أ/ في ذكر اليمين والشمال بيان العقاب، فذكر على إثر ذلك ليعرف ما لكل فريق من الجزاء، والله أعلم.
١ في الأصل و م: الآية..
٢ من م، ساقطة من الأصل..
الشؤم، ففي ذكر ذلك بيان ما لهم من الكرامات، وما لأُولَئِكَ من العقوبات، وليس في ذكر اليمين والشمال بيان العقاب؛ فذكر على أثر ذلك؛ ليعرف ما لكل فريق من الجزاء، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (٤٢) قيل: السموم: هو فيح جهنم، والحميم: هو الذي قد انتهى حره غايته.
وقيل: السموم: هو حر النار.
وقيل: هو ريح باردة.
وقيل: ريح حارة.
وأصله: أنه لما أصابهم السموم، اشتد بهم العطش، فعند ذلك يشربون الحميم؛ رجاء أن يسكن به عطشهم، ويذهب ذلك عنهم، فلا يزداد لهم بذلك إلا شدة عطش على ما كان، واللَّه أعلم.
وقوله: (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) قيل: هو دخان أسود.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: اليحموم: هو من الحميم.
وقال أبو بكر: أي: ظل من بخار يجعل اليحموم بخارا.
ثم الظل الذي ذكر هاهنا يحتمل أن يكون هو الظل الذي ذكر في قوله: (انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ)، وقوله: لهم ظلل من النار.
وقيل: هو السرادق من النار.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ (٤٤) (لَا بَارِدٍ)؛ لأنه من النار (وَلَا كَرِيمٍ)؛ لأنه لهوانهم ليس للكرامة.
وقال الحسن وقتادة: (لَا بَارِدٍ) المنزل، (وَلَا كَرِيمٍ) المنظر.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ (٤٥) أي: هذا الجزاء لهم؛ لأنهم كانوا يقولون في الدنيا: (نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ)، وإنما قال ذلك مترفوهم دون السفلة والأتباع؛ لقوله تعالى: (إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (٤٦) اختلف فيه: قَالَ بَعْضُهُمْ: (وَكَانُوا
الآية ٤٣ وقوله تعالى :﴿ وظل من يحموم ﴾ قيل : هو دخان أسود، وقال بعضهم : اليحموم هو من الحميم، وقال أبو بكر : أي ظل من بخار، يجعل اليحموم بخارا. ثم الظل الذي ذكر ههنا يحتمل أن يكون هو الظل الذي ذكر في قوله :﴿ انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب ﴾ [ المرسلات : ٣٠ ] وقوله :﴿ ظلل من النار ﴾ [ الزمر : ١٦ ] وقيل : هو السرادق من النار.
الآية ٤٤ وقوله تعالى :﴿ لا بارد ولا كريم ﴾ ﴿ لا بارد ﴾ لأنه من النار ﴿ ولا كريم ﴾ لأنه لهوانهم ليس للكرامة. وقال الحسن وقتادة : لا بارد المنزل ولا كريم المنظر.
الآية ٤٥ وقوله تعالى :﴿ إنهم كانوا قبل ذلك مترفين ﴾ أي هذا الجزاء لهم لأنهم كانوا يقولون في الدنيا :﴿ نحن أكثر أموالا وأولادا ﴾ [ سبأ : ٣٥ ] وإنما قال ذلك مترفوهم دون السفلة والأتباع [ لرسله عليهم السلام ]١ ﴿ إنا بما أرسلتم به كافرون ﴾ [ سبأ : ٣٤ ].
١ في الأصل و م: لقوله تعالى..
الآية ٤٦ وقوله تعالى :﴿ وكانوا يصرون على الحنث العظيم ﴾ اختلفوا فيه. قال بعضهم :﴿ وكانوا يصرون على الحنث العظيم ﴾ أي على الإثم العظيم، وهو الشرك. وقيل : الحنث العظيم :[ الحنث هو الكبائر، والعظيم هو الإصرار والإدامة ]١.
وقال بعضهم : يصرون على أنفسهم : يقسمون، ويحنثون فيه كقوله تعالى :﴿ وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت ﴾ [ النحل : ٣٨ ] أقسموا أنهم لا يبعثون، فحنثوا في ذلك، لأنه تعالى أخبر أنهم يبعثون حين٢ قال :﴿ بلى وعدا عليه حقا ﴾ [ النحل : ٣٨ ].
ويحتمل أن يكون قسمهم ما ذكر :﴿ وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها ﴾ [ الأنعام : ١٠٩ ] وقوله :﴿ وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم ندير ليكونن أهدى من إحدى الأمم ﴾ [ فاطر : ٤٢ ] وقد جاءهم الندير، فلم يكونوا أهدى، وجاءتهم الآيات، فلم يؤمنوا بها، فحنثوا فيها.
فإن كان قسمهم بأنهم لا يبعثون حنثوا حين فراغهم من اليمين لأنهم أيسوا من ذلك
وفيه دلالة صحة مذهب أصحابنا : إن من حلف يلمس السماء فإنه٣ يحنث عند فراغه من اليمين.
١ في الأصل و م: الكبائر و الإصرار هو الإدامة.
٢ في الأصل و م: حيث..
٣ في الأصل و م: أنه..
يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ)، أي: على الإثم العظيم، وهو الشرك.
وقيل: الحنث العظيم: الكبائر، والإصرار: هو الإدامة عليها.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: يصرون على أنهم يقسمون ويحنثون فيه؛ كقوله تعالى: (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ)، أقسموا: أنهم لا يبعثون، فحنثوا في ذلك؛ لأنه تعالى أخبر أنهم يبعثون؛ حيث قال: (بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا).
ويحتمل أن يكون قسمهم ما ذكر: (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا)، وقوله: (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ)، وقد جاءهم النذير، فلم يكونوا أهدى، وجاءتهم الآيات، فلم يؤمنوا بها، فحنثوا فيها، فإن كان قسمهم بأنهم لا يبعثون حنثوا حين فراغهم من اليمين؛ لأنهم أيسوا عن ذلك.
وفيه دلالة لصحة مذهب أصحاينا: أن من حلف: للمس السماء، أنه يحنث عند فراغه من اليمين.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٤٧) أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (٤٨) قالوا هذا على الاستهزاء والاستبعاد للبعث؛ ألا ترى أنه أجابهم، فقال: (قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٥٠).
ثم قوله: (إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ) يخرج على وجهين:
أحدهما: أي: يجمع الأولين والآخرين في التخليق؛ أي: جمع بين الأولين والآخرين في التخليق؛ حيث خلق الآخرين على إثر الأولين، وإلا لم يكونوا وقتما قال: (لَمَجْمُوعُونَ)؛ إذ الآخرون لم يكونوا مخلوقين بعد.
والثاني: مجموعون في الأرض، أي: في القبور (إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (٥١) بآيات اللَّه الدالة على توحيده، ورسله، والبعث.
وقوله: (لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (٥٢) أخبر أن المكذبين يكونون آكلين من شجر الزقوم؛ فيكون كما أخبر.
ثم شجرة الزقوم: هي التي ذكر (إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ. طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ)، وقد ذكرنا تأويله في موضعه.
وقوله: (فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٥٣) يخبر أن ليس لهم مما يأكلون ويشربون إلا امتلاء
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٧:الآية ٤٧ و ٤٨ وقوله تعالى :﴿ وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون ﴾ ﴿ أو آباؤنا الأولون ﴾ قالوا هذا على الاستهزاء والاستبعاد للبعث.
الآيتان ٤٩ و ٥٠ ألا ترى أنه أجابهم، فقال :﴿ قل إن الأولين والآخرين ﴾ ﴿ لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم ﴾ ؟ ثم قوله تعالى :﴿ إن الأولين والآخرين ﴾ يخرج على وجهين :
أحدهما : أي يجمع الأولين والآخرين في التخليق، أي جمع بين الأولين والآخرين في التخليق حين١ خلق الآخرين على إثر الأولين، وإلا لم يكونوا مخلوقين بعد.
والثاني :﴿ لمجموعون ﴾ في الأرض أي في القبور ﴿ إلى ميقات يوم معلوم ﴾
١ ساقطة من الأصل و م..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٩:الآيتان ٤٩ و ٥٠ ألا ترى أنه أجابهم، فقال :﴿ قل إن الأولين والآخرين ﴾ ﴿ لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم ﴾ ؟ ثم قوله تعالى :﴿ إن الأولين والآخرين ﴾ يخرج على وجهين :
أحدهما : أي يجمع الأولين والآخرين في التخليق، أي جمع بين الأولين والآخرين في التخليق حين١ خلق الآخرين على إثر الأولين، وإلا لم يكونوا مخلوقين بعد.
والثاني :﴿ لمجموعون ﴾ في الأرض أي في القبور ﴿ إلى ميقات يوم معلوم ﴾
١ ساقطة من الأصل و م..

الآية ٥١ وقوله تعالى :﴿ ثم إنكم أيها الضالون المكذبون ﴾ بآيات الله الدالة على توحيده ورسله والبعث.
الآية ٥٢ وقوله تعالى :﴿ لآكلون من شجر من زقوم ﴾ أخبر أن المكذبين يكونون آكلين من الشجر الزقوم، فيكون كما أخبر. ثم شجرة الزقوم هي التي ذكر أنها ﴿ تخرج في أصل الجحيم ﴾ ﴿ طلعها كأنه رؤوس الشياطين ﴾ [ الصافات : ٦٤ و ٦٥ ]. وقد ذكرنا تأويله في موضعه.
الآية ٥٣ وقوله تعالى :﴿ فمالئون منها البطون ﴾ يخبر أن ليس لهم مما يأكلون، ويشربون إلا امتلاء البطون ؛ لا يدفع عنهم ما يأكلون من الزقوم وغيره الجوع وما يشربون من الحميم العطش عنهم [ بل ]١ يزداد لهم بذلك [ جوع وعطش ]٢ على ما كان، والله أعلم.
١ ساقطة من الأصل و م..
٢ في الأصل و م: جوعا و عطشا..
البطون، لا يدفع عنهم ما يأكلون من الزقوم وغيره الجوع، ولا ما يشربون من الحميم العطش عنهم، بل يزداد لهم بذلك جوع وعطش على ما كان، واللَّه أعلم.
وقوله: (فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (٥٤) فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (٥٥) قيل: الهيم: هو إبل يأخذه الداء، فيشرب حتى يملأ البطن، فلا يروى أبدا؛ للداء الذي فيه؛ فعلى ذلك أهل النار يشربون ويأكلون حتى تمتليء بطونهم، فلا يروون ولا يشبعون، واللَّه أعلم.
وقيل: الهيم: الإبل الذي يهيم في الأرض ولا يرد الماء أياما، ثم إذا ورد الماء فيشرب، فتمتلئ بطنه حتى يهلك؛ لامتلاء البطن؛ وهو قول الأصم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ - (هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (٥٦) أي: الذي ذكر غذاؤهم ورزقهم يوم الدِّين.
* * *
قوله تعالى: (نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ (٥٧) أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ. أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ. نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٦٠) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (٦١) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ (٦٢) أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (٦٣) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (٦٤) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (٦٥) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (٦٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (٦٧) أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (٦٩) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (٧٠) أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (٧١) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ (٧٢) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ (٧٣) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٧٤).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ) هذا يخرج على وجهين:
أحدهما: يقول - واللَّه أعلم -: لما صدقتموني ورسلي بأنا خلقناكم في الابتداء، فهلا صدقتمونا ورسلنا بأنا نعيدكم تارة أخرى؛ إذ الأعجوبة في ابتداء الأشياء أكثر منها في الإعادة، وهو ما قال: (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ).
والثاني: إنكم صدقتموه ورسله: أنه أنشأكم في بطون أمهاتكم في الظلمات الثلاث، ونقلكم من حال إلى حال، لا يحتمل أن يترككم سدى بلا عاقبة؛ فيكون فيه إثبات البعث؛ إذ لولا ذلك لكان خلقهم وتحويلهم من حال إلى حال عبثا؛ كما قال تعالى: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا)، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (٥٨) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (٥٩) قد علموا أنهم لم يخلقوا ما يمنون، ولا خلقوا أنفسهم، فيقول - واللَّه أعلم -: قد أقررتم أنكم لم تخلقوا
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٤:الآيتان ٥٤ و ٥٥ : وقوله تعالى :﴿ فشاربون عليه من الحميم ﴾ ﴿ فشاربون شرب الهيم ﴾ قيل : الهيم هو إبل يأخذ الداء، يشرب، حتى يملأ البطن، فلا يروى أبدا للداء الذي فيه. فعلى ذلك أهل النار يشربون، ويأكلون، حتى تمتلئ بطونهم، فلا يروون، ولا يشبعون، والله أعلم
وقيل : الهيم الإبل الذي يهيم في الأرض، ولا يرد الماء أياما، ثم إذا أورد الماء يشرب، فيمتلئ بطنه حتى يهلك لامتلاء البطن، وهو قول الأصم.

الآية ٥٦ وقوله تعالى :﴿ هذا نزلهم يوم الدين ﴾ أي الذين ذكر [ هذا ]١ غذاؤهم ورزقهم يوم الدين.
