﴿وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أمثالهم﴾ أي إذا شئنا أهلكناهم وآتينا بأشباههم فجعلناهم بدلاً منهم، وهو كقوله :﴿على أَن نُّبَدّلَ أمثالكم﴾ [ الواقعة : ٦١ ] والغرض منه بيان الاستغناء التام عنهم كأنه قيل : لا حاجة بنا إلى أحد من المخلوقين ألبتة، وبتقدير أن تثبت الحاجة فلا حاجة إلى هؤلاء الأقوام، فإنا قادرون على إفنائهم، وعلى إيجاد أمثالهم، ونظيره قوله تعالى :﴿إِن يَشأ * يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا الناس وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ الله على ذلك قَدِيراً﴾ [ النساء : ١٣٣ ] وقال :﴿إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذلك عَلَى الله بِعَزِيزٍ﴾ [ إبراهيم : ١٩، ٢٠ ] ثم قيل :﴿بدلنا أمثالهم﴾ أي في الخلقة، وإن كانوا أضدادهم في العمل، وقيل : أمثالهم في الكفر.
المسألة الثالثة :
قال صاحب الكشاف في قوله :﴿وَإِذَا شِئْنَا﴾ إن حقه أن يجيء بأن لا بإذا كقوله :﴿وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ﴾ [ محمد : ٣٨ ] ﴿إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ﴾ [ النساء : ١٣٣ ] واعلم أن هذا الكلام كأنه طعن في لفظ القرآن، وهو ضعيف لأن كل واحد من إن وإذا حرف الشرط، إلا أن حرف إن لا يستعمل فيما يكون معلوم الوقوع، فلا يقال : إن طلعت الشمس أكرمتك، أما حرف إذا فإنه يستعمل فيما كان معلوم الوقوع، تقول : آتيك إذا طلعت الشمس، فههنا لما كان الله تعالى عالماً بأنه سيجيء وقت يبدل الله فيه أولئك الكفرة بأمثالهم في الخلقة وأضدادهم في الطاعة، لا جرم حسن استعمال حرف إذا. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٣٠ صـ ٢٢٥ ـ ٢٣٠﴾


الصفحة التالية