القول الثاني : أن المراد أن الآخرة أعظم وأشرف من الدنيا، والمعنى أن المؤمنين يدخلون الجنة، والكافرين يدخلون النار، فيظهر فضل المؤمنين على الكافرين، ونظيره قوله تعالى :﴿أصحاب الجنة يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً﴾ [ الفرقان : ٢٤ ].
﴿ لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا (٢٢) ﴾
في الآية مسائل :
المسألة الأولى :
في بيان وجه النظم.
فنقول : إنه تعالى لما بين أن الناس فريقان منهم من يريد بعمله الدنيا فقط وهم أهل العقاب والعذاب، ومنهم من يريد به طاعة الله وهم أهل الثواب.
ثم شرط ذلك بشرائط ثلاثة : أولها : إرادة الآخرة.
وثانيها : أن يعمل عملاً ويسعى سعياً موافقاً لطلب الآخرة.
وثالثها ؛ أن يكون مؤمناً لا جرم فصل في هذه الآية تلك المجملات فبدأ أولاً بشرح حقيقة الإيمان، وأشرف أجزاء الإيمان هو التوحيد ونفي الشركاء والأضداد فقال :﴿لاَّ تَجْعَل مَعَ الله إلها ءاخَرَ﴾ ثم ذكر عقيبه سائر الأعمال التي يكون المقدم عليها، والمشتغل بها ساعياً سعياً يليق بطلب الآخرة، وصار من الذين سعد طائرهم وحسن بختهم وكملت أحوالهم.
المسألة الثانية :
قال المفسرون : هذا في الظاهر خطاب للنبي ﷺ، ولكن في المعنى عام لجميع المكلفين كقوله :﴿يأيُّهَا النبى إِذَا طَلَّقْتُمُ النساء﴾ [ الطلاق : ١ ] ويحتمل أيضاً أن يكون الخطاب للإنسان كأنه قيل : أيها الإنسان لا تجعل مع الله إلهاً آخر، وهذا الاحتمال عندي أولى، لأنه تعالى عطف عليه قوله :﴿وقضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إياه﴾ إلى قوله :﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الكبر أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا﴾ [ الإسراء : ٢٣ ] وهذا لا يليق بالنبي عليه السلام، لأن أبويه ما بلغا الكبر عنده فعلمنا أن المخاطب بهذا هو نوع الإنسان.
المسألة الثالثة :


الصفحة التالية