١ ساقطة من الأصل و م..
الآية ٥٧ وقوله تعالى :﴿ نحن خلقناكم فلولا تصدقون ﴾ هذا يخرج على وجهين :
أحدهما : يقول لما صدقتموني ورسلي بأنا خلقناكم في الابتداء، فهلا صدقتمونا ورسلنا بأنا نعيدكم تارة أخرى ؟ إذ الأعجوبة في ابتداء الأشياء أكثر منها في الإعادة، وهو ما قال :﴿ وهو أهون عليه ﴾ [ الروم : ٢٧ ].
والثاني : إنكم صدّقتموه ورسله أنه أنشأكم في بطون أمهاتكم في الظلمات الثلاث، ونقلكم من حال إلى حال، لا يحتمل أن يترككم سدى بلا عاقبة، فيكون فيه إثبات البعث ؛ إذ لولا ذلك لكان خلقهم وتحويلهم من حال إلى حال عبثا كما قال تعالى :﴿ أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ﴾ [ المؤمنون : ١١٥ ] والله أعلم.
الآيتان ٥٨ و ٥٩ وقوله تعالى :﴿ أفرأيتم ما تمنون ﴾ ﴿ أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون ﴾ قد علموا أنهم لم يخلقوا ما يمنون، ولا خلقوا أنفسهم فيقول، والله أعلم : قد أقررتم أنكم لم تخلقوا [ ماء منيتكم ]١ ولا تملكون ذلك ؛ فقد عرفتم أن الله، هو خالقكم وخالق ذلك كله، وهو المالك لذلك.
فإذا عرفتم ذلك، وأنتم أهل تمييز وأكمل عقلا من غيركم، فإذا لم تملكوا خلق أنفسكم فالذين هم دونكم أحق [ ألا يملكوا خلق أنفسهم٢ ]٣ وخلق ما ذكر، ثبت أن الله تعالى هو خالق ذلك كله، فكيف عبدتم غيره، وصرفتم الألوهية إلى غيره ؟.
١ في الأصل و م: ما أمنيتهم..
٢ في م: أنفسكم..
٣ من م، ساقطة من الأصل..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٨:الآيتان ٥٨ و ٥٩ وقوله تعالى :﴿ أفرأيتم ما تمنون ﴾ ﴿ أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون ﴾ قد علموا أنهم لم يخلقوا ما يمنون، ولا خلقوا أنفسهم فيقول، والله أعلم : قد أقررتم أنكم لم تخلقوا [ ماء منيتكم ]١ ولا تملكون ذلك ؛ فقد عرفتم أن الله، هو خالقكم وخالق ذلك كله، وهو المالك لذلك.
فإذا عرفتم ذلك، وأنتم أهل تمييز وأكمل عقلا من غيركم، فإذا لم تملكوا خلق أنفسكم فالذين هم دونكم أحق [ ألا يملكوا خلق أنفسهم٢ ]٣ وخلق ما ذكر، ثبت أن الله تعالى هو خالق ذلك كله، فكيف عبدتم غيره، وصرفتم الألوهية إلى غيره ؟.
١ في الأصل و م: ما أمنيتهم..
٢ في م: أنفسكم..
٣ من م، ساقطة من الأصل..

ما أمنيتم، ولا أنفسكم، ولا تملكون ذلك، فقد عرفتم أن اللَّه هو خالقكم وخالق ذلك كله، وهو المالك لذلك؛ فإذا عرفتم ذلك، وأنتم أهل تمييز، وأكمل عقلا من غيركم، فإذا لم تملكوا خلق أنفسكم، فالذين هم دونكم أحق ألا يملكوا خلق أنفسكم وخلق ما ذكر ثبت أن اللَّه تعالى هو خالق ذلك كله؛ فكيف عبدتم غيره، وصرفتم الألوهية إلى غيره.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ... (٦٠) يحتمل وجوها:
أحدها: أنه لما كان هو الذي خلقكم وما ذكر، ثم قدر بينكم الموت، وفيكم الولي له والعدو، وقد سوى في الدنيا بين الولي والعدو، وفي الحكمة التفريق بينهما؛ دل أن هنالك دارا أخرى يفرق بينهما.
والثاني: (قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ)، أي: المعجل والمؤجل؛ أي: لم يجعل موت جميعكم في وقت واحد، بل جعل أجلا مؤجلا في الأصل، وقدر أن تكون مدة أجل هذا أكثر من مدة أجل الآخر.
وقيل: (نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ) أي: سوينا بينكم في الموت بين عزيزكم وذليلكم، ورفيعكم ووضيعكم، لا يسلم أحد عنه.
ويحتمل وجها آخر هو -أولى-: وهو أنه قدر بينكم الموت، وكل واحد منكم يكره الموت، ثم لم تملكوا دفع الموت عن أنفسكم؛ دل أن هاهنا قاهرا قادرا يجب القول بوجوده، والانقياد لأوامره ونواهيه.
وقوله: (وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) أي: وما نحن بمغلوبين في تبديل أمثالكم.
أو يقول: وما نحن بعاجزين على أن نبدل أمثالكم.
وقوله: (وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (٦١) قال أبو بكر الأصم: فيما لا تعلمون من تبديلكم إلى صورة ذميمة قبيحة؛ كصورة القردة والخنازير، ونحوها.
وقيل: (وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ) في أي خلق شاء؛ وهو أقرب من الأول.
وجائز أن يكون معناه (وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ) في ظلمات ثلاث الذي لا يبلغه علم البشر، ولا تدبير الحكماء إلى أن بلغوا ما بلغوا، فمن ملك ذلك لا يحتمل أن يعجز عن بعث أو غيره، واللَّه أعلم.
الآية ٦١ وقوله تعالى :﴿ وما نحن بمسبوقين ﴾ ﴿ على أن نبدّل أمثالكم ﴾ أي وما نحن بمغلوبين في تبديل أمثالكم، أو يقول : وما نحن بعاجزين ﴿ على أن نبدّل أمثالكم ﴾.
وقوله تعالى :﴿ وننشئكم في ما لا تعلمون ﴾ قال أبو بكر الأصم :﴿ وننشئكم في ما لا تعلمون ﴾ من تبديلكم إلى صورة ذميمة قبيحة كصورة القردة والخنازير ونحوها.
وقيل :﴿ وننشئكم في ما لا تعلمون ﴾ في أي خلق شاء، وهو أقرب من الأول.
وجائز أن يكون معناه :﴿ وننشئكم في ما لا تعلمون ﴾ في ظلمات ثلاث، الذي لا يبلغه علم البشر ولا تدبير الحكماء إلى أن يبلغوا ما بلغوا فمن ملك فلا يحتمل أن يعجز عن بعث أو غيره، والله أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى... (٦٢) فهو على ما ذكرنا: إنكم لما عرفتم أنه هو الذي أنشأكم النشأة الأولى لا عن أصل سبق، لا يحتمل أن يعجز عن النشأة الآخرة؛ لأنها مثل الأولى؛ بل في وهمكم أسهل وأهون.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ) يخرج على ما ذكرنا: هلا تذكرون وحدانيته وربوبيته.
أو هلا تذكرون أن قادر على البعث.
أو هلا تذكرون أنه هو المستوجب لشكر ما أنعم عليكم، وهلا تذكرون نعمه وإحسانه.
ومن الناس من قال: النشأة الأولى هاهنا نشأة آدم - عليه السلام - وخلقه؛ أي: علمتم نشأته لا عن أصل ولا احتذاء لغير، فمن قدر على ذلك فهو على النشأة الأخرى لقادر، وعلى تقدير وهمكم أقدر، واللَّه الموفق.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (٦٣) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (٦٤) جائز أن يكون هذا صلة ما تقدم من قوله: (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ)، كأنه يقول: أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تخلقون الزرع أم نحن الخالقون له؟ فيكون فيه الذي ذكرنا في ذلك، واللَّه أعلم.
والثاني: أفرأيتم ما تحرثون أأنتم جعلتم الحراثة بحيث تنبت أم نحن الجاعلون بحيث تنبت؟
ثم قال: (لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا... (٦٥) أي: يابسا.
وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: أي: متكسر؛ يذكر نعمته التي أنعمها عليهم؛ يقوله: هو الذي جعله بحيث ينتفع به ويبقى، ولو شاء لجعله بحيث لا ينتفع به، ويخبر عن قدرته: أنه قادر على الإنبات، وعلى الإهلاك؛ فعلى ذلك قادر على الإنشاء والإعادة.
وأهل التأويل يقولون: أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تنبتونه أم نحن المنبتون، وأصله ما ذكرنا.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) قيل: تعجبون.
وقيل: تندمون، وهي لغة عكيل.
وقال أبو بكر الأصم: أي: صرتم تتنعمون وتتلذذون؛ كما يقول الرجل لآخر: لو أخذت مالك أو سلبته صرت غنيا أو استغنيت.
ولكن لا ندري أيقال ما ذكر أم لا؟ فإن كان يقال ذلك، يصير تقديره كأنه يتلذذ؛ لكثرة
الآيتان ٦٣ و٦٤ وقوله تعالى :﴿ أفرأيتم ما تحرثون ﴾ ﴿ أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون ﴾ [ يحتمل وجهين :
أحدهما :]١ جائز أن يكون هذا صلة ما تقدم من قوله :﴿ أفرأيتم ما تمنون ﴾ كأنه يقول :﴿ أفرأيتم ما تحرثون ﴾ أأنتم تخلقون الزرع، أم نحن الخالقون له ؟ فيكون فيه الذي ذكرنا في ذلك، والله أعلم.
والثاني :﴿ أفرأيتم ما تحرثون ﴾ أأنتم جعلتم الحراثة بحيث ينبت أم نحن الجاعلون بحيث ينبت ؟
١ ساقطة من الأصل و م..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٦٣:الآيتان ٦٣ و٦٤ وقوله تعالى :﴿ أفرأيتم ما تحرثون ﴾ ﴿ أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون ﴾ [ يحتمل وجهين :
أحدهما :]١ جائز أن يكون هذا صلة ما تقدم من قوله :﴿ أفرأيتم ما تمنون ﴾ كأنه يقول :﴿ أفرأيتم ما تحرثون ﴾ أأنتم تخلقون الزرع، أم نحن الخالقون له ؟ فيكون فيه الذي ذكرنا في ذلك، والله أعلم.
والثاني :﴿ أفرأيتم ما تحرثون ﴾ أأنتم جعلتم الحراثة بحيث ينبت أم نحن الجاعلون بحيث ينبت ؟
١ ساقطة من الأصل و م..

الآية ٦٥ ثم قال :﴿ لو نشاء لجعلناه حطاما ﴾ أي يابسا، قال أبو عوسجة : أي متكسّرا، ليذكر نعمه التي أنعمها عليهم ؛ يقول : هو الذي جعله بحيث ينتفع [ به ]١ ويبقى. ولو شاء لجعله بحيث لا ينتفع به، أو يخبر عن قدرته أنه قادر على الإنبات وعلى الإهلاك. فعلى ذلك [ هو ]٢ قادر على الإنشاء والإعادة.
وأهل التأويل يقولون :﴿ أفرأيتم ما تحرثون ﴾ أأنتم تنبتونه أم نحن المنبتون. وأصله ما ذكرنا.
وقوله تعالى :﴿ فظلتم تفكّهون ﴾ قيل : تعجبون، وقيل : تندّمون، وهي لغة عكل
وقال أبو بكر الأصم : أي صرتم تتنعّمون، وتتلذذون، كما يقول الرجل لآخر : لو أخذت مالك، أو سلبته، صرت غنيا، أو استغنيت. ولكن لا ندري أيقال هذا أم لا ؟ فإن كان يقال ذلك فيصير تقديره كأنه يتلذذ بكثرة ما يذكره في كل وقت لأن الرجل إذا ذهب ماله لا يزال يذكره كالمتلذذ به والمتنعم.
وعن ابن عباس رضي الله عنه :﴿ فظلتم تفكّهون ﴾ أي تتلاومون، وفي حرف ابن مسعود رضي الله عنه : فصرتم تفكهون، وقوله :﴿ فظلتم ﴾ يستعمل في زمان النهار دون الليل.
١ ساقطة من الأصل و م..
٢ ساقطة من الأصل و م..
ما يذكره في كل وقت؛ لأن الرجل إذا ذهب ماله لا يزال يذكره كالمتلذذ به والمتنعم.
وعن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ)، أي: تلاومون.
وفي حرف ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (فصرتم تفكهون)، وقوله: (فَظَلْتُمْ) يستعمل في زمان النهار دون الليل.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (٦٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (٦٧) أي: فظلتم تقولون: إنا لمغرمون.
ثم اختلف فيه:
قيل: إنا لمعذبون بقوله: (إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا).
وقيل: إنا المذمومون الملقون للشر، ونحو ذلك، لكنه من الغرم الظاهر؛ لأن مرتجعه خسران في ماله، أو هلاك يلحقه الغرامة؛ لما يحتاج إلى غيره، وأصله كأنه يقول - واللَّه أعلم -: لو جعله حطاما يابسا لا تنتفعون به، ظلتم تقولون: (إِنَّا لَمُغْرَمُونَ).
