﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذّبِينَ حتى نَبْعَثَ رَسُولاً ﴾ وإنما ذُكر ما وقع قبلها بياناً لعراقتهم في الكفر والتكذيبِ، وعلى التقديرين فالضمائرُ الثلاثةُ متوافقةٌ في المرجع، وقيل : ضميرُ كذبوا راجعٌ إلى قوم نوحٍ عليه السلام، والمعنى فما كان قومُ الرسلِ ليؤمنوا بما كَذب بمثله قومُ نوح، ولا يخفى ما فيه من التعسف، وقيل : الباءُ للسببية أي بسبب تعوُّدِهم تكذيبَ الحقِّ وتمرُّنِهم عليه قبل بعثة الرسلِ، ولا يخفى أن ذلك يؤدّي إلى مخالفة الجمهورِ من جعل ما المصدريةِ من قبيل الأسماءِ كما هو رأيُ الأخفشِ وابنِ السرّاج ليرجِع إليها الضميرُ وفي إرجاعه إلى الحق بادعاء كونِه مركوزاً في الأذهان ما لا يخفى من التعسف ﴿ كذلك ﴾ أي مثلَ ذلك الطبعِ المُحكَم ﴿ نَطْبَعُ ﴾ بنون العظمةِ وقرىء بالياء على أن الضميرَ لله سبحانه ﴿ على قُلوبِ المعتدين ﴾ المتجاوزين عن الحدود المعهودةِ في الكفر والعناد المتجافين عن قَبول الحق وسلوكِ طريقِ الرشادِ، وذلك بخذلانهم وتخليتهم وشأنَهم لانهماكهم في الغيّ والضلالِ وفي أمثال هذا دلالةٌ على أن الأفعالَ واقعةٌ بقدرة الله تعالى وكسب العبد. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية