الوجهين. وهذه كلُّها لغاتٌ قد تقدَّم التنبيهُ عليها في آل عمران.
و ﴿مَّن ضَلَّ﴾ فاعل، و «إذا» ظرفٌ ناصبُه «يَضُرُّكم» أي: لا يَضُرَّكم الذي ضلَّ وقتَ اهتدائِكم، ويجوز أَنْ تكونَ شرطيةً وجوابُها محذوفٌ لدلالةِ الكلام عليه. وقال أبو البقاء: «ويبعد أن تكون ظرفاً ل» ضَلَّ «لأنَّ المعنى لا يَصِحُّ معه». قلت: لأنه يصير المعنى على نفي الضرر الحاصل مِمَّن يضل وقت اهتدائهم، فقد يُتَوَهَّم أنه لا ينفي عنهم ضرر مَنْ ضَلَّ في غيرِ وقتِ اهتدائهم، ولكنَّ هذا لا ينفي صِحَّة المعنى بالكليةِ كما ذَكَرَه.
قوله تعالى: ﴿شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ﴾ : هذه الآية وما بعدها من أشكلِ القرآنِ حُكْماً وإعراباً وتفسيراً، ولم يَزَلِ العلماء يستشكلونها ويَكِعَّون عنها حتى قال مكي بن أبي طالب - رحمه الله- في كتابه المسمى بالكشف: «هذه الآيةُ في قراءتها وإعرابها وتفسيرها ومعانيها وأحكامِها من أصعب آيٍ في القرآن وأشكلِها، قال:» ويحتمل أن يُبْسط ما فيها من العلوم في ثلاثين ورقة أو أكثر «قال: وقد ذكرناها مشروحة في كتاب مفرد». وقال ابن عطية: «وهذا كلام من لم يقع له الثلج في تفسيرها، وذلك بَيِّنٌ من كتابه» وقال السخاوي: «لم أر أحداً من العلماء تَخَلَّص كلامُه فيها من أولها إلى آخرها». وقال الواحدي: «وهذه الآية وما بعدها من أغوص