قال بعضهم قوله :﴿وَإِذَا رَأَيْتَ﴾ خطاب لمحمد خاصة، والدليل عليه أن رجلاً قال لرسول الله ﷺ : أرأيت إن دخلت الجنة أترى عيناي ما ترى عيناك ؟ فقال نعم، فبكى حتى مات، وقال آخرون : بل هو خطاب لكل أحد.
قوله تعالى :﴿عاليهم ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ﴾
فيه مسائل :
المسألة الأولى :
قرأ نافع وحمزة عاليهم بإسكان الياء والباقون بفتح الياء أما القراءة الأولى : فالوجه فيها أن يكون عاليهم مبتدأ، وثياب سندس خبره، والمعنى ما يعلوهم من لباسهم ثياب سندس، فإن قيل : عاليهم مفرد، وثياب سندس جماعة، والمبتدأ إذا كان مفرداً لا يكون خبره جمعاً، قلنا : المبتدأ، وهو قوله :﴿عاليهم﴾ وإن كان مفرداً في اللفظ، فهو جمع في المعنى، نظيره قوله تعالى :﴿مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامرا تَهْجُرُونَ، فَقُطِعَ دَابِرُ القوم﴾ [ المؤمنون : ٦٧ ] كأنه أفرد من حيث جعل بمنزلة المصدر أما القراءة الثانية : وهي فتح الياء، فذكروا في هذا النصب ثلاثة أوجه الأول : أنه نصب على الظرف، لأنه لما كان عالي بمعنى فوق أجرى مجراه في هذا الإعراب، كما كان قوله :﴿والركب أَسْفَلَ مِنكُمْ﴾ [ الأنفال : ٤٢ ] كذلك وهو قول أبي علي الفارسي والثاني : أنه نصب على الحال، ثم هذا أيضاً يحتمل وجوهاً أحدها : قال أبو علي الفارسي : التقدير : ولقاهم نضرة وسروراً حال ما يكون عاليهم ثياب سندس وثانيها : التقدير : وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً حال ما يكون عاليهم ثياب سندس وثالثها : أن يكون التقدير ويطوف على الأبرار ولدان، حال ما يكون الأبرار عاليهم ثياب سندس ورابعها : حسبتهم لؤلؤاً منثوراً، حال ما يكون عاليهم ثياب سندس، فعلى الاحتمالات الثلاثة الأول : تكون الثياب الأبرار، وعلى الاحتمال الرابع تكون الثياب ثياب الولدان الوجه الثالث : في سبب هذا النصب، أن يكون التقدير : رأيت أهل نعيم وملك عاليهم ثياب سندس.