وقال مصنف هذا الكتاب محمد بن عمر الرازي رحمه الله : في اليوم الذي كنت أكتب هذه الأوراق وهو اليوم الأول من محرم سنة اثنتين وستمائة حصلت زلزلة شديدة، وهذه عظيمة وقت الصبح ورأيت الناس يصيحون بالدعاء والتضرع، فلما سكتت وطاب الهواء، وحسن أنواع الوقت نسوا في الحال تلك الزلزلة وعادوا إلى ما كانوا عليه من تلك السفاهة والجهالة، وكانت هذه الحالة التي شرحها الله تعالى في هذه الآية تجري مجرى الصفة اللازمة لجوهر نفس الإنسان.
والقول الثاني : أن هذه اللام لام العاقبة كقوله تعالى :﴿فاتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً وحزناً﴾ [ القصص : ٨ ] يعني أن عاقبة تلك التضرعات ما كانت إلا هذا الكفر.
واعلم أن المراد بقوله :﴿بما آتيناهم﴾ فيه قولان : الأول : أنه عبارة عن كشف الضر وإزالة المكروه.
والثاني : قال بعضهم : المراد به القرآن وما جاء به محمد ﷺ من النبوة والشرائع.
واعلم أنه تعالى توعدهم بعد ذلك فقال :﴿فتمتعوا﴾ وهذا لفظ أمر، والمراد منه التهديد، كقوله :﴿فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر﴾ [ الكهف : ٢٩ ] وقوله :﴿قل آمنوا به أو لا تؤمنوا﴾ [ الإسراء : ١٠٧ ].
ثم قال تعالى :﴿فسوف تعلمون﴾ أي عاقبة أمركم وما ينزل بكم من العذاب والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٠ صـ ٣٩ ـ ٤٣﴾


الصفحة التالية