ثم قال تعالى :﴿فَلَمَّا تَرَاءتِ الفئتان﴾ أي التقى الجمعان بحيث رأت كل واحدة الأخرى نكص على عقيبه، والنكوص الأحجام عن الشيء، والمعنى : رجع وقال : إني أرى مالا ترون، وفيه وجوه : الأول : أنه روحاني، فرأى الملائكة فخافهم.
قيل : رأى جبريل يمشي بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام.
وقيل : رأى ألفاً من الملائكة مردفين.
الثاني : أنه رأى أثر النصرة والظفر في حق النبي عليه الصلاة والسلام، فعلم أنه لو وقف لنزلت عليه بلية.
ثم قال :﴿إِنّى أَخَافُ الله﴾ قال قتادة صدق في قوله :﴿إِنّي أرى مَا لاَ تَرَوْنَ﴾ وكذب في قوله :﴿إِنّى أَخَافُ الله﴾ وقيل لما رأى الملائكة ينزلون من السماء خاف أن يكون الوقت الذي أنظر إليه قد حضر فقال : ما قال إشفاقاً على نفسه.
أما قوله :﴿والله شَدِيدُ العقاب﴾ فيجوز أن يكون من بقية كلام إبليس، ويجوز أن ينقطع كلامه عند قوله أخاف الله.
ثم قال تعالى بعده :﴿والله شَدِيدُ العقاب ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٥ صـ ١٣٩ ـ ١٤١﴾


الصفحة التالية