وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ﴾
في "مِنْ" أربعة أقوال.
أحدها : أنها صلة، والمعنى : الذين عاهدتم.
الثاني : أنها للتبعيض، فالمعنى : إن شر الدواب الكفار، وشرُّهم الذين عاهدت ونقضوا.
والثالث : أنها بمعنى "مع" والمعنى : عاهدت معهم.
والرابع : أنها دخلت، لأن العهد أُخذ منهم.
قوله تعالى :﴿ ثم ينقضون عهدهم في كل مرة ﴾ أي : كلما عاهدتهم نقضوا.
وفي قوله :﴿ وهم لا يتقون ﴾ قولان.
أحدهما : لا يتَّقون نقض العهد.
والثاني : لا يتَّقون الله في نقض العهد.
قال المفسرون : كان رسول الله ﷺ قد عاهد يهود قريظة أن لا يحاربوه ولا يعاونوا عليه، فنقضوا العهد وأعانوا عليه مشركي مكة بالسلاح، ثم قالوا : نسينا وأخطأنا ؛ ثم عاهدوه الثانية، فنقضوا ومالؤوا الكفار يوم الخندق، وكتب كعب ابن الأشرف إلى مكة يوافقهم على مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٣ صـ ﴾
وقال القرطبى :
﴿ الذين عَاهَدْتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ ﴾
أي لا يخافون الانتقام.
"ومن" في قوله "منهم" للتبعيض ؛ لأن العهد إنما كان يجري مع أشرافهم ثم ينقضونه.
والمعنيُّ بهم قُريظة والنضير ؛ في قول مجاهد وغيره.
نقضوا العهد فأعانوا مشركي مكة بالسلاح، ثم اعتذروا فقالوا : نسينا ؛ فعاهدهم عليه السلام ثانية فنقضوا يوم الخندق. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٨ صـ ﴾


الصفحة التالية