ولما كان المراد الجنس الشامل للكل ذكر فقال :﴿منفطر﴾ أي منشق متزايل من هيبة الرب تزايل المتفرط من السلك، ولو أنث لكان ظاهراً في واحدة من السماوات، وفي اختيار التذكير أيضاً لطيفة أخرى، وهي إفهام الشدة الزائدة في الهول المؤدي إلى انفطاره ما هو في غاية الشدة لأن الذكر في كل شيء أشد من الأنثى، وذلك كله تهويلاً لليوم المذكور ﴿به﴾ أي بشدة ذلك اليوم وباؤه للآلة، ويجوز كونها بمعنى " فيه " أي يحصل فيه التفطر والتشقق بالغمام ونزول الملائكة وغير ذلك من التساقط والوهي على شدة وثاقتها فما ظنك بغيرها.
ولما كان هذا عظيماً، استأنف بيان هوانه بالنسبة إلى عظمته سبحانه وتعالى فقال :﴿كان﴾ أي على كل حال وبكل اعتبار ﴿وعده﴾ أي وعد الله الذي تقدم ذكره في مظاهر العظمة، فالإضافة للمصدر على الفاعل ﴿مفعولاً﴾ أي سهلاً مفروغاً منه في أي شيء كان، فكيف إذا كان بهذا اليوم الذي هو محط الحكمة، أو الضمير لليوم فالإضافة إلى المفعول، إشارة إلى أن الوعد الواقع به وفيه لا بد منه، ومعلوم أنه لا يكون إلا من الله.
ولما كان ما مضى من هذه السورة من الأحكام والترغيب والترهيب مرشداً إلى معالي الأخلاق منقذاً من كل سوء، قال مستأنفاً مؤكداً تنبيهاً على عظمها وأنها مما ينبغي التنبيه عليه :﴿إن هذه﴾ أي القطعة المتقدمة من هذه السورة ﴿تذكرة﴾ أي تذكير عظيم هو أهل لأن يتعظ به المتعظ ويعتبر به المعتبر، ولا سيما ما ذكر فيها بأهل الكفر من أنواع العقاب.


الصفحة التالية