وقال ابن عطية فى الآيات السابقة :
﴿ يَا أَيُّهَا الذين ءَامَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تجَارَة ﴾
ثم ندب تعالى المؤمنين وحضهم على الجهاد بهذه التجارة التي بينها، وهي أن يعطي المرء نفسه وماله، ويأخذ ثمناً جنة الخلد. وقرأ جمهور القراء والناس :" تُنْجِيكُم " بتخفيف النون وكسر الجيم دون شد، وقرأ ابن عامر وحده والحسن والأعرج وابن أبي إسحاق :" تُنَجِّيكم " بفتح النون وشد الجيم، وقوله تعالى :﴿ تؤمنون ﴾ لفظه الخبر ومعناه الأمر أي آمنوا، وفي مصحف عبد الله بن مسعود :" أليم آمنوا بالله ورسوله وجاهدوا "، وقوله ﴿ تؤمنون ﴾ فعل مرفوع تقديره ذلك أنه تؤمنون، وقال الأخفش : هو عطف بيان على ﴿ تجارة ﴾، قال المبرد : هو بمعنى آمنوا على الأمر ولذلك جاء ﴿ يغفر ﴾ مجزوماً، وقوله تعالى :﴿ ذلكم ﴾ أشار إلى الجهاد والإيمان، و﴿ خير ﴾ هنا يحتمل أن يكون للتفضيل، فالمعنى من كل عمل، ويحتمل أن يكون إخباراً، أن هذا خير في ذاته ونفسه، وانجزم قوله ﴿ يغفر ﴾ على الجواب للأمر المقدر في ﴿ تؤمنون ﴾، أو على ما يتضمنه قوله :﴿ هل أدلكم ﴾ من الحض والأمر وإلى نحو هذا ذهب الفراء، وروي عن أبي عمرو بن العلاء أنه قرأ :" يغفلكم " بإدغام الراء في اللام ولا يجيز ذلك سيبويه وقوله تعالى :﴿ ومساكن ﴾ عطف على ﴿ جنات ﴾، وطيب المساكن سعتها وجمالها، وقيل طيبها المعرفة بدوام أمرها، وهذا هو الصحيح، وأي طيب مع الفناء والموت.