وقال أبو حيان :
﴿ قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون ﴾
قرأ ابن مسعود وابن مصرف : هل يصيبنا مكان لن يصيبنا.
وقرأ ابن مصرف أيضاً وأعين قاضي الرّي : هل يصيبنا بتشديد الياء، وهو مضارع فيعل نحو : بيطر، لا مضارع فعل، إذ لو كان كذلك لكان صوّب مضاعف العين.
قالوا : صوب رأيه لما بناه على فعل، لأنه من ذوات الواو.
وقالوا : صاب يصوب ومصاوب جمع مصيبة، وبعض العرب يقول : صاب السهم يصيب، جعله من ذوات الياء، فعلى هذا يجوز أن يكون يصيبنا مضارع صيب على وزن فعل، والصيب يحتمل أن يكون كسيدوكلين.
وقال عمرو بن شقيق : سمعت أعين قاضي الري يقول : قل لن يصيبنا بتشديد النون.
قال أبو حاتم : ولا يجوز ذلك، لأن النون لا تدخل مع لن، ولو كانت لطلحة بن مصرف الحارث، لأنها مع هل.
قال تعالى :﴿ هل يذهبن كيده ما يغيظ ﴾ انتهى.
ووجه هذه القراءة تشبيه لن بلا وبلم، وقد سمع لحاق هذه النون بلا وبلم، فلما شاركتهما لن في النفي لحقت معها نون التوكيد، وهذا توجيه شذوذ.
أي : ما أصابنا فليس منكم ولا بكم، بل الله هو الذي أصابنا وكتب أي : في اللوح المحفوظ أو في القرآن من الوعد بالنصر، ومضاعفة الأجر على المصيبة، أو ما قضى وحكم ثلاثة أقوال : هو مولانا، أي ناصرنا وحافظنا قاله الجمهور.
وقال الكلبي : أولى بنا من أنفسنا في الموت والحياة.
وقيل : مالكنا وسيدنا، فلهذا يتصرف كيف شاء.
فيجب الرضا بما يصدر من جهته.
وقال ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا، وأن الكافرين لا مولى لهم، فهو مولانا الذي يتولانا ونتولاه. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٥ صـ ﴾