وقوله: (بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) قيل: المحروم: هو الذي ينتفى عنه المال أو ما ينتفع به.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: محدودون.
وقيل: محاربون.
لكن المحروم ظاهر، لا يحتاج إلى التفسير، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (٦٩) يذكر نعمه عليهم بما أنزل لهم من الماء العذب فيشربون، وأخبر أنه لو شاء، لجعله أجاجا مالحًا ما يهلك الأنفس، ولا تقوم به، وكذلك قوله: (لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا) حتى يخرج من أن يكون غذاء فيه، ولكن بفضله ورحمته أبقى لهم ذلك أغذية وأشربة؛ ولذلك قال في آخره: (فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (٧٠) أي: هلا تشكرون ما أنعم عليكم؟
ثم في هذه الآية دلالة نقض قول المعتزلة في أفعال العباد؛ حيث قال: (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ. أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ)، والإمناء: هو فعل العبد؛ إذ هو دفق المني، ثم أخبر أنه هو خالق ذلك؛ حيث قال: (أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ)، وكذلك الحراثة والزراعة فعل العباد، وأخبر أنه خالق ذلك.
وفي قوله تعالى: (لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا) و (أجَاجًا) نقض قولهم في الأصلح؛
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٦٦:الآيتان ٦٦ و٦٧ و قوله تعالى :﴿ إنا لمغرمون ﴾ ﴿ بل نحن محرومون ﴾ أي فظلتم تقولون :﴿ إنا لمغرمون ﴾ ثم اختلف فيه ؛ قيل : إنا لمعذبون لقوله :﴿ إن عذابها كان غراما ﴾ [ الفرقان : ٦٥ ] وقيل : إنا لمذمّون الملقون للشر، أو نحو ذلك. لكنه من الغرم الظاهر لأن مرتجعه خسران في ماله أو هلاك تلحقه الغرامة لما يحتاج إلى غيره.
وأصله : كأنه يقول، والله أعلم، لو جعله حطاما يابسا [ لا ]١ تنتفعون به ظلتم تقولون :﴿ إنا لمغرمون ﴾.
وقوله تعالى :﴿ بل نحن محرومون ﴾ قيل : المحروم، هو الذي ينتفى عنه المال أو ما ينتفع به. وقال بعضهم : محدودون، وقيل محارفون. لكن المحروم ظاهر، لا يحتاج إلى التفسير، والله أعلم.
١ من م، ساقطة من الأصل.

الآيتان ٦٨ و٦٩ وقوله تعالى :﴿ أفرأيتم الماء الذي تشربون ﴾ ﴿ أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون ﴾ يذكر نعمه عليهم بما أنزل إليهم من الماء العذب، فيشربون.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٦٨:الآيتان ٦٨ و٦٩ وقوله تعالى :﴿ أفرأيتم الماء الذي تشربون ﴾ ﴿ أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون ﴾ يذكر نعمه عليهم بما أنزل إليهم من الماء العذب، فيشربون.
الآية ٧٠ وأخبر أنه ﴿ لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون ﴾ مالحا يهلك١ الأنفس، ولا تقوم به٢. وكذلك قوله :﴿ لو نشاء لجعلناه حطاما ﴾ [ الآية : ٦٥ ] حتى يخرج من أن يكون، غذاء فيه لكن بفضله ورحمته أبقى لهم ذلك أغذية وأشربة. ولذلك قال في آخره ﴿ فلولا تشكرون ﴾ أي هلا تشكرون [ ما ]٣ أنعم عليكم ؟
ثم هذه الآيات دلالة نقض قول المعتزلة في أفعال العباد حين٤ قال :﴿ أفرأيتم ما تمنون ﴾ ﴿ أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون ﴾ [ الآيتان : ٥٨ و٥٩ ] والإمناء، هو فعل العبد ؛ إذ هو دفق المني. ثم أخبر أنه خالق ذلك حين٥ قال :﴿ أأنتم تخلقونه ﴾ وكذلك الحراثة والزراعة فعل العباد، وأخبر أنه خالق ذلك. وفي٦ قوله تعالى :﴿ لو نشاء لجعلناه حطاما ﴾ [ الآية : ٦٥ ] وقوله :﴿ لو نشاء جعلناه أجاجا ﴾ نقض قولهم في الأصلح.
فإنه يقال لهم : إن قوله ﴿ لو نشاء ﴾ فجعله كذا، ثم لم يفعل ذلك، فقد ترك الأصلح، أو يكون الأصلح لهم في ابقاء ذلك، فيصير كأنه قال : لو شاء لجعل ما هو حق وعدل جورا، ولا يجوز أن يقال : إن الله تعالى لو شاء أن يجور لجار. فعلى أي الوجهين حمل كان في ذلك نقض مذهبهم.
وفي قوله تعالى :﴿ نحن قدرنا بينكم الموت ﴾ [ الآية : ٦٠ ] نقض قولهم في أن المقتول لم يمت بأجله، لأن الله تعالى أخبر أنه قدّر الموت بينهم، وعندهم أن من قتل لم يمت بما قدر الله تعالى، ولم يمت بأجله، وقد أخبر أنه هو قدّر ذلك، وأنه لا يسبق في ذلك لقوله :﴿ وما نحن بمسبوقين ﴾.
ولو كان على ما تقوله المعتزلة : يموت قبل أجله فقد قالوا : إنه لم يقدر له الموت، وإن القاتل قد سبقه، ومنعه عن وفاء ما جعل له من الأجل والبلوغ إلى ذلك الأجل الذي جعل له، وكذبه في خبره أنه يبلغ إلى ذلك الأجل، والله الموفق.
ثم قوله تعالى :﴿ أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون ﴾ اختلف في تأويل المزن :
قال عامة أهل التأويل والأدب : المزن هو السحاب. وقال أبو بكر الأصم : المزن، هو الماء العذب فعلى قوله يكون حرف ﴿ من ﴾ صلة ؛ كأنه قال : أأنتم أنزلتم المزن ؟.
والظاهر ما ذهب إليه أولئك أنه ينزل من السحاب، والله أعلم.
١ أدرج فبلها في الأصل و م: ما..
٢ في الأصل و م: له.
٣ من، م ساقطة من الأصل..
٤ في الأصل و م: حيث.
٥ في الأصل و م: حيث.
٦ الواو ساقطة من الأصل و م..
فإنه يقال لهم: إن قوله: لو شاء لجعله كذا، ثم لم يفعل ذلك، فقد ترك الأصلح لهم، أو يكون الأصلح لهم في إبقاء ذلك؛ فيصير كأنه قال: لو شاء لجعل ما هو حق وعدل جورا، ولا يجوز أن يقال: إن اللَّه تعالى لو شاء أن يجور لجار؛ فعلى أي الوجهين حمل، كان في ذلك نقض مذهبهم.
وفي قوله تعالى: (قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ) نقض قولهم من أن المقتول لم يمت بأجله؛ لأنه - تعالى - أخبر أنه قدر الموت بينهم، وعندهم: أن من قتل لم يمت بما قدر الله تعالى، ولم يمت بأجله، وقد أخبر أنه هو قدر ذلك، وأنه لا يسبق في ذلك بقوله: (وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ)، ولو كان على ما تقوله المعتزلة يموت قبل أجله، فقد قالوا: إنه لم يقدر له الموت، وأن القاتل قد سبقه ومنعه عن وفاء ما جعل له من الأجل والبلوغ إلى ذلك الأجل الذي جعل له وكذبه في خبره: أنه يبلغ إلى ذلك الأجل، واللَّه الموفق.
ثم قوله: (أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ) اختلف في تأويل المزن: قال عامة أهل التأويل والأدب: المزن: هو السحاب.
وقال أبو بكر الأصم: المزن: هو الماء العذب؛ فعلى قوله يكون حرف (مِن) صلة، كأنه قال: أأنتم أنزلتم المزن.
والظاهر ما ذهب إليه أُولَئِكَ: أنه ينزل من السحاب، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (٧١) قَالَ بَعْضُهُمْ: توقدون.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: تقدحون، يقال: قدحت النار، وأوريتها: أي أخرجتها؛ يقال: ورت الناس تري وريا؛ فهي وارية، أي: أضاءت.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ (٧٢) قيل: هي الشجرة التي تجعل حطبا، وتوقد بها النار وتحرق.
وقيل: هي الشجرة التي فيها النار، وهي التي يتخذ منها الزيوت، والأول أقرب، والله أعلم.
وقوله: (نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ (٧٣) قال بعض أهل التأويل: أي: جعلنا هذه النار تذكرة للنار الكبرى، وهي نار الآخرة.
ويحتمل أن يكون (نَحْنُ جَعَلْنَاهَا)، أي: هذه النعم الحاضرة تذكرة للنعم الموعودة.
أو جعلنا هذه الشدائد والبلايا في الدنيا تذكرة لما أوعدنا في الآخرة، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ) قال بعض أهل التأويل: أي متاعا للمسافرين، خص المسافرين، لنزولهم القواء، وهو القفر؛ وهو قول الْقُتَبِيّ.
الآية ٧٢ وقوله تعالى :﴿ أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون ﴾ قيل : هي الشجرة التي تجعل حطبا، وتوقد بها النار، وتحرق. وقيل : هي الشجرة التي فيها النار التي تتخذ منها الزّنود. والأول أقرب، والله أعلم.
الآية ٧٣ وقوله تعالى :﴿ نحن جعلناها تذكرة ﴾ قال بعض أهل التأويل : أي جعلنا هذه النار تذكرة للنار الكبرى، وهي نار الآخرة.
ويحتمل أن يكون ﴿ نحن جعلناها ﴾ أي هذه النعم الحاضرة ﴿ تذكرة ﴾ للنعم الموعودة، أو جعلنا هذه الشدائد والبلايا في الدنيا تذكرة لما أوعدنا١ في الآخرة، والله أعلم.
وقوله تعالى :﴿ ومتاعا للمقوين ﴾ قال بعض أهل التأويل : أي متاعا للمسافرين ؛ خص المسافرين لنزولهم القواء، وهو القفر، وهو القتبي. وقيل :﴿ للمقوين ﴾ المستمتعين.
وقال أبو عوسجة : المقوي الذي لا زاد له. وقيل : الذي يقع في أرض قواء، والقواء [ الأرض ]٢ الخالية من الناس.
وقال أبو عبيد :[ لا ]٣ أرى الذي لا زاد له معه [ أولى بالنار ولا أحوج إليها من الذي معه الزاد ]٤ بل صاحب الزاد إليها أحوج. ويقال : رجل مقو إذا كانت معه مطية قوية.
١ في الأصل و م: أوعدها..
٢ من م، ساقطة من الأصل...
٣ ساقطة من الأصل و م..
٤ من م، ساقطة من الأصل، .
الآية ٧٤ [ وقوله تعالى :﴿ فسبح باسم ربك العظيم ﴾ ]١.
١ ساقطة من الأصل و م..
وقيل: المقوين: المستمتعين.
وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: المقوي: الذي لا زاد له.
وقيل: الذي يقع في أرض قواء، والقواء: الأرض الخالية من الناس.
وقال أبو عبيد: أرى الذي لا زاد له ليس أولى بالنار، ولا أحوج إليها من الذي معه الزاد؛ بل صاحب الزاد إليها أحوج، ويقال: رجل مقوٍ: إذا كانت معه مطية قوية.
قوله تعالى: (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (٧٨) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٨٠) أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (٨١) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (٨٢) فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (٨٥) فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (٨٦) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٨٧) فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (٨٩) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩٠) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩١) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (٩٢) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (٩٣) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (٩٤) إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (٩٥) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٩٦).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦) عن ابن مسعود وإبراهيم أنهما قرآ: (بموقع النجوم)، على الوحدان.
وعن الحسن: أنه قرأها بمواقع على الجمع، وبه أخذ أبو عبيد، وقال: إن بعض أهل التأويل يتأولونها على منازل القرآن، وبعضهم على مغايب الكواكب ومساقطها، وأي الوجهين كان، فالجمع فيه أولى من الوحدان.
ثم اختلف في قوله: (فَلَا أُقْسِمُ):
منهم من قال: إن حرف (لا) هاهنا صلة؛ كأنه قال: أقسم بمواقع النجوم، وذلك جائز في اللغة، كقوله: (مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ)، ونحوه، يكون على الصلة والزيادة على التوكيد.
ومنهم من قال: على إثبات حرف (لا)، لكنه جعل ذكره لرد قول كان من أُولَئِكَ الكفرة، ولدفع منازعة كانت منهم، لكن لم يذكر ذلك؛ لما كانت معروفة بينهم، فرد ذلك بقوله: (فَلَا) ثم ابتدأ القسم بقوله: (أُقْسِمُ)، كأنه قال: أقسم قسما بمواقع النجوم.
504
ثم اختلف في تأويل قوله: (بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ) على الوجهين اللذين ذكرناهما.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ): بمواقع نزول القرآن نجومًا؛ دليله: ما ذكر على أثره: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ. فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ)
والثاني: (بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ) النجوم المعروفة؛ على ما قَالَ بَعْضُهُمْ.
