وأما بنو إسرائيل فلم يكن عندهم من المعرفة إلا ما شاهدوا من إحسانه تعالى إلى موسى عليه السلام بإظهار تلك الآيات على يده حتى استنقذهم بها مما كانوا فيه، ومنع موسى عليه السلام مع وحدته من سطوات فرعون على عظمته وما كان يواجهه به من المكروه، فلما رأوا جموعه مقبلة كان حالهم مقتضياً للسؤال عن ذلك المحسن بإظهار تلك الآيات : هل هو مع موسى عليه السلام على ما كان عليه فيمنعهم ام لا؟ فلذلك قد إنكار الإدراك ثم إثبات المعية على سيبل الخصوص به، وعبر عن الإله باسم الرب الدال على ذلك الإحسان المذكر به فقال ﴿كلا إن معي ربي﴾ [ الشعراء : ٦٢ ] فكأن قيل : ماذا يفعل والبحر أمامنا والعدو وراءنا؟ فقال " سيهدين " أي إلى ما أفعل، يعرف ذلك من كان متضلعاً بالسير وقصص بني إسرائيل على ما ذكرتها في الأعراف عن التوارة، مستحضراً لأن الصديق ـ رضى الله عنهم ـ كان في صعودهما إلى الغار يذكر الرصد فيتقدم النبي ـ ﷺ ـ ليفتديه بنفسه ثم يذكر الطلب فيتأخر ثم يذكر ما عن اليمين والشمال فينتقل إليهما، ويقول للنبي ـ ﷺ ـ : إن قتلت أنا فأنا رجل واحد، وإن قتلت أنت هلكت الأمة، وأنه كان عارفاً بأن الله تعالى تكفل بإظفار الدين على يد رسول الله ـ ﷺ ـ المتضمن لحراسة نفسه الشريفة قبل ذلك، ولذلك كان به في هذا اليوم من القلق ما ذكر، وكان عند وفاة النبي ـ ﷺ ـ أثبت الناس، ولذلك أتى بالفاء المعقبة في قوله :﴿فأنزل الله﴾ أي الملك الأعظم ﴿سكينته﴾ أي السكون المبالغ فيه المؤثر للنسك ﴿عليه﴾ أي الصديق - كما قاله ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ - لأن السكينة لم تفارق النبي ـ ﷺ ـ، ثم عطف على نصره الله قوله :﴿وأيده﴾ أي النبي ـ ﷺ ـ واختلاف الضمائر هنا لا يضر لأنه غير مشتبه ﴿بجنود لم تروها﴾ أي من الملائكة الكرام ﴿وجعل كلمة﴾ أي دعوة