قوله تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ﴾
سؤال : لم أسقط فاء السبب فى كلمة ﴿أولئك﴾
ولما كان المضارع دالاً على التجديد المستمر وكان الإصرار المتصل بالموت دالاً على سوء الجبلة أسقط فاء السبب إشارة إلى استحقاقهم للخزي في نفس الأمر من غير نظر إلى سبب فقال :﴿أولئك﴾ أي البعداء البغضاء ﴿يلعنهم الله﴾ أي يطردهم الملك الأعظم طرد خزي وذل ﴿ويلعنهم اللاعنون﴾ أي كل من يصح منه لعن ؛ أي هم متهيؤن لذلك ثم يقع لهم ذلك بالفعل عند كشف الغطاء.
أهـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٢٨٩﴾
سؤال : لم وسط اسم الإشارة ﴿أولئك﴾ بين اسم ﴿إنَّ﴾ وخبرها ؟ ولم عبر باسم الإشارة البعيد ؟
الجواب : وقوله :﴿أولئك﴾ إشارة إلى ﴿الذين يكتمون﴾ وسط اسم الإشارة بين اسم ﴿إنَّ﴾ وخبرها للتنبيه على أن الحكم الوارد بعد ذلك قد صاروا أحرياء به لأجل تلك الصفات التي ذكرت قبله بحيث إن تلك الصفات جعلتهم كالمشاهدين للسامع فأشير إليهم وهو في الحقيقة إشارة إلى أوصافهم، فمن أجل ذلك أفادت الإشارة التنبيه على أن تلك الأوصاف هي سبب الحكم وهو إيماء للعلة على حد :﴿أولئك على هدى من ربهم﴾ [البقرة : ٥].
واختير اسم إشارة البعيد ليكون أبعث للسامع على التأمل منهم والالتفات إليهم أو لأن اسم الإشارة بهذه الصيغة هو الأكثر استعمالاً في كلامهم.
أهـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٦٧﴾
قوله تعالى :﴿وَيَلْعَنُهُمُ اللاعنون﴾
قال قتادة والربيع : المراد بـ " اللاعنون" الملائكة والمؤمنون.
قال ابن عطية : وهذا واضح جارٍ على مقتضى الكلام.
وقال مجاهد وعكرمة : هم الحشرات والبهائم يصيبهم الجدْب بذنوب علماء السوء الكاتمين فيلعنونهم.


الصفحة التالية