ثم إن كان المراد منه: الكواكب، فالقسم بها يكون على وجوه.
أحدها: لعظم موقع النجوم ومحلها في القلوب، وجليل قدرها عند الناس حتى يجعلها بعض الملحدة مدبرة العالم.
أو لكثرة منافع الخلق بها من معرفة الطرق بها والسبل، ومعرفة كثرة الأنواء والمياه، ومعرفة الأوقات والأزمنة، وغيرها مما يكثر ذكرها.
أو (بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ) أي: مساقطها، وفي ذلك إخبار وإنباء عن شدة طاعة النجوم وتسخيره إياها للخلق؛ حيث تملك قطع مسيرة خمسمائة يوم في ليلة واحدة ما لا يتوهم قطع ذلك من سواها من ذوي الأرواح والأجنحة التي هي أسرع لقطع المسافات والوصول إلى مقاصدها، واللَّه أعلم.
ثم قال أهل التأويل بأجمعهم بأن القسم بها من اللَّه تعالى.
وجائز أن يكون القسم من الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، لكن أضافه إلى نفسه؛ تعلميا منه لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أن يقسم برب هذه الأشياء؛ وكذلك تعليما لغيره من الرسل القسم برب هذه الأشياء؛ إذ لا تنازع بينهم وبين اللَّه تعالى؛ ليقسم وإنما وضع القسم لتأكيد الخبر عند الإنكار والتنازع، ولكن التنازع فيما بينهم وبين الرسل، وكذلك ما ذكر: (فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ)، ليس من اللَّه تعالى، ولكن من الرسول؛ إذ لا يحتمل أن يكون الرب - عَزَّ وَجَلَّ - هو المقسم، ويقول: (بِرَبِّ الْمَشَارِقِ)؛ فظاهره أن يكون الرسول هو المقسم بها، فعلى ذلك الأول، واللَّه أعلم.
ومن الناس من قال: إن الأقسام التي جرى ذكرها في القرآن بالأشياء التي ذكرها لو لم يكن القسم بها، لكانت تلك الأشياء تؤكد وتوجب القسم، وتؤكد أن لو وقع بها القسم؛ لأن الأقسام فيه إنما جرى أكثرها في إيجاب البعث والتوحيد، وإثبات الرسالة، ونحوها، وما جرى ذكرها لو لم يكن القسم بها، لكانت توجب ما يوجب القسم؛ لأن في هذه الأشياء دلالات على البعث والتوحيد والرسالة، واللَّه الموفق.
505
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٧٥:الآيتان ٧٥ و٧٦ وقوله تعالى :﴿ * فلا أقسم بمواقع النجوم ﴾ ﴿ وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ﴾ عن ابن مسعود وإبراهيم أنهما قرأا بموقع على الوحدان١ وعن الحسن أنه قرأها ﴿ بمواقع ﴾ على الجمع، وبه أخذ أبو عبيد، وقال : إن بعض أهل التأويل يتأولونها على منازل القرآن، وبعضهم على مغائب الكواكب٢ ومساقطها.
وأي الوجهين كان فالجمع فيه أولى من الوحدان.
ثم اختلف في قوله :﴿ * فلا أقسم بمواقع النجوم ﴾ منهم من قال : إن حرف لا ههنا صلة ؛ كأنه قال : أقسم بمواقع النجوم، وذلك جائز في اللغة كقوله :﴿ ما منعك ألا تسجد ﴾[ الأعراف : ١٢ ] ونحوه يكون على الصلة، والزيادة على التوكيد.
ومنهم من قال على إثبات حرف لا. لكنه جعل ذكره لرد قول كان من أولئك الكفرة ولدفع منازعة كانت منهم، لكن لم يذكر ذلك لما كانت معروفة بينهم، فرد ذلك بقوله :﴿ فلا ﴾ ثم ابتدأ القسم بقوله :﴿ أقسم ﴾ كأنه قال : أقسم قسما بمواقع النجوم.
ثم اختلف في تأويل قوله :﴿ بمواقع النجوم ﴾ على الوجهين اللذين ذكرناهما :
[ أحدهما : ما ]٣ قال بعضهم :﴿ بمواقع النجوم ﴾ أي بمواقع نزول القرآن نجوما :
دليله ما ذكر على إثره :﴿ إنه لقرآن كريم ﴾ ﴿ في كتاب مكنون ﴾ [ الآيتان : ٧٧ و٧٨ ].
والثاني :﴿ بمواقع النجوم ﴾ المعروفة على ما قال بعضهم.
ثم إن كان المراد منه[ مغائب الكواكب ]٤ فالقسم بها يكون على وجوه :
أحدها : لعظم مواقع النجوم ومحلها في القلوب وجليل قدرها عند الناس حتى يجعلها بعض/٥٤٧ أ/ الملحدة مدبرة الخلق.
[ والثاني ]٥ لكثرة منافع الخلق بها من معرفة [ الطرق ]٦ بها والسبل ومعرفة كثرة الأنداء والمياه ومعرفة الأوقات والأزمنة وغيرها مما يكثر ذكرها.
[ والثالث ]٧ :﴿ بمواقع النجوم ﴾ أي بمساقطها ؛ وفي ذلك إخبار وإنباء عن شدة طاعة النجوم وتسخيره إياها للخلق حتى٨ تملك قطع مسيرة خمس مئة [ عام ]٩ بيوم وليلة واحدة مالا يتوهم قطع ذلك من سواها من ذوي الأرواح والأجنحة التي هي أسرع لقطع المسافة والوصول إلى مقاصدها، والله أعلم.
ثم قال أهل التأويل بأجمعهم : إن القسم بها من الله تعالى، وجائز أن يكون القسم من الرسول صلى الله عليه وسلم لكن أضاف إلى نفسه تعليما منه لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسم برب هذه الأشياء إذا [ لم يقع ]١٠ التنازع بينهم وبين رسول الله تعالى ليقسم، وإنما وضع القسم لتأكيد الخبر عند الإنكار والتنازع في ما بينهم وبين الرسل عليهم السلام.
وكذلك ما ذكر :﴿ فلا أقسم برب المشارق والمغارب ﴾ [ المعارج : ٤٠ ] ليس من الرسول ؛ إذ لا يحتمل أن يكون الرب عز وجل هو المقسم، ويقول :﴿ برب المشارق والمغارب ﴾ وظاهره١١ أن يكون الرسول هو المقسم بها. فعلى ذلك الأول، والله أعلم.
ومن الناس من قال : إن الأقسام التي جرى ذكرها في القرآن بالأشياء التي ذكرها لو لم يكن القسم بها لكانت تلك الأشياء تؤكد، وتوجب القسم ؛ وتؤكد أن لو وقع بها القسم، لأن الأقسام فيه إنما جرى أكثرها في إيجاب البعث والتوحيد وإثبات الرسالة، ونحوها وما جرى ذكرها، لو لم يكن القسم لها لكان يوجب ما يوجب القسم، لأن في هذه الأشياء دلالات على البعث والتوحيد والرسالة، والله الموفق.
١ انظر معجم القراءات القرآنية ح٧/٧٣..
٢ في الأصل و م: الكوكب..
٣ في الأصل و م: و..
٤ في الأصل و م: الكوكب..
٥ في الأصل و م: أو..
٦ من م، ساقطة من الأصل..
٧ في الأصل و م: أو..
٨ في الأصل و م: حيث..
٩ من نسخة الحرم المكي، ساقطة من الأصل و م..
١٠ ساقطة من الأصل و م.
١١ من نسخة الحرم المكي، في الأصل و م: بظاهره..

وقوله: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) على قول من يجعل القسم بالقرآن، فهو ظاهر: أن يقول: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ)، أي: الذي أقسم به وأنزله نجومًا هو كريم.
وعلى التأويل الذي يجعل القسم بالنجوم المعروفة، يجعل قوله: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) ابتداء ذكر منه له.
ثم تسميته القرآن: كريما، يخرج على وجوه:
أحدها: وصفه بالكرم؛ لما هو محل لقضاء الحوائج الدنيوية والأخروية، وفي العرف: الكريم: من نصب نفسه وأعدها لقضاء حوائج الخلق والقيام لإنجازها.
أو وصفه بالكرم؛ لأن من اتبعه، كرم وشرف.
أو كريم عند اللَّه عظيم: لذلك وصفه بالكرم، واللَّه أعلم.
وقوله: (فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (٧٨) قال أهل التأويل: في اللوح المحفوظ؛ سماه مكنونا: لأنه مستور على خلقه عند اللَّه.
وقال - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩) يقول: لا يمس ذلك إلا المطهرون.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: هم الملائكة الذين يجري ذلك على أيديهم؛ كقوله تعالى: (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ. كِرَامٍ بَرَرَةٍ)، طهروا من الذنوب والآثام، وكأنه ذكر هذا ليأمنوا عن تحريف هذا الكتاب وتبديله، وهو ما قال على أثره: (تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٨٠) أي: أنه مكنون عمن يحرفه ويبدله، وأنه لا يمسه إلا المطهرون من الذنوب، والتحريف: إثم وذنب من رب العالمين، وهو كما ذكر في آية أخرى: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ)، ، وقال: (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى)، أخبر أن الذي نزل به من السماء أمين، لا يكون منه التحريف ولا التبديل، وأنه قوي، لا يقدر أحد من جني وإنسي أخذه من يده، ولا تحريفه، ثم تمام الأمن بقوله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)، وكل حفظه إلى نفسه؛ لا إلى أحد من خلقه؛ فصار محفوظا عن التبديل والتحريف، واللَّه أعلم.
وقوله: (أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (٨١) قَالَ بَعْضُهُمْ: أفبهذا القرآن أنتم كافرون؟ (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (٨٢) اللَّه تعالى جعل هذا القرآن حياة الدِّين وقوامه، والرزق حياة الأبدان وما به قوامها، فكذبوا الأمرين جميعا، ما به حياة الدِّين والأبدان جميعا.
ثم يخرج ما ذكر من تكذب الرزق على وجوه:
أحدها: ما ذكر بعض الناس أهل التأويل: أنهم كانوا يقولون: رزقنا بنوء كذا؛ كانوا
الآية ٧٨ وقوله تعالى :﴿ في كتاب مكنون ﴾ قال أهل التأويل : في اللوح المحفوظ ؛ سماه مكنونا لأنه مستور عن خلقه عند الله.
الآية ٧٩ وقوله تعالى :﴿ لا يمسه إلا المطهرون ﴾ يقول : لا يمس ذلك إلا المطهرون. وقال بعضهم : هم الملائكة الذين يجري ذلك على أيديهم كقوله تعالى :﴿ بأيدي سفرة ﴾ ﴿ كرام بررة ﴾ [ عبس : ١٥ و ١٦ ] طهروا من الذنوب والآثام. وكان ذكر هذا ليأمنوا من تحريف هذا الكتاب وتبديله.
الآية ٨٠ وهو ما قال على إثره :﴿ تنزيل من رب العالمين ﴾ أي إنه مكنون عمن يحرفه، ويبدله، وإنه ﴿ لا يمسه إلا المطهرون ﴾ من الذنوب، والتحريف إثم وذنب [ وإنه ]١ من رب العالمين. وهو كما ذكر في آية أخرى :﴿ نزل به الروح الأمين ﴾﴿ على قلبك ﴾ [ الشعراء : ١٩٣ و١٩٤ ] وقال [ في آية أخرى ]٢ :﴿ علمه شديد القوى ﴾ [ النجم : ٥ ].
أخبر أن الذي نزل به من السماء أمين، لا يكون منه التحريف ولا التبديل، وأنه قوي، ولا يقدر أحد من جن أو إنس أخذه من يده ولا تحريفه.
ثم تمام الأمن بقوله تعالى :﴿ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ﴾ [ الحجر : ٩ ] وكل حفظه إلى نفسه لا إلى أحد من خلقه، فصار محفوظا من التبديل والتحريف، والله أعلم.
١ ساقطة من الأصل و م..
٢ ساقطة من الأصل و م..
الآية ٨١ وقوله تعالى :﴿ أفبهذا الحديث أنتم مدهنون ﴾ قال بعضهم : أفبهذا القرآن أنتم كافرون ؟
الآية ٨٢ [ وقوله تعالى :]١ ﴿ وتجعلون رزقكم أنكم تكذّبون ﴾ الله تعالى جعل هذا القرآن حياة للدين وقواما، والرزق حياة للأبدان وما به قوامها، فكذبوا الأمرين جميعا ما به حياة الدين وحياة الأبدان جميعا.
ثم يخرج ما ذكر من تكذيب الرزق على وجوه :
أحدها : ما ذكر بعض الناس [ من ]٢ أهل التأويل : إنهم كانوا يقولون : رزقنا بنوء كذا ؛ كانوا ينسبون الرزق [ إلى ]٣ ذلك النوء. فهذا يرد٤ على قول المنجمة : إن النجوم هي مدبرة العالم وأرزاقهم، لا يجعلون لله في ذلك تدبيرا.
