ولما كان الاسم إذا كان ناشئاً عن الله تعالى سواء كان بواسطة نبي من أنبيائه أو بغير واسطة يكن مخبراً عن كيان المسمى، وكان التقدير : رفع عنكم الحرج وسماكم بالإسلام لتكونوا أشد الأمم انقياداً لتكونوا خيرهم، علل هذا المعنى بقوله :﴿ليكون الرسول﴾ يوم القيامة ﴿شهيداً عليكم﴾ لأنه خيركم، والشهيد يكون خيراً ولكون السياق لإثبات مطلق وصف الإسلام فقط، لم يقتض الحال تقديم الظرف بخلاف آية البقرة، فإنها لإثبات ما هو أخص منه ﴿وتكونوا﴾ بما في جبلاتكم من الخير ﴿شهداء على الناس﴾ بأن رسلهم بلغتهم رسالات ربهم، لأنكم قدرتم الرسل حق قدرهم، ولم تفرقوا بين أحد منهم، وعلمتم أخبارهم من كتابكم على لسان رسولكم ـ ﷺ ـ، فبذلك كله صرتم خيرهم، فأهلتم للشهادة وصحت شهادتكم وقبلكم الحكم العدل، وقد دل هذا على أن الشهادة غير المسلم ليست مقبولة.
ولما ندبهم لأن يكونوا خير الناس، تسبب عنه قوله :﴿فأقيموا﴾ أي فتسبب عن إنعامي عليكم بهذه النعم وإقامتي لكم في هذا المقام الشريف أني أقول لكم : أقيموا ﴿الصلاة﴾ التي هي زكاة قلوبكم، وصلة ما بينكم وبين ربكم ﴿وآتوا الزكاة﴾ التي هي طهرة أبدانكم، وصلة ما بينكم وبين إخوانكم ﴿واعتصموا بالله﴾ أي المحيط بجميع صفات الكمال.


الصفحة التالية
Icon