ولما كان التقدير : فاذكروهن، استثنى منه قوله :﴿ولكن لا تواعدوهن﴾ أي في ذكركم إياهن ﴿سراً﴾ ولما كان السر يطلق على ما أسر بالفعل وما هو أهل أن يسر به وإن جهر بين أن المراد الثاني وهو السر بالقوة فقال :﴿إلا أن تقولوا﴾ أي في الذكر لهن ﴿قولاً معروفاً﴾ لا يستحيي منه عند أحد من الناس، فآل الأمر إلى أن المعنى لا تواعدوهن إلا ما لا يستحيي من ذكره فيسر وهو التعريض ؛ فنصت هذه الآية على تحريم التصريح بعد إفهام الآية الأولى لذلك اهتماماً به لما للنفس من الداعية إليه. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٤٤٤﴾
قوله تعالى :﴿وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾
المناسبة
قال البقاعى :
ولما كانت عدة الوفاة طويلة فكان حبس النفس فيها عن النكاح شديداً وكانت إباحة التعريض قريبة من الرتع حول الحمى وكان من يرتع حول الحمى يوشك أن يواقعه خصها باتباعها النهي عن العقد قبل الانقضاء حملاً على التحري ومنعاً من التجري فقال :﴿ولا تعزموا﴾ أي تبتّوا أي تفعلوا فعلاً بتاً مقطوعاً به غير متردد فيه ﴿عقدة النكاح﴾ أي النكاح الذي يصير معقوداً للمعتدة عدة هي فيها بائن فضمن العزم البتة ولذلك أسقط " على " وأوقعه على العقدة التي هي من آثاره ولا تتحقق بدونه فكأنه قال : ولا تعزموا على النكاح باقين عقدته، وهو أبلغ مما لو قيل : ولا تعقدوا النكاح، فإن النهي عن العزم الذي هو سبب العقد نهي عن العقد بطريق الأولى. قال الحرالي : والعقدة توثيق جمع الطرفين المفترقين بحيث يشق حلها وهو معنى دون الكتب الذي هو وصلة وخرز ﴿حتى يبلغ الكتاب﴾ أي الذي تقدم فيما أنزلت عليكم منه بيان عدة من زالت عصمتها من رجل بوفاه أو طلاق، أو ما كتب وفرض من العدة ﴿أجله﴾ أي أخر مدته التي ضربها للعدة.


الصفحة التالية