وأما من ينسب الرزق إلى الله تعالى، ويقول : رزقنا الله تعالى بنوء كذا فليس في ذلك تكذبيه، إنما يخرج ذكر النوء [ على ]٥ ذكر سبب من الأسباب التي يرزق الله تعالى بها، وكذلك من رأى الرزق من الأسباب خاصة.
وأما من يقول : رزقنا الله تعالى بسبب كذا فذلك جائز القول به.
[ والثاني : ما ]٦ قال بعضهم :﴿ وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ﴾ أي تجعلون شكر الرزق التكذيب. وبه قال أبو عبيدة.
[ والثالث :]٧ جائز أن يكون تكذيبهم الرزق صرف تسمية الألوهية إلى غير الذي رزقهم والعبادة لغير المستحق لها، والله أعلم.
وقال الحسن :﴿ تجعلون رزقكم أنكم تكذبون ﴾ بئسما أجدّ القوم لأنفسهم حتى لم يرزقوا من كتاب الله تعالى إلا التكذيب ؛ يقول : صار حظكم من القرآن التكذيب، ويجعل هذه الآية [ مع الآية الأولى ]٨ :﴿ أفبهذا الحديث أنتم مدهنون ﴾.
وقال أبو بكر الأصم في هذه الآية :﴿ وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ﴾ :﴿ وتجعلون رزقكم ﴾ وهو هذا القرآن الذي خصكم به دون آبائكم، ورزقكم به ما لم يرزق آبائكم منه، ثم جعلتم تكذبون ذلك الرزق الذي خصصتم به، ورزقتم، أو كلام من نحوه، وهو كقوله تعالى :﴿ وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم ﴾ [ الأنعام : ٩١ ]. وقال في قوله تعالى :﴿ أفبهذا الحديث أنتم مدهنون ﴾ : هو الذي يري الموافقة، ويحتال في دفع حجة ما يلزمه، ويرد عليه، أو كلام يشبه معناه هذا، والله أعلم.
وقال أبو معاذ : مدهن ومداهن لغتان، ثم أصل المداهنة من المخادعة ؛ يقال : داهنته، وأدهنته، ثم الفرق بين المداهنة والمداراة. كأن المداهنة لطمع له فيه : يخادعه حتى يصل إلى ما يطمع، والمداراة الشفقة، يداريه إشفاقا عليه ليتحقق عنده الحق، ليسلم له، وإلا هما في الظاهر واحد، وهما الملاينة وخفض الجناح. لكن الفرق بينهما ما ذكرنا، والله أعلم.
١ ساقطة من الأصل و م..
٢ ساقطة من الأصل و م..
٣ ساقطة من الأصل و م..
٤ في الأصل و م: يخرج..
٥ ساقطة من الأصل و م..
٦ في الأصل و م: و..
٧ في الأصل و م: و..
٨ من م، في الأصل: أولى..
ينسبون الرزق لذلك النوء؛ فهذا يخرج على قول المنجمة: إن النجوم هي مدبرة العالم ورازقتهم؛ لا يجعلون لله تعالى في ذلك تدبيرا.
فأما من ينسب الرزق إلى اللَّه تعالى، ويقول: رزقنا اللَّه بنوء كذا، فليس في ذلك تكذيبه؛ إنما يخرج ذكر النوء ذكر سبب من الأسباب التي يرزق اللَّه تعالى بها، وكذلك من رأى الرزق من الأسباب خاصة، وأما من يقول: رزقنا تعالى بسبب كذا، فذلك جائز القول به.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) أي: تجعلون شكر الرزق التكذيب؛ وبه قال أبو عبيدة.
وجائز أن يكون تكذيبهم الرزق: صرف تسمية الألوهية إلى غير الذي رزقهم، والعبادة لغير المستحق لها، واللَّه أعلم.
وقال الحسن: (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) بئسما أخذ القوم لأنفسهم؛ حتى لم يرزقوا من كتاب اللَّه تعالى إلا التكذيب؛ يقول: صار حظكم من القرآن التكذيب، ويجعل هذه الآية مع الآية الأولى: (أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ).
وقال أبو بكر الأصم في هذه الآية: (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ)، وهو هذا القرآن الذي خصكم به دون آبائكم، ورزقتم به ما لم يرزق آباؤكم منه، ثم جعلتم تكذبون بذلك الرزق الذي خصصتم به ورزقتم، أو كلام من نحوه، وهو كقوله تعالى: (وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ).
وقال في قوله تعالى: (أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ): هو الذي يرى الموافقة، ويحتال في دفع حجة ما يلزمه ويرد عليه، أو كلام يشبه معناه هذا، واللَّه أعلم.
وقال أبو معاذ: مُدَّهِن وَمُدْهِن لغتان، ثم أصل المداهنة من المخادعة، يقال: داهنته وادهنته.
ثم الفرق بين المداهنة والمداراة كأن المداهنة؛ لطمع له فيه مخادعة حتى يصل إلى ما يطمع، والمداراة الشفقة، يداريه إشفاقًا عليه ليتحقق له عليه الحق؛ ليسلم له دينه، وإلا هما في الظاهر واحد، وهما الملاينة وخفض الجناح، لكن الفرق بينهما ما ذكرنا، والله أعلم.
وقوله: (فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤) ليس هذا الكلام صلة ما تقدم
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٨٣:الآيتان ٨٣ و ٨٤ وقوله تعالى :﴿ فلولا إذا بلغت الحلقوم ﴾ ﴿ وأنتم حينئذ تنظرون ﴾ ليس هذا الكلام صلة ما تقدم من الكلام. ثم يشبه أن يكون صلة ما قال أولئك الكفرة : لو كانوا عندنا لما ماتوا ؛ وما قتلوا، يقول، والله اعلم : لو كانوا عندكم لم يموتوا، ولم يقتلوا، على ما زعمتم. فهلا، إذا كانوا عندكم، فبلغت الأرواح الحلقوم [ تقدرون ]١ أن ترجعوها، وتردّوها إلى الأجساد التي كانت [ فيها ]٢ لو كنتم صادقين في قولكم : لو كانوا عندنا لما ماتوا وما قتلوا. على هذا جائز أن يخرج تأويل الآية، والله أعلم.
وقوله تعالى :﴿ وأنتم حينئذ تنظرون ﴾ يخرج على وجهين :
أحدهما :﴿ تنظرون ﴾ خروج الروح ؛ إنها متى تخرج، فلا يملكون ردها إلى حيث كانت، ولكن ينتظرون خروجها متى تخرج.
والثاني :﴿ وأنتم حينئذ تنظرون ﴾ [ على حقيقة النظر، أي تنظرون ]٣ إلى سلطاني وقدرتي.
وقيل : هو من الانتظار، أي تنتظرون أن يحل بكم الموت، [ وهو ]٤ ما ذكرنا.
وجائز أن يكون قوله :﴿ وأنتم حينئذ تنظرون ﴾ لأنهم كانوا يعبدون الأصنام رجاء أن تشفع لهم في ضيق الحال [ وإنما يضيق الحال ]٥ عليهم والأمر٦ عند حلول الموت ؛ إذ لا بعث عندهم، فيقول :﴿ فلولا إذا بلغت الحلقوم ﴾ فتشفع لهم الأصنام التي يعبدونها، وترد الروح٧ إلى المكان الذي كانت [ فيه ]٨ فإذا لم تملك ذلك فكيف عبدتموها ؟ والله أعلم.
١ ساقطة من الأصل و م..
٢ ساقطة من الأصل و م..
٣ من م، ساقطة من الأصل و م..
٤ ساقطة من الأصل وم..
٥ من م، ساقطة من الأصل..
٦ الواو ساقطة من الأصل وم.
٧ في الأصل و م: الأرواح..
٨ ساقطة من الأصل و م..

من الكلام.
ثم يشبه أن يكون صلة ما قال أُولَئِكَ للمؤمنين: (لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا)، يقول - واللَّه أعلم -: لو كانوا عندكم لم يموتوا ولم يقتلوا على ما زعمتم، فهلا إذا كانوا عندكم، وقد بلغت الأرواح الحلقوم أن ترجعوها، وتردوها إلى الأجساد التي كانت لو كنتم صادقين في قولكم: (لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا...) الآية، على هذا جائز أن يخرج تأويل الآية، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ) يخرج على وجهين:
أحدهما: (تَنْظُرُونَ) أي: تنتظرون خروج الروح أنها متى تخرج؟ لا تملكون ردها إلى حيث كانت، ولكن تنتظرون خروجها متى تخرج؟
والثاني: (وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ) على حقيقة النظر؛ أي: تنظرون إلى سلطاني وقدرتي.
وقيل: هو من الانتظار؛ أي: تنتظرون أن يحل بكم الموت، وهو ما ذكرنا.
وجائز أن يكون قوله: (وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ)؛ لأنهم كانوا يعبدون الأصنام رجاء أن تشفع لهم في ضيق الحال، وإنما يضيق الحال عليهم الأمر عند حلول الموت؛ إذ لا بعث عندهم، فيقول: فلولا إذا بلغت الأرواح الحلقوم فتنفع لهم الأصنام التي يعبدونها، وترد الأرواح إلى المكان الذي كانت، فإذا لم تملك ذلك فكيف عبدتموها؟ واللَّه أعلم.
وقوله: (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (٨٥) قال بعض أهل التأويل: (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ) أي: ملائكتي ورسلي في ذلك الوقت أقرب إليه منكم (وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ) الملائكة، لكن أضاف إلى نفسه؛ لما أن الملائكة بأمره وتسليطه يعملون.
وقيل: نحن أقرب إليه منكم، أي: أولى به في ذلك الوقت؛ لما يعلم هو خطأه، ويتبين له الحق في ذلك الوقت من الباطل: (وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ) أنتم، أي: لا تعلمون ذلك، واللَّه أعلم.
وقوله: (فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (٨٦) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٨٧) قَالَ بَعْضُهُمْ: (غَيْرَ مَدِينِينَ) أي: لو كنتم غير مملوكين لله تعالى على ما زعمتم، ترجعون الأرواح، وتردونها إلى الأجساد التي كانت فيها؛ إن كنتم صادقين: أنكم غير مملوكين، فإذا كنتم عندكم غير مملوكين، تكونون مالكين؛ إذ ليس إلا المملوك والمالك، فإذا لم تكونوا مملوكين تكونون مالكين فتملكون ردها إلى ما فيها، فإذا لم تملكوا كنتم مملوكين، واللَّه أعلم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (غَيْرَ مَدِينِينَ) أي: غير محاسبين ولا مجزيين، فردوا النشأة الأولى،
الآيتان ٨٦ و٨٧ وقوله تعالى :﴿ فلولا إن كنتم غير مدينين ﴾ ﴿ ترجعونها إن كنتم صادقين ﴾ قال بعضهم :﴿ غير مدينين ﴾ أي لو كنتم غير مملوكين لله تعالى على [ ما ]١ زعمتم ترجعون الأرواح، وتردّونها إلى الأجساد التي كانت فيها. ﴿ إن كنتم غير مدينين ﴾ أنكم غير مملوكين. فإذا كنتم عندكم غير مملوكين تكونون مالكين ؛ إذ ليس إلا المملوك والمالك. فإذا لم تكونوا مملوكين تكونون مالكين، فتملكون ردها إلى ما [ كانت ]٢ فيها. فإذا لم تملكوا كنتم مملوكين، والله اعلم.
وقال بعضهم :﴿ غير مدينين ﴾ أي غير محاسبين ولا مجزيّين، فردوا النشأة الأولى، واجعلوها بأنفسكم حتى تكون النشأة الأولى حكمة إذ لم تملكوا رد هذه الأرواح إلى الأنفس، أو اجعلوا النشأة الأولى [ لغير الذي يكوّن النشأة الأخرى حتى تكون النشأة الأولى ]٣ حكمة، والله أعلم.
١ من م، ساقطة من الأصل..
٢ ساقطة من الأصل و م..
٣ من نسخة الحرم المكي، ساقطة من الأصل و م..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٨٦:الآيتان ٨٦ و٨٧ وقوله تعالى :﴿ فلولا إن كنتم غير مدينين ﴾ ﴿ ترجعونها إن كنتم صادقين ﴾ قال بعضهم :﴿ غير مدينين ﴾ أي لو كنتم غير مملوكين لله تعالى على [ ما ]١ زعمتم ترجعون الأرواح، وتردّونها إلى الأجساد التي كانت فيها. ﴿ إن كنتم غير مدينين ﴾ أنكم غير مملوكين. فإذا كنتم عندكم غير مملوكين تكونون مالكين ؛ إذ ليس إلا المملوك والمالك. فإذا لم تكونوا مملوكين تكونون مالكين، فتملكون ردها إلى ما [ كانت ]٢ فيها. فإذا لم تملكوا كنتم مملوكين، والله اعلم.
وقال بعضهم :﴿ غير مدينين ﴾ أي غير محاسبين ولا مجزيّين، فردوا النشأة الأولى، واجعلوها بأنفسكم حتى تكون النشأة الأولى حكمة إذ لم تملكوا رد هذه الأرواح إلى الأنفس، أو اجعلوا النشأة الأولى [ لغير الذي يكوّن النشأة الأخرى حتى تكون النشأة الأولى ]٣ حكمة، والله أعلم.
١ من م، ساقطة من الأصل..
٢ ساقطة من الأصل و م..
٣ من نسخة الحرم المكي، ساقطة من الأصل و م..

واجعلوها بأنفسكم حتى تكون النشأة الأولى حكمة؛ إذ لم تملكوا رد هذه الأرواح إلى الأنفس، أو اجعلوا النشأة الأولى حكمة، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (٨٩) إلى آخره، اختلف في وقت ما ذكر ولمن ذكر ذلك؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: إن ذلك يقال لهم عند الموت؛ بشارة لهم بما يكون لهم في الجنة.
ومنهم من يقول: إنما يقال ذلك إذا دخل هَؤُلَاءِ الجنة، وأُولَئِكَ النار؛ أعني: الكافرين، وهو ما ذكر، (وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ. فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ. وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ. إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ).
وجائز أن يكون يقال ذلك لهم عند رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في الجنة، وصفًا لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - عنده في الجنة، ومكانهم لديه، على ما كانوا عنده في الدنيا السابقين كانوا في الدنيا المقربين عنده، ومكانهم لديه أقرب من مكان غيرهم من المؤمنين؛ فعلى ذلك يخبر أن السابقين في الإجابة يكونون في الآخرة عنده أقرب، ويكون قوله: (فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ) أي: يستأنس هو بهم ويستأنسون به، لا يفارقونه ولا يفارقهم، على ما كانوا في الدنيا، وسائر المؤمنين يسلمون عليه في أوقات، وهو ما ذكر: و (فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ) على ما كانوا يفعلون في الدنيا، وهو أقرب من الوجهين اللذين ذكرناهما.
ويحتمل ما ذكروا من البشارة عند الموت -أعني للمؤمنين والكافرين- في حق المؤمنين: (فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ. فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ)، (وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ...) كذا، وفي حق الكفرة: (وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (٩٢) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (٩٣)...) الآية.
ويحتمل ما ذكر بعضهم: أن ذلك يقال لهم بعدما دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ) اختلف في تأويله وتلاوته:
أما تلاوته: روي عن عائشة - رضي اللَّه عنها - قالت: كان رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يقرأ هذا الحرف (فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ) تعني: بضم الراء.
وعن الحسن: أنه قرأها بالضم أيضا.
وعن الضحاك: بفتح الراء، وعليه جميع القراء.
وقال أبو عبيد: لولا كراهة خلاف الأمة، وإلا ما قرأتها إلا بالضم، ولكن لا أجد أحدًا عليها، فأستوحش من مفارقة الناس، ولا يجمع اللَّه تعالى أمة مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - على الضلالة.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٨٨:الآيتان ٨٨- ٩٤ وقوله تعالى :﴿ فأما إن كان من المقربين ﴾ ﴿ فروح وريحان وجنات نعيم ﴾ [ ﴿ وأما إن كان من أصحاب اليمين ﴾ ﴿ فسلام لك من أصحاب اليمين ﴾ ﴿ وأما إن كان من المكذبين الضالين ﴾ ﴿ فنزل من حميم ﴾ ﴿ وتصلية جحيم ﴾ ]١ اختلف في وقت ما ذكر لمن ذكر ذلك.
قال بعضهم : إن ذلك :[ ﴿ فأما إن كان من المقربين ﴾ ﴿ فروح وريحان وجنات نعيم ﴾ ﴿ وأما إن كان من أصحاب اليمين ﴾ ﴿ فسلام لك من أصحاب اليمين ﴾ ]٢ [ الآيات : ٨٨ – ٩١ ] يقال للمؤمنين٣ عند الموت بشارة لهم بما يكون لهم في الجنة.
ومنهم من يقول : إنما يقال ذلك إذا دخل هؤلاء الجنة وأولئك النار ؛ أعني الكافرين، وهو ما ذكر :﴿ وأما إن كان من المكذبين الضالين ﴾ ﴿ فنزل من حميم ﴾ ﴿ وتصلية جحيم ﴾ [ الآيات : ٩٢ إلى ٩٤ ].
وجائز أن يكون يقال ذلك للمؤمنين٤ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة [ وهو ]٥ وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿ ومن ﴾٦عنده في الجنة ومكانهم لديه على ما كانوا في الدنيا : المقربون عنده ومكانهم لديه أقرب من مكان غيرهم من المؤمنين.
فعلى ذلك يخبر أن السابقين في الإجابة يكونون في الآخرة عنده أقرب. ويكون قوله :﴿ فروح وريحان ﴾ أي يستأنس هو بهم، ويستأنسون به، لا يفارقونه، ولا يفارقهم، على ما كانوا في الدنيا.
وسائر المؤمنين يسلمون عليه في أوقات، وهو ما ذكر :﴿ فسلام لك من أصحاب اليمين ﴾ [ الآية : ٩١ ] على ما كانوا يفعلون في الدنيا، وهو أقرب من الوجهين اللذين ذكرناهما.
ويحتمل ما ذكروا من البشارة عند الموت ؛ أعني المؤمنين والكافرين :
في حق المؤمنين [ قوله تعالى ]٧ :﴿ فأما إن كان من المقربين ﴾ ﴿ فروح وريحان وجنات نعيم ﴾ ﴿ وأما إن كان من أصحاب اليمين ﴾ [ ﴿ فسلام لك من أصحاب اليمين ﴾ ]٨ [ الآيات : ٨٨ – ٩١ ].
وفي حق الكفرة [ قوله تعالى ]٩ :﴿ وأما إن كان من المكذبين الضالين ﴾ ﴿ فنزل من حميم ﴾ ﴿ وتصلية جحيم ﴾ [ الآيات : ٩٢ - ٩٤ ].
ويحتمل [ ما ]١٠ ذكر بعضهم أن ذلك يقال لهم بعد ما دخل أهل الجنة الجنة وأصحاب النار النار، والله أعلم.
وقوله تعالى :﴿ فروح وريحان وجنات نعيم ﴾ اختلف في تلاوته [ وتأويله ]١١.
أما تلاوته [ فقد ]١٢ روي عن عائشة رضي الله عنها [ أنها ]١٣ قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذا الحرف : فروح وريحان ؛ يعني بضم١٤ الراء، وعن الحسن أنه قرأها بالضم أيضا، وعن الضحاك بفتح الراء، وعليه جميع القراء.
وقال أبو عبيد : لولا كراهة خلاف الأمة وإلا ما قرأتها إلا بالضم، ولكن لا أجد عليها أحد، فأستوحش من مفارقة الناس، ولا يجمع الله تعالى أمة محمد صلى الله عليه وسلم على الضلالة.
وأما تأويله فعلى قراءة الرفع عن الحسن [ أنه ]١٥ قال : الروح الرحمة، والريحان ريحانها، وعن أبي عبيد [ أنه ]١٦ قال : بالرفع هي١٧ الحياة والبقاء، وعن الضحاك بالفتح : الروح الاستراحة، والريحان الرزق.
وقال بعضهم : الروح كناية عن دوام النعمة والسعة ؛ يقال : فلان في روح إذا كان في سعة ونعمة، والريحان كناية عن الشرف والمنزلة ؛ يقال : فلان ريحاني، وذلك لشرفه ومنزلته. ومنهم من قال : الروح الراحة، والريحان الرزق في الجنة.
وقال بعضهم : الروح بالرفع من الرحمة، وبالنصب الراحة، ونحن نقول : جائز أن يكونا جميعا بالنصب والرفع من الرحمة لقوله تعالى :﴿ إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون ﴾١٨ [ يوسف : ٨٧ ] أي من رحمته وقوله١٩ في موضع آخر ﴿ وأيدهم بروح منه ﴾ [ المجادلة : ٢٢ ] يخبر الله تعالى أن المقربين يكونون في رحمة الله ونعمته، والله أعلم.
وقوله تعالى :﴿ وأما إن كان من أصحاب اليمين ﴾﴿ فسلام لك من أصحاب اليمين ﴾ [ الآيتان : ٩٠ و٩١ ] يحتمل ما وصفنا أن أصحاب اليمين يسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم ويحيّي بعضهم بعضا بالسلام.
ويحتمل ﴿ فسلام لك ﴾ [ أي السلامة لك ]٢٠ منهم من جميع الآفات والأذى.
وذكر في حرف ابن مسعود رضي الله عنه : فسلام إنك من أصحاب اليمين. فهذا إن ثبت فهو يخرج على البشارة له عند الموت، والله أعلم.
وقيل : يسلم عليهم الملائكة، والله أعلم.
١ في الأصل و م: إلى أخره..
٢ ساقطة من الأصل و م..
٣ في الأصل و م: لهم..
٤ في الأصل و م: لهم..
٥ ساقطة من الأصل و م..
٦ ساقطة من الأصل وم.
٧ ساقطة من الأصل و م..
٨ في الأصل و م: كذا..
٩ ساقطة من الأصل و م..
١٠ ساقطة من الأصل و م..
١١ من م، ساقطة من الأصل و م..
١٢ ساقطة من الأصل و م..
١٣ ساقطة من الأصل و م..
١٤ انظر معجم القراءات القرآنية ج ٧/٧٠..
١٥ ساقطة من الأصل و م..
١٦ ساقطة من الأصل و م..
١٧ في الأصل و م..
١٨ انظر معجم القراءات القرآنية ج ٣/١٨٩..
١٩ في الأصل و م: وقال..
٢٠ من م، ساقطة من الأصل..

وأما تأويله: فعلى قراءة الرفع، عن الحسن قال: الروح: الرحمة، والريحان: ريحاننا.
وعن أبي عبيد قال: بالرفع: هو الحياة والبقاء.
وعن الضحاك: بالفتح: الروح: الاستراحة، والريحان: الرزق.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: الروح: كناية عن دوام النعمة والسعة، يقال: فلان في روح؛ إذا كان في سعة ونعمة، والريحان: كناية عن الشرف والمنزلة، يقال: فلان ريحاني؛ وذلك لشرفه ومنزلته عنده.
ومنهم من قال: الروح: الراحة، والريحان: الرزق في الجنة.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: الروح -بالرفع-: من الرحمة، وبالنصب: الراحة.
ونحن نقول: جائز أن يكونا جميعا بالنصب والرفع من الرحمة؛ لقوله: (لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)، أي: من رحمته، وقال في موضع آخر: (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ)، أي: برحمة منه، يخبر اللَّه تعالى أن المقربين يكونون في الجنة في رحمة اللَّه ونعمته، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩٠) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩١) يحتمل ما وصفنا أن أصحاب اليمين يسلمون على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، ويحيي بعضهم بعضا بالسلام.
ويحتمل (فَسَلَامٌ لَكَ) أي: السلامة لك منهم من جميع الآفات والأذى.
وذكر في حرف ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (فسلام إنك من أصحاب اليمين)، فهذا إن ثبت فهو يخرج على البشارة له عند الموت، واللَّه أعلم.
وقيل: يسلم عليهم الملائكة، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (٩٥) يقول: هذا الذي ذكرنا للمقربين، ولأصحاب اليمين، وللمكذبين هو حق اليقين؛ أي كائن لا محالة، لا شك فيه؛ مثل هذا يقال على التأكيد وتحقيق ما سبق ذكره ووصفه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٩٦) يقول - واللَّه أعلم - فسبح ربك باسم لا يسمى به غيره؛ أي: نزهه عن جميع ما قالت الملاحدة فيه من الولد والشريك، وتسمية من دونه: إلها وغير ذلك، واللَّه الموفق للسداد وإليه المرجع والمآب.
* * *
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٨٨:الآيتان ٨٨- ٩٤ وقوله تعالى :﴿ فأما إن كان من المقربين ﴾ ﴿ فروح وريحان وجنات نعيم ﴾ [ ﴿ وأما إن كان من أصحاب اليمين ﴾ ﴿ فسلام لك من أصحاب اليمين ﴾ ﴿ وأما إن كان من المكذبين الضالين ﴾ ﴿ فنزل من حميم ﴾ ﴿ وتصلية جحيم ﴾ ]١ اختلف في وقت ما ذكر لمن ذكر ذلك.
قال بعضهم : إن ذلك :[ ﴿ فأما إن كان من المقربين ﴾ ﴿ فروح وريحان وجنات نعيم ﴾ ﴿ وأما إن كان من أصحاب اليمين ﴾ ﴿ فسلام لك من أصحاب اليمين ﴾ ]٢ [ الآيات : ٨٨ – ٩١ ] يقال للمؤمنين٣ عند الموت بشارة لهم بما يكون لهم في الجنة.
ومنهم من يقول : إنما يقال ذلك إذا دخل هؤلاء الجنة وأولئك النار ؛ أعني الكافرين، وهو ما ذكر :﴿ وأما إن كان من المكذبين الضالين ﴾ ﴿ فنزل من حميم ﴾ ﴿ وتصلية جحيم ﴾ [ الآيات : ٩٢ إلى ٩٤ ].
وجائز أن يكون يقال ذلك للمؤمنين٤ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة [ وهو ]٥ وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿ ومن ﴾٦عنده في الجنة ومكانهم لديه على ما كانوا في الدنيا : المقربون عنده ومكانهم لديه أقرب من مكان غيرهم من المؤمنين.
فعلى ذلك يخبر أن السابقين في الإجابة يكونون في الآخرة عنده أقرب. ويكون قوله :﴿ فروح وريحان ﴾ أي يستأنس هو بهم، ويستأنسون به، لا يفارقونه، ولا يفارقهم، على ما كانوا في الدنيا.
وسائر المؤمنين يسلمون عليه في أوقات، وهو ما ذكر :﴿ فسلام لك من أصحاب اليمين ﴾ [ الآية : ٩١ ] على ما كانوا يفعلون في الدنيا، وهو أقرب من الوجهين اللذين ذكرناهما.
ويحتمل ما ذكروا من البشارة عند الموت ؛ أعني المؤمنين والكافرين :
في حق المؤمنين [ قوله تعالى ]٧ :﴿ فأما إن كان من المقربين ﴾ ﴿ فروح وريحان وجنات نعيم ﴾ ﴿ وأما إن كان من أصحاب اليمين ﴾ [ ﴿ فسلام لك من أصحاب اليمين ﴾ ]٨ [ الآيات : ٨٨ – ٩١ ].
وفي حق الكفرة [ قوله تعالى ]٩ :﴿ وأما إن كان من المكذبين الضالين ﴾ ﴿ فنزل من حميم ﴾ ﴿ وتصلية جحيم ﴾ [ الآيات : ٩٢ - ٩٤ ].
ويحتمل [ ما ]١٠ ذكر بعضهم أن ذلك يقال لهم بعد ما دخل أهل الجنة الجنة وأصحاب النار النار، والله أعلم.
وقوله تعالى :﴿ فروح وريحان وجنات نعيم ﴾ اختلف في تلاوته [ وتأويله ]١١.
أما تلاوته [ فقد ]١٢ روي عن عائشة رضي الله عنها [ أنها ]١٣ قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذا الحرف : فروح وريحان ؛ يعني بضم١٤ الراء، وعن الحسن أنه قرأها بالضم أيضا، وعن الضحاك بفتح الراء، وعليه جميع القراء.
وقال أبو عبيد : لولا كراهة خلاف الأمة وإلا ما قرأتها إلا بالضم، ولكن لا أجد عليها أحد، فأستوحش من مفارقة الناس، ولا يجمع الله تعالى أمة محمد صلى الله عليه وسلم على الضلالة.
وأما تأويله فعلى قراءة الرفع عن الحسن [ أنه ]١٥ قال : الروح الرحمة، والريحان ريحانها، وعن أبي عبيد [ أنه ]١٦ قال : بالرفع هي١٧ الحياة والبقاء، وعن الضحاك بالفتح : الروح الاستراحة، والريحان الرزق.
وقال بعضهم : الروح كناية عن دوام النعمة والسعة ؛ يقال : فلان في روح إذا كان في سعة ونعمة، والريحان كناية عن الشرف والمنزلة ؛ يقال : فلان ريحاني، وذلك لشرفه ومنزلته. ومنهم من قال : الروح الراحة، والريحان الرزق في الجنة.
وقال بعضهم : الروح بالرفع من الرحمة، وبالنصب الراحة، ونحن نقول : جائز أن يكونا جميعا بالنصب والرفع من الرحمة لقوله تعالى :﴿ إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون ﴾١٨ [ يوسف : ٨٧ ] أي من رحمته وقوله١٩ في موضع آخر ﴿ وأيدهم بروح منه ﴾ [ المجادلة : ٢٢ ] يخبر الله تعالى أن المقربين يكونون في رحمة الله ونعمته، والله أعلم.
وقوله تعالى :﴿ وأما إن كان من أصحاب اليمين ﴾﴿ فسلام لك من أصحاب اليمين ﴾ [ الآيتان : ٩٠ و٩١ ] يحتمل ما وصفنا أن أصحاب اليمين يسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم ويحيّي بعضهم بعضا بالسلام.
ويحتمل ﴿ فسلام لك ﴾ [ أي السلامة لك ]٢٠ منهم من جميع الآفات والأذى.
وذكر في حرف ابن مسعود رضي الله عنه : فسلام إنك من أصحاب اليمين. فهذا إن ثبت فهو يخرج على البشارة له عند الموت، والله أعلم.
وقيل : يسلم عليهم الملائكة، والله أعلم.
١ في الأصل و م: إلى أخره..
٢ ساقطة من الأصل و م..
٣ في الأصل و م: لهم..
٤ في الأصل و م: لهم..
٥ ساقطة من الأصل و م..
٦ ساقطة من الأصل وم.
٧ ساقطة من الأصل و م..
٨ في الأصل و م: كذا..
٩ ساقطة من الأصل و م..
١٠ ساقطة من الأصل و م..
١١ من م، ساقطة من الأصل و م..
١٢ ساقطة من الأصل و م..
١٣ ساقطة من الأصل و م..
١٤ انظر معجم القراءات القرآنية ج ٧/٧٠..
١٥ ساقطة من الأصل و م..
١٦ ساقطة من الأصل و م..
١٧ في الأصل و م..
١٨ انظر معجم القراءات القرآنية ج ٣/١٨٩..
١٩ في الأصل و م: وقال..
٢٠ من م، ساقطة من الأصل..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٨٨:الآيتان ٨٨- ٩٤ وقوله تعالى :﴿ فأما إن كان من المقربين ﴾ ﴿ فروح وريحان وجنات نعيم ﴾ [ ﴿ وأما إن كان من أصحاب اليمين ﴾ ﴿ فسلام لك من أصحاب اليمين ﴾ ﴿ وأما إن كان من المكذبين الضالين ﴾ ﴿ فنزل من حميم ﴾ ﴿ وتصلية جحيم ﴾ ]١ اختلف في وقت ما ذكر لمن ذكر ذلك.
قال بعضهم : إن ذلك :[ ﴿ فأما إن كان من المقربين ﴾ ﴿ فروح وريحان وجنات نعيم ﴾ ﴿ وأما إن كان من أصحاب اليمين ﴾ ﴿ فسلام لك من أصحاب اليمين ﴾ ]٢ [ الآيات : ٨٨ – ٩١ ] يقال للمؤمنين٣ عند الموت بشارة لهم بما يكون لهم في الجنة.
ومنهم من يقول : إنما يقال ذلك إذا دخل هؤلاء الجنة وأولئك النار ؛ أعني الكافرين، وهو ما ذكر :﴿ وأما إن كان من المكذبين الضالين ﴾ ﴿ فنزل من حميم ﴾ ﴿ وتصلية جحيم ﴾ [ الآيات : ٩٢ إلى ٩٤ ].
وجائز أن يكون يقال ذلك للمؤمنين٤ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة [ وهو ]٥ وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿ ومن ﴾٦عنده في الجنة ومكانهم لديه على ما كانوا في الدنيا : المقربون عنده ومكانهم لديه أقرب من مكان غيرهم من المؤمنين.
فعلى ذلك يخبر أن السابقين في الإجابة يكونون في الآخرة عنده أقرب. ويكون قوله :﴿ فروح وريحان ﴾ أي يستأنس هو بهم، ويستأنسون به، لا يفارقونه، ولا يفارقهم، على ما كانوا في الدنيا.
وسائر المؤمنين يسلمون عليه في أوقات، وهو ما ذكر :﴿ فسلام لك من أصحاب اليمين ﴾ [ الآية : ٩١ ] على ما كانوا يفعلون في الدنيا، وهو أقرب من الوجهين اللذين ذكرناهما.
ويحتمل ما ذكروا من البشارة عند الموت ؛ أعني المؤمنين والكافرين :
في حق المؤمنين [ قوله تعالى ]٧ :﴿ فأما إن كان من المقربين ﴾ ﴿ فروح وريحان وجنات نعيم ﴾ ﴿ وأما إن كان من أصحاب اليمين ﴾ [ ﴿ فسلام لك من أصحاب اليمين ﴾ ]٨ [ الآيات : ٨٨ – ٩١ ].
وفي حق الكفرة [ قوله تعالى ]٩ :﴿ وأما إن كان من المكذبين الضالين ﴾ ﴿ فنزل من حميم ﴾ ﴿ وتصلية جحيم ﴾ [ الآيات : ٩٢ - ٩٤ ].
ويحتمل [ ما ]١٠ ذكر بعضهم أن ذلك يقال لهم بعد ما دخل أهل الجنة الجنة وأصحاب النار النار، والله أعلم.
وقوله تعالى :﴿ فروح وريحان وجنات نعيم ﴾ اختلف في تلاوته [ وتأويله ]١١.
أما تلاوته [ فقد ]١٢ روي عن عائشة رضي الله عنها [ أنها ]١٣ قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذا الحرف : فروح وريحان ؛ يعني بضم١٤ الراء، وعن الحسن أنه قرأها بالضم أيضا، وعن الضحاك بفتح الراء، وعليه جميع القراء.
وقال أبو عبيد : لولا كراهة خلاف الأمة وإلا ما قرأتها إلا بالضم، ولكن لا أجد عليها أحد، فأستوحش من مفارقة الناس، ولا يجمع الله تعالى أمة محمد صلى الله عليه وسلم على الضلالة.
وأما تأويله فعلى قراءة الرفع عن الحسن [ أنه ]١٥ قال : الروح الرحمة، والريحان ريحانها، وعن أبي عبيد [ أنه ]١٦ قال : بالرفع هي١٧ الحياة والبقاء، وعن الضحاك بالفتح : الروح الاستراحة، والريحان الرزق.
وقال بعضهم : الروح كناية عن دوام النعمة والسعة ؛ يقال : فلان في روح إذا كان في سعة ونعمة، والريحان كناية عن الشرف والمنزلة ؛ يقال : فلان ريحاني، وذلك لشرفه ومنزلته. ومنهم من قال : الروح الراحة، والريحان الرزق في الجنة.
وقال بعضهم : الروح بالرفع من الرحمة، وبالنصب الراحة، ونحن نقول : جائز أن يكونا جميعا بالنصب والرفع من الرحمة لقوله تعالى :﴿ إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون ﴾١٨ [ يوسف : ٨٧ ] أي من رحمته وقوله١٩ في موضع آخر ﴿ وأيدهم بروح منه ﴾ [ المجادلة : ٢٢ ] يخبر الله تعالى أن المقربين يكونون في رحمة الله ونعمته، والله أعلم.
وقوله تعالى :﴿ وأما إن كان من أصحاب اليمين ﴾﴿ فسلام لك من أصحاب اليمين ﴾ [ الآيتان : ٩٠ و٩١ ] يحتمل ما وصفنا أن أصحاب اليمين يسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم ويحيّي بعضهم بعضا بالسلام.
ويحتمل ﴿ فسلام لك ﴾ [ أي السلامة لك ]٢٠ منهم من جميع الآفات والأذى.
وذكر في حرف ابن مسعود رضي الله عنه : فسلام إنك من أصحاب اليمين. فهذا إن ثبت فهو يخرج على البشارة له عند الموت، والله أعلم.
وقيل : يسلم عليهم الملائكة، والله أعلم.
١ في الأصل و م: إلى أخره..
٢ ساقطة من الأصل و م..
٣ في الأصل و م: لهم..
٤ في الأصل و م: لهم..
٥ ساقطة من الأصل و م..
٦ ساقطة من الأصل وم.
٧ ساقطة من الأصل و م..
٨ في الأصل و م: كذا..
٩ ساقطة من الأصل و م..
١٠ ساقطة من الأصل و م..
١١ من م، ساقطة من الأصل و م..
١٢ ساقطة من الأصل و م..
١٣ ساقطة من الأصل و م..
١٤ انظر معجم القراءات القرآنية ج ٧/٧٠..
١٥ ساقطة من الأصل و م..
١٦ ساقطة من الأصل و م..
١٧ في الأصل و م..
١٨ انظر معجم القراءات القرآنية ج ٣/١٨٩..
١٩ في الأصل و م: وقال..
٢٠ من م، ساقطة من الأصل..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٨٨:الآيتان ٨٨- ٩٤ وقوله تعالى :﴿ فأما إن كان من المقربين ﴾ ﴿ فروح وريحان وجنات نعيم ﴾ [ ﴿ وأما إن كان من أصحاب اليمين ﴾ ﴿ فسلام لك من أصحاب اليمين ﴾ ﴿ وأما إن كان من المكذبين الضالين ﴾ ﴿ فنزل من حميم ﴾ ﴿ وتصلية جحيم ﴾ ]١ اختلف في وقت ما ذكر لمن ذكر ذلك.
قال بعضهم : إن ذلك :[ ﴿ فأما إن كان من المقربين ﴾ ﴿ فروح وريحان وجنات نعيم ﴾ ﴿ وأما إن كان من أصحاب اليمين ﴾ ﴿ فسلام لك من أصحاب اليمين ﴾ ]٢ [ الآيات : ٨٨ – ٩١ ] يقال للمؤمنين٣ عند الموت بشارة لهم بما يكون لهم في الجنة.
ومنهم من يقول : إنما يقال ذلك إذا دخل هؤلاء الجنة وأولئك النار ؛ أعني الكافرين، وهو ما ذكر :﴿ وأما إن كان من المكذبين الضالين ﴾ ﴿ فنزل من حميم ﴾ ﴿ وتصلية جحيم ﴾ [ الآيات : ٩٢ إلى ٩٤ ].
وجائز أن يكون يقال ذلك للمؤمنين٤ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة [ وهو ]٥ وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿ ومن ﴾٦عنده في الجنة ومكانهم لديه على ما كانوا في الدنيا : المقربون عنده ومكانهم لديه أقرب من مكان غيرهم من المؤمنين.
فعلى ذلك يخبر أن السابقين في الإجابة يكونون في الآخرة عنده أقرب. ويكون قوله :﴿ فروح وريحان ﴾ أي يستأنس هو بهم، ويستأنسون به، لا يفارقونه، ولا يفارقهم، على ما كانوا في الدنيا.
وسائر المؤمنين يسلمون عليه في أوقات، وهو ما ذكر :﴿ فسلام لك من أصحاب اليمين ﴾ [ الآية : ٩١ ] على ما كانوا يفعلون في الدنيا، وهو أقرب من الوجهين اللذين ذكرناهما.
ويحتمل ما ذكروا من البشارة عند الموت ؛ أعني المؤمنين والكافرين :
في حق المؤمنين [ قوله تعالى ]٧ :﴿ فأما إن كان من المقربين ﴾ ﴿ فروح وريحان وجنات نعيم ﴾ ﴿ وأما إن كان من أصحاب اليمين ﴾ [ ﴿ فسلام لك من أصحاب اليمين ﴾ ]٨ [ الآيات : ٨٨ – ٩١ ].
وفي حق الكفرة [ قوله تعالى ]٩ :﴿ وأما إن كان من المكذبين الضالين ﴾ ﴿ فنزل من حميم ﴾ ﴿ وتصلية جحيم ﴾ [ الآيات : ٩٢ - ٩٤ ].
ويحتمل [ ما ]١٠ ذكر بعضهم أن ذلك يقال لهم بعد ما دخل أهل الجنة الجنة وأصحاب النار النار، والله أعلم.
وقوله تعالى :﴿ فروح وريحان وجنات نعيم ﴾ اختلف في تلاوته [ وتأويله ]١١.
أما تلاوته [ فقد ]١٢ روي عن عائشة رضي الله عنها [ أنها ]١٣ قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذا الحرف : فروح وريحان ؛ يعني بضم١٤ الراء، وعن الحسن أنه قرأها بالضم أيضا، وعن الضحاك بفتح الراء، وعليه جميع القراء.
وقال أبو عبيد : لولا كراهة خلاف الأمة وإلا ما قرأتها إلا بالضم، ولكن لا أجد عليها أحد، فأستوحش من مفارقة الناس، ولا يجمع الله تعالى أمة محمد صلى الله عليه وسلم على الضلالة.
وأما تأويله فعلى قراءة الرفع عن الحسن [ أنه ]١٥ قال : الروح الرحمة، والريحان ريحانها، وعن أبي عبيد [ أنه ]١٦ قال : بالرفع هي١٧ الحياة والبقاء، وعن الضحاك بالفتح : الروح الاستراحة، والريحان الرزق.
وقال بعضهم : الروح كناية عن دوام النعمة والسعة ؛ يقال : فلان في روح إذا كان في سعة ونعمة، والريحان كناية عن الشرف والمنزلة ؛ يقال : فلان ريحاني، وذلك لشرفه ومنزلته. ومنهم من قال : الروح الراحة، والريحان الرزق في الجنة.
وقال بعضهم : الروح بالرفع من الرحمة، وبالنصب الراحة، ونحن نقول : جائز أن يكونا جميعا بالنصب والرفع من الرحمة لقوله تعالى :﴿ إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون ﴾١٨ [ يوسف : ٨٧ ] أي من رحمته وقوله١٩ في موضع آخر ﴿ وأيدهم بروح منه ﴾ [ المجادلة : ٢٢ ] يخبر الله تعالى أن المقربين يكونون في رحمة الله ونعمته، والله أعلم.
وقوله تعالى :﴿ وأما إن كان من أصحاب اليمين ﴾﴿ فسلام لك من أصحاب اليمين ﴾ [ الآيتان : ٩٠ و٩١ ] يحتمل ما وصفنا أن أصحاب اليمين يسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم ويحيّي بعضهم بعضا بالسلام.
ويحتمل ﴿ فسلام لك ﴾ [ أي السلامة لك ]٢٠ منهم من جميع الآفات والأذى.
وذكر في حرف ابن مسعود رضي الله عنه : فسلام إنك من أصحاب اليمين. فهذا إن ثبت فهو يخرج على البشارة له عند الموت، والله أعلم.
وقيل : يسلم عليهم الملائكة، والله أعلم.
١ في الأصل و م: إلى أخره..
٢ ساقطة من الأصل و م..
٣ في الأصل و م: لهم..
٤ في الأصل و م: لهم..
٥ ساقطة من الأصل و م..
٦ ساقطة من الأصل وم.
٧ ساقطة من الأصل و م..
٨ في الأصل و م: كذا..
٩ ساقطة من الأصل و م..
١٠ ساقطة من الأصل و م..
١١ من م، ساقطة من الأصل و م..
١٢ ساقطة من الأصل و م..
١٣ ساقطة من الأصل و م..
١٤ انظر معجم القراءات القرآنية ج ٧/٧٠..
١٥ ساقطة من الأصل و م..
١٦ ساقطة من الأصل و م..
١٧ في الأصل و م..
١٨ انظر معجم القراءات القرآنية ج ٣/١٨٩..
١٩ في الأصل و م: وقال..
٢٠ من م، ساقطة من الأصل..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٨٨:الآيتان ٨٨- ٩٤ وقوله تعالى :﴿ فأما إن كان من المقربين ﴾ ﴿ فروح وريحان وجنات نعيم ﴾ [ ﴿ وأما إن كان من أصحاب اليمين ﴾ ﴿ فسلام لك من أصحاب اليمين ﴾ ﴿ وأما إن كان من المكذبين الضالين ﴾ ﴿ فنزل من حميم ﴾ ﴿ وتصلية جحيم ﴾ ]١ اختلف في وقت ما ذكر لمن ذكر ذلك.
قال بعضهم : إن ذلك :[ ﴿ فأما إن كان من المقربين ﴾ ﴿ فروح وريحان وجنات نعيم ﴾ ﴿ وأما إن كان من أصحاب اليمين ﴾ ﴿ فسلام لك من أصحاب اليمين ﴾ ]٢ [ الآيات : ٨٨ – ٩١ ] يقال للمؤمنين٣ عند الموت بشارة لهم بما يكون لهم في الجنة.
ومنهم من يقول : إنما يقال ذلك إذا دخل هؤلاء الجنة وأولئك النار ؛ أعني الكافرين، وهو ما ذكر :﴿ وأما إن كان من المكذبين الضالين ﴾ ﴿ فنزل من حميم ﴾ ﴿ وتصلية جحيم ﴾ [ الآيات : ٩٢ إلى ٩٤ ].
وجائز أن يكون يقال ذلك للمؤمنين٤ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة [ وهو ]٥ وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿ ومن ﴾٦عنده في الجنة ومكانهم لديه على ما كانوا في الدنيا : المقربون عنده ومكانهم لديه أقرب من مكان غيرهم من المؤمنين.
فعلى ذلك يخبر أن السابقين في الإجابة يكونون في الآخرة عنده أقرب. ويكون قوله :﴿ فروح وريحان ﴾ أي يستأنس هو بهم، ويستأنسون به، لا يفارقونه، ولا يفارقهم، على ما كانوا في الدنيا.
وسائر المؤمنين يسلمون عليه في أوقات، وهو ما ذكر :﴿ فسلام لك من أصحاب اليمين ﴾ [ الآية : ٩١ ] على ما كانوا يفعلون في الدنيا، وهو أقرب من الوجهين اللذين ذكرناهما.
ويحتمل ما ذكروا من البشارة عند الموت ؛ أعني المؤمنين والكافرين :
في حق المؤمنين [ قوله تعالى ]٧ :﴿ فأما إن كان من المقربين ﴾ ﴿ فروح وريحان وجنات نعيم ﴾ ﴿ وأما إن كان من أصحاب اليمين ﴾ [ ﴿ فسلام لك من أصحاب اليمين ﴾ ]٨ [ الآيات : ٨٨ – ٩١ ].
وفي حق الكفرة [ قوله تعالى ]٩ :﴿ وأما إن كان من المكذبين الضالين ﴾ ﴿ فنزل من حميم ﴾ ﴿ وتصلية جحيم ﴾ [ الآيات : ٩٢ - ٩٤ ].
ويحتمل [ ما ]١٠ ذكر بعضهم أن ذلك يقال لهم بعد ما دخل أهل الجنة الجنة وأصحاب النار النار، والله أعلم.
وقوله تعالى :﴿ فروح وريحان وجنات نعيم ﴾ اختلف في تلاوته [ وتأويله ]١١.
أما تلاوته [ فقد ]١٢ روي عن عائشة رضي الله عنها [ أنها ]١٣ قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذا الحرف : فروح وريحان ؛ يعني بضم١٤ الراء، وعن الحسن أنه قرأها بالضم أيضا، وعن الضحاك بفتح الراء، وعليه جميع القراء.
وقال أبو عبيد : لولا كراهة خلاف الأمة وإلا ما قرأتها إلا بالضم، ولكن لا أجد عليها أحد، فأستوحش من مفارقة الناس، ولا يجمع الله تعالى أمة محمد صلى الله عليه وسلم على الضلالة.
وأما تأويله فعلى قراءة الرفع عن الحسن [ أنه ]١٥ قال : الروح الرحمة، والريحان ريحانها، وعن أبي عبيد [ أنه ]١٦ قال : بالرفع هي١٧ الحياة والبقاء، وعن الضحاك بالفتح : الروح الاستراحة، والريحان الرزق.
وقال بعضهم : الروح كناية عن دوام النعمة والسعة ؛ يقال : فلان في روح إذا كان في سعة ونعمة، والريحان كناية عن الشرف والمنزلة ؛ يقال : فلان ريحاني، وذلك لشرفه ومنزلته. ومنهم من قال : الروح الراحة، والريحان الرزق في الجنة.
وقال بعضهم : الروح بالرفع من الرحمة، وبالنصب الراحة، ونحن نقول : جائز أن يكونا جميعا بالنصب والرفع من الرحمة لقوله تعالى :﴿ إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون ﴾١٨ [ يوسف : ٨٧ ] أي من رحمته وقوله١٩ في موضع آخر ﴿ وأيدهم بروح منه ﴾ [ المجادلة : ٢٢ ] يخبر الله تعالى أن المقربين يكونون في رحمة الله ونعمته، والله أعلم.
وقوله تعالى :﴿ وأما إن كان من أصحاب اليمين ﴾﴿ فسلام لك من أصحاب اليمين ﴾ [ الآيتان : ٩٠ و٩١ ] يحتمل ما وصفنا أن أصحاب اليمين يسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم ويحيّي بعضهم بعضا بالسلام.
ويحتمل ﴿ فسلام لك ﴾ [ أي السلامة لك ]٢٠ منهم من جميع الآفات والأذى.
وذكر في حرف ابن مسعود رضي الله عنه : فسلام إنك من أصحاب اليمين. فهذا إن ثبت فهو يخرج على البشارة له عند الموت، والله أعلم.
وقيل : يسلم عليهم الملائكة، والله أعلم.
١ في الأصل و م: إلى أخره..
٢ ساقطة من الأصل و م..
٣ في الأصل و م: لهم..
٤ في الأصل و م: لهم..
٥ ساقطة من الأصل و م..
٦ ساقطة من الأصل وم.
٧ ساقطة من الأصل و م..
٨ في الأصل و م: كذا..
٩ ساقطة من الأصل و م..
١٠ ساقطة من الأصل و م..
١١ من م، ساقطة من الأصل و م..
١٢ ساقطة من الأصل و م..
١٣ ساقطة من الأصل و م..
١٤ انظر معجم القراءات القرآنية ج ٧/٧٠..
١٥ ساقطة من الأصل و م..
١٦ ساقطة من الأصل و م..
١٧ في الأصل و م..
١٨ انظر معجم القراءات القرآنية ج ٣/١٨٩..
١٩ في الأصل و م: وقال..
٢٠ من م، ساقطة من الأصل..

الآية٩٥ وقوله تعالى :﴿ إن هذا لهو حق اليقين ﴾ يقول هذا الذي ذكرنا للمقربين ولأصحاب اليمين وللمكذبين، هو حق اليقين أي كائن، لا محالة، لا شك فيه، مثل هذا يقال على التأكيد وتحقيق ما سبق ذكره ووصفه.
الآية ٩٦ وقوله تعالى :﴿ فسبح باسم ربك العظيم ﴾ يقول، والله أعلم : فسبح ربك باسم لا يسمى به غيره، أي نزهه عن جميع ما قالت الملحدة فيه من الولد والشريك وتسمية من دونه إلها وغيره ذلك، والله الموفق.
Icon